عودة روراوة لن تكفي لإنقاذ سفينة الكرة الجزائرية..

11 يونيو 2022
رئيس الاتحاد الجزائري السابق محمد روراوة (ألكسندر شنايدر/Getty)
+ الخط -

تداولت وسائل إعلام جزائرية وعدد من الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي، منذ أيام، خبر عودة وشيكة لرئيس الاتحاد الجزائري السابق، محمد روراوة، إلى رئاسة الهيئة الكروية خلفا لشرف الدين عمارة، المستقيل بعد الإقصاء من مونديال قطر، وذلك أملاً في إعادة ترتيب البيت واستعادة مكانة الجزائر في المنافسات القارية والدولية.
وكأن مصير الكرة مرتبط برحيل أو مجيء رجل بعينه، بعيداً عن مشروع شامل وأجواء مساعدة وإرادة سياسية في إصلاح ما يمكن إصلاحه، خصوصاً وأن السلطة في الجزائر كانت أحد الأسباب الرئيسية في هدم البيت الكروي، من خلال تدخّلها المباشر في تنصيب رؤساء سابقين فشلوا في التسيير وعادوا بالاتحاد الجزائري إلى سنوات الرداءة، التي انكشفت بعد إخفاق المنتخب الأول في كأس أمم أفريقيا بالكاميرون وتصفيات كأس العالم 2022. 
المنتخب الأول كان بمثابة الشجرة التي تغطي الغابة إلى غاية سقوط أوراقها، واكتشاف الجزائريين كذبة كبيرة دامت سنوات تحت عناوين مختلفة، أهمها الاهتمام بمراكز تكوين تشرف عليها الاتحادية، كلفت أموالاً طائلة من دون أن ترى النور، بل أدت إلى تفاقم الديون التي بلغت أكثر من 100 مليار سنتيم، وعجز الهيئة الكروية عن دفع رواتب الموظفين والمدربين، بعد أن كان الاتحاد الجزائري من أغنى الاتحادات الأفريقية والعربية، ترك في خزائنها محمد روراوة 750 مليار سنتيم و24 مليون دولار، ومداخيل سنوية تفوق 400 مليار سنتيم عندما غادرها سنة 2017، من دون الحديث عن عقود إشهار مع متعامل الهاتف النقال موبيليس تفوق 1000 مليار، تم تجديدها مؤخراً مقابل 150 مليارا فقط، وعقود مع شركة أديداس التي كانت توفر مجاناً ألبسة وعتادا رياضيا لكل المنتخبات، قبل أن تبلغ قيمة الفاتورة 50 مليار سنتيم، خلال السنوات الثلاث الماضية.
عودة محمد روراوة تثير مخاوف أطراف عديدة في الداخل والخارج، بالنظر لمعرفته الجيدة لبيت الاتحاد وما يجب فعله، لكشف ثغرات في التسيير أدت إلى إفلاس مادي وإداري وتقني وفني، وحتى أخلاقي، لكن الرجل يبقى مترددا في قبول مهمة صعبة بسبب تراكم المشاكل، وتردّي الأوضاع داخل البيت الكروي، ومع الهيئات الكروية القارية والدولية، أمست تقتضي تحالفات جديدة لإعادة التوازن على الصعيد القاري بالدرجة الأولى، ومواجهة الظلم التحكيمي الذي يتعرض له المنتخب الجزائري منذ سنوات، وكلفته الخروج من الدور الأول لكأس أمم أفريقيا في الكاميرون، والإقصاء من مونديال قطر، رغم أحقيته في التأهل بشهادة كل المتابعين الذين استغلوا هشاشة الاتحاد الجزائري وضعف ورداءة المشرفين عليه طيلة السنوات الخمس الأخيرة.  

ويعتقد أغلب المتابعين أن إعادة ترتيب البيت الكروي في الجزائر ممكنة بمجرد عودة محمد روراوة، وكأن الأمر مرتبط بالأشخاص وليس بالبرنامج والمشاريع والإمكانيات التي تسخّرها الدولة لإعادة إصلاح كل المنظومة الكروية، من خلال إعادة تكييف القوانين وتغيير نظام المنافسة، وإعادة النظر في نظام الاحتراف الذي انعكس سلباً على مدارس كروية اختفت عن الواجهة، على غرار جمعية وهران واتحاد الحراش، بالموازاة مع مواصلة الاهتمام بكل المنتخبات الوطنية، ومرافقة جمال بلماضي في المرحلة القادمة، وإعادة هيكلة المديرية الفنية، مما يتطلب وقتاً وجهداً في الداخل والخارج، ويتطلب أموالاً كثيرة لم تعد متوفرة، ومرافقة مؤسسات الدولة للرجل والمكتب الذي يختاره، إضافة إلى تنقية المشهد الإعلامي من كل الشوائب التي ساهمت بدورها في تهديم كل شيء جميل.   
وفي نهاية الأسبوع الحالي، سيكون الموعد مع الجمعية العمومية العادية التي ينتظر منها رفض الحصيلة المادية والمعنوية للمكتب السابق، وتعيين لجنة مستقلة جديدة تتولى الإشراف على تنظيم الجمعية الانتخابية في السابع من يوليو المقبل، لاختيار رئيس جديد مدعو إلى إعادة النظر في كل شيء في ظرف وجيز لا يتجاوز 6 أشهر، سواء كان اسم الرئيس محمد روراوة أو غيره..

المساهمون