اتخذ الأسطورة الأرجنتيني خوان رومان ريكيلمي اليوم قرار اعتزال كرة القدم في سن الـ36، لتفقد الساحرة المستديرة آخر الرجال الكلاسيكيين وأحد أبرز أيقونات القميص رقم 10 على مر التاريخ.
وعلّق ريكيلمي حذاءه بعد أن ردّ الجميل لفريقه الذي صنع نجوميته في بداية مشواره، أرجنتينوس جونيورز، حيث قبل بالتنازل واللعب في الدرجة الثانية الموسم الماضي ليقوده نحو الصعود لدوري الأضواء والشهرة، ومن ثم استشعر بأن مهمته في المستطيل الأخضر قد انتهت.
وأراد ريكيلمي أن ينهي مشواره بتحقيق حلم ناديه الأسبق، فقد وجد في ذلك غاية سامية أفضل من الاستمتاع بالمال الوفير مقابل اللعب الشرفي دون هدف في الولايات المتحدة، فمتعة تخطي التحديات تأتي على رأس أولوياته.
وتنّحى خوان رومان عن الملعب ليعود إلى صفوف الجماهير كمشجع عادي يعشق بوكا جونيورز، ويقفز فرحاً بأهدافه وبطولاته، وهو ما أكد عليه في آخر مقابلة صحفية أشهر فيها اعتزاله، أن مستقبله القريب في التشجيع بالمدرجات.
وداع مفاجئ
لم يكن يعرف عشاق ريكيلمي أن تاريخ 7 ديسمبر/كانون أول 2014 سيشهد آخر خطوات "البيتشو" على العشب بصفة اللاعب، وذلك أثناء التعادل مع دوجلاس هايج 1-1، وهي نتيجة كانت كافية لعودة أرجنتينوس للدرجة الأولى، حينها رج اسم ريكيلمي ملعب "مارادونا"، وأعاد إحياء أسطورته كبطل شعبي.
عقب تلك المباراة صرح ريكيلمي "حان وقت الاحتفال، سأتناول اللحم وأحتسي مشروباً عشبيّاً ساخناً مع الأصدقاء وأنا مطمئن وسعيد، وفيت بوعدي ورددت الجميل لنادي أرجنتينوس الذي ساعدني كثيراً وأنا صغير"، كانت كلمات تحمل في طياتها الوداع رغم تكهنات العودة لبوكا أو الاحتراف بدوري العم سام.
رقم 10 الأخير
افتتن جمهور الرياضة الشعبية الأولى بمهارات ريكيلمي على مدار 18 عاماً من العطاء، كان صاحب لمسة جمالية نادرة، رؤية ثاقبة للملعب، رقم 10 كما يقول الكتاب، لذا استحق ألقاباً مثل "مصارع الثيران"، "الساحر"، "رقم 10 الأخير" لتوصيف موهبته.
ارتبط عشق الجماهير بشخصية ريكيلمي الخجولة المتواضعة أكثر من إنجازاته ومهاراته، ويكفى أنه يعتبر اللعب مع مارادونا أكبر شرف ناله طوال مسيرته بغض النظر عن كل ما توج به فردياً وجماعياً، وبتجاهل انتقادات مارادونا اللاذعة له حين ترك بوكا العام الماضي.
رحلة الـ18 عاماً
وبتمعين النظر في مشوار ريكيلمي الاحترافي بين 1996 و2004، فقد بدأ مع بوكا في كنف المدرب كارلوس بيلاردو، خاض في حقبته الأولى 194 مباراة وسجل 44 هدفاً، وقدم أفضل عطاءاته مع المدرب كارلوس بيانكي.
جذبت موهبة ريكيلمي نادي برشلونة أحد عمالقة إسبانيا وأوروبا، لينضم إليه في 2002 في عهد المدرب الهولندي لويس فان جال مقابل 13 مليون دولار، لكنه لم يفرض نفسه مع الفريق الكتالوني خلال موسم واحد فقط لعب خلاله 42 مباراة وسجل 6 أهداف، ولم يشعر بالراحة لتغيير مركزه.
ورغم رحيل فان جال، إلا أن ريكيلمي لم يجد التقدير المنتظر، فتعاقد النادي مع الأسطورة البرازيلي رونالدينيو وتم تعيينه رقم 10 جديد.
رفض ريكيلمي الفشل في الليجا، فانتقل إلى فياريال وصار من أهم رجال كتيبة المدرب التشيلي مانويل بيليجريني بين 2003 و2006، مسجلا 45 هدفاً في 143 مباراة.
ولخلاف مع بيليجريني قرر ريكيلمي العودة لبوكا مرة ثانية، وامتد وجوده من 2007 حتى 2014، موقعاً على 48 هدفاً في نحو 190 مباراة.
ورحل ريكيلمي لعدم اتفاقه مع بيانكي وإدارة بوكا، متخذاً قراراً أثار دهشة كثيرين بالانتقال للدرجة الثانية مع أرجنتينوس، لكن كان يكفيه سبعة أشهر لاسترداد الاحترام والتقدير، إذ سجل 5 أهداف في 18 مباراة أهدى بها فريقه الأسبق تأشيرة الصعود للدرجة الأولى ببلاد التانجو.
حائط البطولات
يزخر سجل بطولات ريكيلمي بالكثير منها بقميص بوكا، أبرزها خمسة ألقاب للدوري الأرجنتيني، ثلاثة ألقاب في بطولة ليبرتادوريس القارية، لقب في الانتركونتيننتال ومثله في كأس الأرجنتين، لذا استحق أن يشاد له تمثال بمتحف النادي.
ولعل إنجازه الأبرز هو التتويج مع منتخب الألبيسيليستي بالميدالية الذهبية في أوليمبياد بكين 2008، مع الفوز بكأس العالم للشباب 2007.
وعلى الصعيد الفردي، فاز ريكيلمي بجائزة أفضل لاعب أرجنتيني أربع مرات، وبجائزة أفضل لاعب أجنبي في الليجا، وأفضل لاعب مهاري في إسبانيا، وأفضل صانع ألعاب في مونديال 2006، بخلاف جوائز استفتاءات الصحف.
ريكيلمي كان أحد القلائل الصامدين من زمن الكرة الجميلة في التسعينيات ومطلع الألفية الجديدة، بعد اعتزال معظم الأبطال بجيله، حتى أدار اليوم ظهره راحلاً في مشهد جنائزي.