انضم ليو لقائمة الأرجنتين النهائية لمونديال ألمانيا 2006 ولكن وتيرة اللعب كانت غائبة عنه عقب إصابته أمام تشيلسي التي حرمته من خوض نهائي دوري الأبطال في باريس أمام أرسنال، ولكنه لم يكن يرغب في أن يكون تواجده مع منتخب بلاده من أجل الصحبة فقط بل الإسهام في تحقيق شيء.
قبل أيام قليلة من انطلاق المونديال لعب الفريق مع منتخب الأرجنتين تحت 20 عاماً في ملعب المونومنتال وأشركه المدرب خوسيه بيكرمان لمدة نصف ساعة حيث كان يرغب في إزالة أي توتر عنه وأيضاً الوقوف على مستواه البدني.
بعد المباراة توجه ليو لنفق غرف الملابس وبدأ في البكاء ومن حوله يسألونه "هل أصبت؟ هل ألم بك شيء؟" ليظل ميسي صامتاً بعض الشيء قبل أن يبوح بما في صدره قائلاً "أنا كارثة، بهذه الطريقة لن أستطيع اللعب".. لقد كان يشعر بالأسى لأنه لم يكن في أفضل حال.
كان ميسي يُنظر إليه من قبل مدربي المنتخب ولاعبيه في تلك الفترة على أنه طفل مجرد طفل عمره 18 عاما، لذا فإن أقرب الأشخاص إليه كان الحارس أوسكار أوستاري بسبب عدم وجود فارق عمري بينهما حيث كان يتجاوران في نفس غرف الإقامة التي كان يربطها باب مشترك.
يقص أوستاري عن تلك الفترة "قال لي منذ أول يوم، لن تنام أنت لوحدك هنا وأنا في الغرفة المجاورة، لذا كنا نقضي الليل والنهار معا، نتناول المشروبات ونتحدث ونلعب الـ(بلاي ستيشن)".
الحقيقة أن ميسي كان مدمنا للـ(بلاي ستيشن) حيث يقص خيراردو سالوريو عضو الجهاز الفني لمنتخب الأرجنتين حينها "خلال معسكر ألمانيا كنت أشاهده بنفسي يصطحب أبناء باقي اللاعبين للعب معه، بعضهم في سن الخمس وأربع سنوات، مثل أبناء (هرنان) كريسبو".
تلك الفترة لم تكن تتعلق فقط بلعب الـ(بلاي ستيشن) والذكريات الجميلة حيث كان يتوجب على ميسي التعامل مع "هيبة" و"فكر" الأسماء الكبيرة في المنتخب، فعلى سبيل المثال أثناء مؤتمر صحافي بمدينة نورنبرج بمشاركة روبرتو آيالا وغابرييل هاينزه تسبب سؤال بريء في كشف ربما جانب من الصراع بين "القديم والجديد" في أروقة الفريق.
كان السؤال هو "كيف تتسلى المجموعة في أوقات الفراغ؟" ولكن الإجابة كانت بمثابة هجوم غير مباشر على المستجدين "إنهم يتحدثون قليلا جدا ولا يتناولون معنا المشروبات ودائما ما يلعبون الـ(بلاي ستيشن)، جيلنا شيء مختلف تماما عنهم".
لم تكن عناصر القوة في الفريق حينها تتقبل بشكل كبير استدعاء أوستاري شقيق ليو وأصغر حارس للأرجنتين في تاريخ المونديال، هذا بخلاف وجود شعور بـ"الغيرة" تجاه ليو بسبب الإعلان الذي صوره لشركة (أديداس) الذي كان يقدم ليو في صورة رسم كارتوني لفتى ضئيل يلعب مع عمالقة في كرة القدم ولكنه ينجح على الرغم من ضآلة حجمه.
تصدرت صورة ميسي هذه الحملة الدعائية بملصقات في كل المدن العاشقة للكرة، كما أن (أديداس) صممت له حذاء خاصاً مزيناً بنجمتين ومثل هذه الأمور لم ترق للبعض "فما كل هذا الضجيج بخصوص هذا الفتى الصغير؟".. هكذا كان يقول لسان حال بعضهم.
وفقا للصحافة الأرجنتينية كانت هناك واقعة قبل المونديال تشير إلى الصعوبات التي كان يواجهها ميسي مع باقي لاعبي الفريق، حيث كان الفريق يتدرب ومرر ليو الكرة بين قدمي هاينزه "كوبري"، لذا رغب الأخير في الانتقام ونفذ تدخلاً عنيفاً معه لاحقاً، ظناً منه أن الـ"برغوث" سيتفهم ويصمت ولكن الأخير قال له بلهجة تحذيرية "لا تفعل هذا مجدداً".
يقول الكاتب مارسيلو سوتيلي في كتاب (المختلف) عن تلك الفترة "على الرغم من أنهم لن يعترفوا أبدا بهذا الأمر، فإن تلك المجموعة من اللاعبين لم تكن تتعامل كأشقاء كما كان يقول القائد خوان بابلو سورين، لقد كان ميسي وحيدا.. وحيدا للغاية".
في المباراة الأولى أمام كوت ديفوار كان خافيير سافيولا وهرنان كريسبو هما المهاجمان الأساسيان وتحقق الفوز بهدفين لواحد دون مشاركة ليو، ثم جاء موعد لقاء صربيا ومونتنجرو حيث دخل الأسطورة دييغو مارادونا لغرف ملابس اللاعبين للتحدث معهم وانفرد بليو بأحد الجوانب وقال له "القوة والشجاعة وتسجيل هدف، أنتظر هذا منك".
شارك ميسي في هذه المباراة بداية من الدقيقة 75 ولعب 16 دقيقة حيث صنع هدفا لكريسبو وسجل الهدف السادس في المباراة التي انتهت لصالح راقصي التانغو بسداسية نظيفة، ثم جاءت مباراة هولندا التي لعبها ميسي بصحبة كارلوس تيفيز في الهجوك وانتهت بالتعادل السلبي.
جاء موعد ثمن النهائي أمام المكسيك حيث دخل ميسي (ق84) حينما كان التعادل قائما بهدف لمثله لتمتد المباراة لوقت إضافي وتنتصر الأرجنتين حيث أشادت صحيفة (كلارين) الأرجنتينية بمستوى ليو حينما كتبت عنه "أظهر تفاصيل جميلة مجددا ولعب بصورة مباشرة بشكل دفع المكسيك للتراجع".
لم يكن هذا اليوم سعيدا بصورة كاملة بالنسبة لميسي، صحيح أنه لعب في يوم عيد ميلاده وزميله في الفريق خوان رومان ريكيلمي الذي يكبره بتسع سنوات.. في تلك الليلة كان ليو يقضي الوقت في غرفته ولكنه قرر الذهاب لبعض الوقت لغرفة ريكيلمي حيث كان يحتفل بعض لاعبي الفريق بهذه المناسبة.
فتح ميسي الباب ودخل وإذا بخوان يصرخ في وجهه "أيها الغبي، ألم تسمع بطرق الأبواب؟ عليك أن تتعلم طرق الأبواب، من تظن نفسك بحق الجحيم؟".. خفض ميسي رأسه في صدمة وانسحب.. رحلة التعلم الصعبة كانت لا تزال مستمرة.
لم يشارك ميسي أساسيا في مواجهة ألمانيا ولكنه جلس بشكل غريب على الدكة واضعا سماعات الأذن فوق رأسه.. سيطرت الأرجنتين من دون خطورة حتى تقدم أيالا برأسية، ولكن ألمانيا تمكن من التعادل بواسطة ميروسلاف كلوزه لتخرج بعدها الأرجنتين بضربات الجزاء دون أن يدفع به بيكرمان في أي من التغييرات. هذا لم يكن مونديال ليو بالمرة.
اقرأ أيضاً
(كتاب ميسي 19).. ميسي يبكي مجددا في باريس
(كتاب ميسي 18)..أزمة ميسي ومورينيو والمسرح الكتالوني
(كتاب ميسي 17)..بطاقة حمراء وبكاء و"صيف إيطالي" متوتر
(كتاب ميسي 16) ... مونديال الشباب 2005 وركلات المصريين
(كتاب ميسي 15)..الانطلاقة الكتالونية والهدف الأول ريكارد ورونالدينيو
(كتاب ميسي 14)..فشل إسبانيا ودور بييلسا مع "ميتشي"
(كتاب ميسي 13)..ريكارد وفرصة ميسي
(كتاب ميسي 12)..أرواح ميسي الأربع ومواجهة راموس الأولى
(كتاب ميسي..11) "موسم القناع" وخطيئة أرسنال
(كتاب ميسي 10) فيلانوفا ومقالب الحارس الشخصي بيكيه
(كتاب ميسي 9) البداية الكتالونية
(كتاب ميسي 8) مباراة التنس التي غيرت تاريخ الكرة
(كتاب ميسي 7).. انتظار ريكساش والنهاية السعيدة
(كتاب ميسي 6).. لغز اختفاء "المايسترو"
(كتاب ميسي 5)... أزمة هرمون النمو
(كتاب ميسي 4).. أسطورة طفل نيولز أولد بويز
(كتاب ميسي 3)... ليو في المدرسة ومغامرات الجيش!
(كتاب ميسي 2) الجدة سيليا وملعب جراندولي
(كتاب ميسي 1).. ميسي الذي نجا من الموت جنيناً