ماذا تغيّر في الريال؟ وكيف عاد الأتليتي؟

15 ابريل 2015
+ الخط -

"في مباريات الذهاب والعودة، فلسفتي تعني تجنّب الهزيمة، ولا أفكر أبداً في الخسارة". يتحدث دييجو سيميوني عن تجربته الطويلة مع كرة القدم، والتي انعكست بالإيجاب على لاعبيه، ليصبح فريق أتليتكو مدريد صعب المراس خلال كافة النهائيات، سواء في دوري الأبطال أو كأس الملك، وهذا ما حدث بالفعل أمام ريال مدريد في ذهاب ربع النهائي. صحيح أن الأتليتي لم ينتصر، لكنه أيضاً لم يخسر.

كراهية الخسارة



كعادته في "الديربي" المدريدي، يختار الشولو طريقة لعبه المفضّلة، خطة 4-4-2 الضيقة التي تعتمد على وجود أربعة خطوط داخل الملعب، رباعي دفاعي ثم رباعي بالوسط، فلاعب حر يعقبه مهاجم صريح. وفي سبيل الوصول إلى أفضل صيغة ممكنة لهذه الطريقة، وضع الأرجنتيني الثنائي جريزمان وماندزوكيتش في الأمام، مع الدفع بكوكي وتوران على الأطراف، يعاونهما جابي وسواريز في العمق.

مع الاستمرار في الصلابة الدفاعية، بوجود كل من سيكييرا وجودين وميراندا وخوانفران بالخلف، خط الدفاع الأخير أمام الحارس أوبلاك، الرجل الذي قدم شوطاً أول تاريخياً، وأنقذ مدربه سيميوني من سيناريو كاد أن يكون قاتلاً، ليستمر الأرجنتيني في الحفاظ على سجله الناصع هذا الموسم أمام حامل لقب ذات الأذنين.

إلى النصر




"هذه المرة ريال مدريد سيكون مختلفاً، وسنلعب مباراة مغايرة تماماً لكل المواجهات السابقة". واجه أنشيلوتي التحدي الكبير للغريم اللدود، وبعد أن فشل في الفوز على الأتليتي لمدة ست مباريات هذا الموسم، رصد المدرب الايطالي كل أسلحته من أجل الوصول إلى الانتصار الأول له على دييجو سيميوني منذ نهائي دوري الأبطال في العام المنصرم.

تخلى أنشيلوتي عن خطة 4-4-2 وتحوّل إلى مزيج بينها وبين 4-3-3، ربما لعودة جيمس رودريجز إلى التشكيلة الأساسية، ومن الممكن بسبب جلوس إيسكو على دكة البدلاء، لذلك كان الرهان الرئيسي على مثلثات الوسط، كروس كارتكاز وحيد خلف الثنائي لوكا مودريتش ورودريجز، من أجل إعطاء الحرية الكاملة للنجوم الكبار في الثلث الأخير، كريم بنزيما في العمق، بين كل من جاريث بيل ورونالدو، ثلاثي هجومي دون تأويل.

شوط أبيض
قدم الريال شوطاً أول غير طبيعي، ولعب 45 دقيقة من نار، وكانت السلبية الوحيدة فقط عدم تمكّن نجومه من تسجيل أهداف. ومع كامل الاحترام لكل الفريق، فإن التفوّق يعود بشكل كبير إلى ثلاثي الوسط، كروس، لوكا، جيمس، المثلث الذي أعاد الاستحواذ الإيجابي لفريق كارلو، وجعله أخطر كثيراً على المرمى، لذلك صنع الملكي فرصاً عديدة ووصل هجومه إلى منطقة الجزاء في أكثر من مناسبة.

غاب مودريتش لفترة طويلة وتحدث الجميع عن قوته، لكن أهمل معظم المتابعين التأثير الواضح للكولومبي رودريجز، خصوصاً أنه صانع ألعاب من الطراز المباشر، ويتفوق على نظيره إيسكو في أنه أكثر فعالية على المرمى، سواء من ناحية تسجيل الأهداف أو صناعتها، وذلك يعود إلى طبيعة مركزه القديم كمهاجم متأخر وصانع ألعاب حقيقي في تشكيلة منتخب بلاده وفريقه السابق موناكو.

يحصل كروس على الكرة الأولى، ويساهم مودريتش في القطع السريع من الدفاع إلى الهجوم، بسرعته الواضحة في التحوّل بين الخطوط، ليأتي الدور على جيمس كلاعب وسط متقدم، يحصل على اللعبة وينقلها إلى لاعبي الهجوم، سواء من موقعه في مركز الملعب، أو تحوله إلى الطرف كجناح مركزي بالتبادل مع رونالدو الذي يصبح مهاجماً حقيقياً بجوار البنز. هكذا صنع الريال كامل الخطورة أمام أصحاب الأرض في أوروبا.

بنزيمة
انخفض مستوى رودريجز، فقلّ كثيراً مردود الريال، لكن أتليتكو هو الآخر عرف كيف يعود سريعاً للمباراة، لذلك كان الشوط الثاني من نصيب "الروخيبلانكوس"، خصوصاً مع تحركات أردا توران وميله إلى خط الوسط أمام محاور الارتكاز، لمحاولة الحصول على الكرة والوقوف أمام قوة الريال بالمنتصف، ومع مرور الدقائق أصبحت الكفة متوازنة بين الفريقين، حتى مالت في الدقائق الأخيرة إلى الأتليتي بعد تغييرات سيميوني بالنهايات.

قوة أتليتكو مدريد في المباراة تكمن في كيفية الدفاع بشكل جماعي أثناء لحظات الضغط، فالريال لعب بشكل مغاير هذه المرة، لكن الخط الخلفي بقيادة جودين وميراندا كان على الموعد، لذلك لم يظهر بنزيما بمستواه المعهود حتى لحظة تغييره ونزول إيسكو، ليلعب الريال بدون مهاجم حقيقي، وينعزل رونالدو تماماً عن المباراة، لأنه فقد أهم أسلحته، التحرك في العمق مع سحب كريم للمدافعين، ومع خروج الجزائري الفرنسي، وجد البرتغالي نفسه في مباراة غريبة عليه.

سيميوني

قام سيميوني بعدة تغييرات قلبت مجريات اللعب، خصوصاً بعد نزول كل من راؤول جارسيا وفرناندو توريس مكان جريزمان وكوكي، ليحافظ الأتليتي على طريقة 4-4-2، لكن مع فعالية هجومية أكبر، لأن الأرجنتيني رمى بكل ثقله داخل منطقة الجزاء، ولعب في الأمتار الأخيرة بثنائي من المهاجمين أمام دفاع الريال، لذلك جاءت الخطورة عن طريق العرضيات المستمرة، ووجود غابة من السيقان أمام مرمى كاسياس.

راؤول جارسيا، اللاعب المجهول، جناح عند الحاجة ومهاجم متأخر أثناء الكرات الطولية، ومدافع يعرف كيف يقلل من خطورة الظهيرين الهجومية، لذلك عانى مارسيلو بعض الشيء قبل صافرة الحكم أمام جارسيا، وقلّت محاولاته الهجومية في الجانب الأيسر، قبل أن ينال بطاقة صفراء ويغيب عن مباراة العودة، وهو تصرّف أحزن أنشيلوتي الذي يعوّل كثيراً على المهاري البرازيلي.

في النهاية، نتيجة التعادل السلبي لا تعني شيئاً، لكنها ستلقي مزيداً من الضغط على فريق "الميرينجي"، وتبقى كلمة الحسم في ملعب سانتياجو برنابيو، وفي حالة تسجيل هدف من الضيوف، سنشاهد قمة على صفيح ساخن، أقوى من مباراة الذهاب، وأشرس من المواجهات السبع السابقة.
المساهمون