كان المدير الفني للمنتخب الأول الأرجنتيني خوسيه بيكرمان يرغب في مكافأة ليونيل ميسي على المستوى الذي قدمه في مونديال تحت 20 عاما، لذا قرر ضمه لقائمة الفريق في ودية أمام المجر التي احتضنتها بودابست في أغسطس/آب 2005.
لم يكمل ميسي داخل الملعب سوى 92 ثانية فقط حينما حاول المدافع المجري فيلموس فانزاك إيقافه بتدخل قوي وأمسك بقميصه، لكن ميسي قاوم وحاول الإفلات بذراعه ولكنه أثناء هذا الأمر اصطدم بعنق الخصم الذي سقط على الأرض وهو يغطي وجهه.
توجه الحكم ماركوس ميرك وأشهر بطاقة حمراء في وجه ميسي وصفراء في وجه خصمه المجري وسط اعتراض من لاعبي الأرجنتين، فيما لم ينجح ليو في تصديق الأمر وخرج وهو ينظر بطريقة تائهة للمدرجات ليبكي كطفل من الغضب والإحباط داخل غرف الملابس.
تقص الصحافية كريستينا كوبيرو المتخصصة في أخبار برشلونة روايتها للواقعة حيث تقول "هل تعرف من الذي كان في المدرجات؟ جوزيه مورينيو الذي كان يشاهد أحد لاعبيه، وسألته عن رأيه في ما حدث وقال: إنه جنون، الحكام مجانين، كيف يمكنهم فعل هذا لفتى بهذه الطيبة؟ قولي له ألا يقلق وأن يهدأ".
حينما توجه اللاعبون لغرفة الملابس بعد فوزهم على المجر بهدفين لواحد كان ميسي لا يزال يبكي وحيدا في الركن وفقا لكوبيرو التي أضافت "الجميع ذهب لحمايته وتشجيعه، كانوا يرغبون في إظهار أنه أصبح بالفعل واحدا منهم، كان عليه تفهم أن مثل هذه الأمور تحدث".
لم يكن هذا الصيف جميلا بالمرة حيث إن ليو بدأ الموسم الجديد دون التمكن من المشاركة في الليغا فيما عرف حينها باسم "قضية ميسي" كما وصفتها صحيفة (سبورت)، حيث إن برشلونة كان يضم أربعة لاعبين من خارج الاتحاد الأوروبي هم ليو ورونالدينيو ورفائيل ماركيز وصمويل إيتو في الوقت الذي تنص فيه على وجود ثلاثة.. ولكن كيف تمكن ليو من المشاركة لسبع مباريات في الموسم الماضي؟
كانت حجة برشلونة أن ميسي "شبه مجنس"، وهو مصطلح موجود في لوائح الاتحاد الإسباني ويتعلق بلاعب ولد خارج الاتحاد الأوروبي ولكنه قضى بعدها خمسة مواسم في قطاع الناشئين لأحد الأندية.. الحقيقة أن الأمور لم تكن واضحة بالنسبة للاتحاد لأن هذه القاعدة كانت مبهمة، ولم يتم حلها نهائيا سوى بإدخال تغيير في اللائحة ومن قبل المجلس الأعلى للرياضة، كل هذا في الوقت الذي لم يضع فيه (ويفا) أي مانع أمام مشاركة ميسي أوروبيا.
كل هذه الأمور دفعت برشلونة للتفكير في إعارة ليو لحين انتهاء المشكلة، لكن مباراة بطولة جوان جامبر الودية التي لعبت في 24 أغسطس/آب 2005 أمام يوفنتوس تحت قيادة فابيو كابيلو ساهمت في تغيير هذا الرأي بعدما تألق ليونيل ميسي حيث صنع هدفا وكان خطيرا على الأطراف وفي الوسط، وراوغ فابيو كانافارو بـ"كوبري" وقطع الكرة من باتريك فييرا وتسبب في حصوله على بطاقة صفراء.. الكثير والكثير من الأشياء.
ويروي هينك تين كات مساعد مدرب برشلونة فرانك ريكارد أن كابيلو بحث عن الأخير بعد المباراة وقال له "أنا مهتم بهذا اللاعب، إنه جيد للغاية وأرغب في أحد مثله، إذا لم تفعلوا شيئا به فاتركوه لنا، سيكون أساسيا معنا".
لم يتوقف الأمر عند هذا، حيث تحدث كابيلو عن ميسي في المؤتمر الصحافي قائلا "لم أشاهد لاعبا بمثل هذه المهارة في هذه السن وبهذه الشخصية ويلعب لفريق بهذا الحجم، ميسي بطل عظيم، يمكنه فعل الكثير من الأشياء بالكرة بين قدميه".
لم يتوقف الأمر عند اهتمام يوفنتوس، كانت هنالك محاولات من أياكس وإسبانيول وساراغوسا، ولكن يقول رئيس برشلونة السابق جوان لابورتا إن المرة الوحيدة التي كان ميسي قريبا فيها من الرحيل كانت نحو إنتر ميلان وتحديدا في سبتمبر/أيلول 2005.
يروى لابورتا القصة "اتصل بي خورخي ميسي وطلب المرور على مكتبي، ولدى وصوله أخبرني بأنه يرغب في الحديث عن شيء هام: إنتر ميلان يرغب في ضم ميسي ومستعد لدفع الشرط الجزائي" الذي كانت قيمته 150 مليون يورو.
اجتمع خورخى مع المدير الرياضي للبرسا تشيكي بيغرستاين بعدها أثناء تواجد الفريق في ألمانيا لمواجهة فيردر بريمن بدور المجموعات بدوري الأبطال في 14 سبتمبر 2005 للحديث مجددا بخصوص اهتمام إنتر.. لم يكن الاجتماع جيدا وجرى الاتفاق على إبقاء ليو في البرسا حتى ديسمبر/كانون الأول وإذا لم يتم حل مشاكله البيروقراطية فلن توجد مشكلة "لأن كل إسبانيا وأوروبا ترغب في ضمه".
هذا الاجتماع كان قبل المباراة التي تألق فيها ميسي وتسبب في ركلة جزاء أحرزها رونالدينيو وأيضا قبل تصريحات ليو عقب اللقاء والتي قال فيها "بكل تأكيد أرغب في حل كل المشكلات للعب مع فريقي".
اجتمع لابورتا وبيغرستاين في اليوم التالي مع عدد من الموثوق بهم داخل النادي وشرح لهم عرض إنتر ورغبته في دفع الشرط الجزائي بل واستعداده لزيادة راتب ليو ثلاثة أضعاف، وفي نفس الوقت رغبة اللاعب في البقاء، وانتهى الأمر بإعداد عقد جديد للاعب.
تضمن العقد الجديد جائزة للتمديد تتمثل في منزل جديد بحديقة بالقرب من منزل رونالدينيو على أن ينتهي في 2014.. لقد كان هذا العقد الثالث لميسي في فترة مدتها 18 شهرا فقط وبموجبه كان ميسي سيحصل في عامه الأول على 900 ألف يورو سنويا لينتهي الأمر في 2014 بالحصول على 3.5 ملايين يورو بجانب الحصول على مكافأة تمديد بقيمة مليوني يورو فيما تم إبقاء الشرط الجزائي عند 150 مليون يورو.. كل توتر الصيف قد بدأ في الزوال وكان يتبقى فقط حل المشاكل البيروقراطية المتعلقة بمسألة اللعب محليا.
اقرأ أيضا
(كتاب ميسي 16) ... مونديال الشباب 2005 وركلات المصريين
(كتاب ميسي 15)..الانطلاقة الكتالونية والهدف الأول ريكارد ورونالدينيو
(كتاب ميسي 14)..فشل إسبانيا ودور بييلسا مع "ميتشي"
(كتاب ميسي 13)..ريكارد وفرصة ميسي
(كتاب ميسي 12)..أرواح ميسي الأربع ومواجهة راموس الأولى
(كتاب ميسي..11) "موسم القناع" وخطيئة أرسنال
(كتاب ميسي 10) فيلانوفا ومقالب الحارس الشخصي بيكيه
(كتاب ميسي 9) البداية الكتالونية
(كتاب ميسي 8) مباراة التنس التي غيرت تاريخ الكرة
(كتاب ميسي 7).. انتظار ريكساش والنهاية السعيدة
(كتاب ميسي 6).. لغز اختفاء "المايسترو"
(كتاب ميسي 5)... أزمة هرمون النمو
(كتاب ميسي 4).. أسطورة طفل نيولز أولد بويز
(كتاب ميسي 3)... ليو في المدرسة ومغامرات الجيش!
(كتاب ميسي 2) الجدة سيليا وملعب جراندولي
(كتاب ميسي 1).. ميسي الذي نجا من الموت جنيناً