كوبر لـ"العربي الجديد": جئت لفك نحس الفراعنة مع المونديال

25 مارس 2015
+ الخط -

لم يعد خافياً على أحد من عشاق كرة القدم المصرية والأفريقية أن منتخب الفراعنة يمر بأزمة حقيقية، وحالة من الانهيار ربما لم تتصدع بها أركانه على مدار تاريخه الطويل والعريق، مثلما هو حادث الآن.

ولن يستطيع أحد أن يغمض عينيه عن كوارث كروية شهدها أقدم منتخب في أفريقيا بدءا من الخروج المخزي من تصفيات كأس الأمم الأفريقية في غينيا الاستوائية والجابون عام 2012، وكذلك وداع تصفيات البطولة ذاتها في نسختها عام 2013 بشكل مهين ومضحك على يد منتخب أفريقيا الوسطى، مرورا بتحول حلم بلوغ نهائيات كأس العالم في البرازيل إلى أسوأ كابوس تجسد للملايين عن طريق أقدام لاعبي غانا، ولم تكن الإطاحة بالأميركي بوب برادلي والاستعانة بالمصري شوقي غريب، بمثابة حبل نجاة بعد أن تلقى المدرب الوطني صدمة، ربما تكون السبب في القضاء على مستقبله كمدرب بخروجه من تصفيات أمم أفريقيا للمرة الثالثة على التوالي محملا بأربع هزائم أمام تونس والسنغال وفوزين هزيلين على منتخب بتسوانا، لذلك أطاح اتحاد الكرة المصري به واستقر بعد عناء على إسناد مهمة قيادة منتخب مصر للأرجنتيني هيكتور كوبر أحد الأسماء اللامعة علي صعيد المستديرة في بلاد التانجو، وهو ثاني أرجنتيني يتولى قيادة الفراعنة بعد خوسيه داميكو، حيث تولى داميكو دفة المنتخب المصري في 1980، ولم يضف جديدًا، وترك القيادة في نفس العام غير مأسوف عليه.

بعيداً عن مشواره الطويل مع مختلف الأندية التي دربها، فإن هيكتور كوبر يعتبر مدرباً تكتيكياً بامتياز، كعادة المديرين القادمين من بلاد الفضة الأرجنتين، ويمتاز الرجل بعقل كروي رفيع المقام، جعل رجلاً مثل لويس فان جال يمدحه قديماً في أكثر من مقابلة، واصفاً إياه بالمنافس الصعبة مواجهته وتوقع أفكاره الفنية، لذلك يجب الحذر الدائم منه ومن فرقه، إذا جاءت الفرصة وتمت المواجهة بين الطرفين.

كوبر من أنصار خطتي 4-4-2 و3-5-2، مع استخدام استراتيجية الضغط والرقابة المتنوعة طوال التسعين دقيقة، ويميل في الغالب إلى الدفع بلاعب وسط قوي وسريع من أجل المساعدة في عملية التحولات، مع لاعب آخر متقدم خلف الثنائي الهجومي الذي يراهن عليه في معظم المحافل التي درب خلالها.

هيكتور كوبر المدير الفني الجديد للمنتخب المصري، والذي بدأ مهمته رسميا مع جيل جديد من اللاعبين تحدث لـ "العربي الجديد" عن طموحاته مع الفراعنة ومشواره التدريبي وأهم المحطات في حياته.

• بداية كوبر.. ما انطباعك عن الكرة المصرية بشكل خاص والعربية على وجه العموم؟
أولا معلوماتي كانت قليلة ومحدودة عن الكرة المصرية، وبدأت في القراءة لتكوين خلفية وقاعدة معلومات جيدة عنها، بعد أن تلقيت عرض قيادة منتخب مصر، ومن هذه القراءات حصلت على انطباع جيد، لكون منتخب مصر الأقدم والأعرق والأكثر تحقيقا للإنجازات القارية بين المنتخبات الأفريقية، ويواجهه بشكل دائم سوء حظ في تصفيات كأس العالم والفريق يمر بحالة من عدم الاتزان منذ أكثر من أربعة أعوام، وسأعمل على علاج أسباب هذه الحالة السلبية.. وعن الكرة العربية لدي عنها انطباع جيد من خلال الفترة القصيرة التي توليت خلالها تدريب نادي الوصل الإماراتي، ولكن التجربة لم تنجح.

• وما أسباب فشل التجربة الإماراتية؟
ربما لعدم تأقلم لاعبي الوصل على أسلوب الأداء الأوروبي واللاتيني الذي اتبعته.. وبشكل واضح وعلمي فإن الفشل مثل النجاح من الأمور الواردة في أي عمل، وهو الذي حدث بالفعل وأتحمله في تجربتي القصيرة في الإمارات مع الوصل.

• بعضهم يخشى من تكرار تجربتك في الوصل مع منتخب مصر؟
إذا كان الفشل واردا كما أوضحت، فإن معالجة السلبيات من الأمور الضرورية أيضاً، وأعتقد أنني سأترك بصمة جيدة مع المصريين، ولا داعي لاستباق الأحداث أو هذه النظرة التشاؤمية.

• وما بواعث تلك الثقة؟
حالة السعادة والحماس التي تسيطر على لاعبي منتخب مصر، منذ تجمعهم الأول وحرصهم على الانتظام، وبدأنا بشكل جيد، وحرصت على جمع المعلومات عن كل لاعب منذ اليوم الأول، واجتمعت مع اللاعبين وقلت لهم: "كرة القدم مهمة جدا.. حبكم لبلادكم سيكون له دور كبير في نجاحكم واستعادتكم لتوازنكم، أنتم أبطال وعليكم دائما أن تحافظوا على ذلك بكل جهد وعرق وتفان".

• ولكن منتخب مصر يمر بظروف شديدة الصعوبة أدت به إلى الانهيار بشكل حقيقي؟
أعظم منتخبات العالم تعرضت لحالة كهذه، ومنها منتخب بلادي الأرجنتين، والبرازيل وإنجلترا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا خلال فترات زمنية مختلفة، وتمكنت من تجاوز كبواتها وعادت إلى الساحة بقوة، ومنتخب مصر قادر على تجاوز إخفاقاته إذا ما أراد اللاعبون ذلك، لأن الإرادة هي التي تصنع الأجيال والإنجازات.

•جئت إلى مصر مصحوباً بالأزمات ومنها عدم الاتفاق بشكل نهائي على التعاقد مع مساعدك الأرجنتيني، وعدم تدخلك في قائمة منتخب مصر قبل السفر للانتظام في معسكر المغرب.. ما تعليقك؟
بالنسبة لمساعدي.. لا توجد أي أزمات ولم يتمكن من مصاحبتي في الحضور إلى مصر بسبب تعرضه لظروف خاصة، وسيكون في مصر خلال أبريل/نيسان المقبل، ربما بعد عودتنا من المغرب، وبالنسبة لقائمة لاعبي المعسكر الحالي فأنا الذي قمت باختيارهم من خلال مشاهدتي مباريات منتخب مصر أمام السنغال وتونس وبتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية الأخيرة، بالإضافة لمشاهدتي مواجهات فرق المحترفين المصريين، ولدي خبرة كبيرة في عالم التدريب، وعندي وعي كامل بأسس هذه المهنة، والقائمة الحالية للمنتخب مبدئية، وسيكون للفريق قوام أساسي وعناصر تمثل قاعدة الاختيار مع انتظام الدوري المحلي، ولا بد في بداية التجربة من أن أرى جميع العناصر التي اختارتها بمعاونة الجهاز الفني المساعد الكابتن أسامة نبيه، والذي قدم جهدا مخلصا طوال الفترة الماضية.

• من لفت نظرك من المحترفين المصريين ؟
جميع من ضمتهم القائمة لاعبون على أعلى مستوى، لديهم رؤية وشخصية في الملعب، فضلا عن أنهم مجتهدون ولديهم الطموح.

• وما رأيك في محمد صلاح، مهاجم فيورنتينا الإيطالي؟
بالرغم من أن عشاق الكرة في العالم لهم رأي إيجابي في محمد صلاح، إلا أنني كمدرب لا أستطيع أن أعلن رأيي فيه كمتفرج، هو نموذج للاعب المهاري الذي يوظف إمكاناته للفريق الذي يمثله، وهذا سر تألقه مع جميع الفرق التي شارك معها، ونتمنى أن يقود زملاءه في المنتخب لاستعادة الثقة والإنجازات.
• هل كوّنت انطباعا جيدا عن الأفارقة من خلال قيادتك لفرق أوروبية مثل إنتر ميلانو الإيطالي وريال مايوركا الإسباني؟
نعم، ورأيت وقمت بتدريب لاعبين أفارقة على أعلى مستوى، مثل الكاميروني لوران إيتامي ماير والغاني سولي علي مونتاري، وبشكل عام حقق الأفارقة نجاحات مذهلة في أوروبا، خاصة الليبيري جورج ويا والكاميروني صامويل إيتو والغانيان جيان أسامواه ومايكل إيسيان والإيفواري ديدييه دروجبا، وهم أسماء كلها كانت لها بصمتها ووهجها وأثروا الملاعب الأوروبية بموهبتهم الفذة وقدراتهم الخارقة، وبالتأكيد هذه النماذج الأشهر على الصعيد الأفريقي في العقود الأخيرة.

• ما رأيك في تنظيم قطر مونديال 2022؟
الفيفا أعلن أن قطر ستنظم البطولة بشكل نهائي في نوفمبر/تشرين الثاني، وديسمبر/كانون الثاني.. وهذا من الأمور الجيدة ويصب في مصلحة الكرة العربية، وتنظيم البطولة في الشتاء سيقضي على كل المخاوف والأوهام، وستقدم قطر نسخة ساحرة من بطولة كأس العالم، بإمكاناتها الكبيرة البشرية والمادية.

• هل تعلم أنك المدرب الثاني بعد ابن جلدتك خوسيه داميكو الذي تولى المنتخب عام 80 ولم يحقق شيئا؟
لكل مدرب ظروفه التي عمل فيها، ولا نستطيع أن نحسب فشل إنسان على آخر أو نحسب تجربة على أخرى سلبا أو إيجابا، وعلى العموم فالأيام كفيلة بتقديم نفسي للجمهور المصري والرياضيين والإعلاميين، بشكل أفضل بالجهد والعرق والفكر، كما أنني كنت حريصا على متابعة كل الأرجنتينيين الذين دربوا في مصر وغيرها للاستفادة منهم، وعلمت أيضا أن المدرب أنجيل ماركوس سبق له قيادة الإسماعيلي في مطلع التسعينيات.

• تردد أنك قررت أن تكون مصر نهاية محطاتك التدريبية بعد أن بلغت الستين عاما، فهل هذا صحيح؟
إطلاقا.. وكنت أفاضل بين مجموعة من العروض واخترت منتخب مصر الذي يمثل تجربة جديدة لي.

• من أكثر لاعب يستحوذ على إعجابك حاليا؟
بالتأكيد مواطني ليونيل ميسي مهاجم برشلونة الإسباني فهو لاعب متكامل وسوبر ستار بما يقدمه مع البرسا.

• وما تفسيرك لفشل ميسي ضمن صفوف منتخب بلاده، بالرغم من نجاحه المذهل ضمن صفوف برشلونة؟
تجانسه معنويا وتكتيكيا بشكل أكبر ضمن صفوف البرسا، وهذا ما يفتقده في المنتخب الأرجنتيني الذي يتجمع لفترة قليلة قبل أداء أي مباراة، فهناك مع البرسا الثبات الفني، عكس منتخب التانجو الذي يتعاقب عليه مدربون كثر، لكل واحد منهم أسلوبه وطريقته وعناصره المفضلة.

المساهمون