كل شيء يتغير..!

27 سبتمبر 2014
برشلونة عام 2009 (العربي الجديد)
+ الخط -


"برشلونة فريق كبير أحبه وأحب كرة القدم الجميلة من امتلاك الكرة والحركة والتعاون، فكرة القدم التي يقدمها برشلونة تولد لديك مشاعر لا توصف، البارسا لديه فكرة واضحة عن كرة القدم".. تلك كلمات العجوز الأصلع الإيطالي أريجو ساكي في وصف نادي برشلونة، عندما كان حقاً فريقاً من كوكب آخر.. فكفى بهذه الشهادة فخراً، ولكن دوام الحال من المحال دائماً.

مهما كانت مكانة القائلين، فمع احترامي لهم دائما نجد في عباراتهم نقصاً عندما يصفون حالة الفريق الكتالوني الرائعة والجذابة في تلك الفترة.. حتى عشاقه مهما تفننت حروفهم أمام الجميع سنرى أن الحروف مستهلكة.. وحتى العالم عندما يتحدث عنه وعن نجومه الكبار فسيخجلون من أنفسهم وفرقهم وهم يرددون أنه البطل الذي لا يقهر والنجوم التي لا تنطفئ، ولسان حالهم الباطني يقول: (مللنا.. متى سيخسر هذا الفريق الذي يُدعى برشلونة؟).

منذ استلام بيب جوارديولا زمام الأمور الفنية في الفريق الكتالوني، بدأت عجلت المتعة في الدوران، وبدأ الكُتاب وقتها كتابة إحدى أروع منظومة لعب عرفها التاريخ، وأحد أقوى الفرق "ذهنيا" التي عرفتها كرة القدم، والتي تجعل ﺍﻟﺨﺼﻢ ﺧﺎﺋﻔﺎً منها منذ البداية حتى النهاية.. فكان جوارديولا هو الخلاق المبتكر المهندس الذي كوّن بفلسفته هذا الفريق الذي نحسبه من كوكب آخر، والذي قل توهجه حينما غادر وحينما، باعتقادي، أحس هو بذلك.. فحقاً بيب مدرب ذكي في جميع تصرفاته وتعاملاته.

هو حقاً فريق تاريخي بكل ما للكلمة من معنى وتعبير، ولأنه كذلك فكرة القدم وأحداثها وأحكامها وسرد تفاصيلها علمتنا الكثير.. علمتنا أن ريال مدريد مر في الخمسينيات بفترة توهج معينة وانطفأت. وأياكس في بداية السبعينيات، وفكر الكرة الشاملة، ما هي إلا سنوات قليلة حقق فيها النجاحات وقل بريقه. وكذا الحال مع بايرن منتصف السبعينيات. وليفربول نهاية تلك الفترة وبداية الثمانينيات. أريجو ساكي نفسه خلال ثلاث سنوات أرعب فيها أوروبا كلها ثم انطفأ.. وذات الأمر حل ببرشلونة. فلكل زمن دولة ورجال وفرق ومدارس!

في السابق كنت أنا وغيري ننتظر أي مباراة للبرسا على أحرّ من الجمر.. متعة للعين وبساطة في تناقل اللاعبين للكرة.. واحد اثنين ثلاثة وهدف بكل أريحية.. تحسبهم سحرة يلعبون كرة قدم وليسوا بشراً مثلنا.. لكن اليوم حتى وإن تحققت النتائج، فالوضع تغير. فسحر ميسي ومراوغاته الواحد تلو الآخر لم تعد كما كانت في السابق. وجمالية رسم أنييستا على أوراق الملعب بدأت تتهالك. وتشافي عوده أصبح يابساً. وألفيس لم يعد ذاك المهاجم الرائع والصانع الماهر. وتضحيات بويول وروحه ذهبت. ولم يعد بيب جوارديولا مخيفاً لخصومه على الدكة.. فحينها أدركت أنهم بشر مثلنا يتألقون ويبدعون ويفرحون ثم يتعبون ويخطؤون ويبكون.

أنصار برشلونة ومحبيه ومن استمتع بالفريق، عليكم أن ترضوا بأحكام كرة القدم، فدوام حالها من المحال.. فريقكم قدم أحد أفضل فرق التاريخ عند البعض، لكن حاله اليوم ليست كما السابق.. الأهم أن نظرتكم لمجريات المباراة لابد أن تتغير عن السابق، وأحكامكم على تفاصيل فريقكم لابد أن تتغير.. فريقكم صحيح ما زال قوياً حالياً، لكنه ليس ذلك المرعب؛ لأن كل شيء في هذه الدنيا يتغير!

لمتابعة الكاتب..https://twitter.com/ITALY_00

المساهمون