ربما لم يسبق أن سنحت الفرصة سابقاً للكتابة عن مصر وما تركته في ذاكرتنا الجميلة المتعلقة بكرة القدم، ذاكرة من عاش طفولته وهو يحلم بأبطاله في لعبة أخذت كلّ وقته وحياته، وقت كان عليك فيه أن تختار بين أن تنحاز إلى هوايتك أو تسير في طريق لا تشبهك إطلاقاً في بلد الحروب الكثيرة.
ذاكرتنا التي نشأت على ثلاث إجابات كانت ضرورية جداً في عالمنا الكروي الخاص، من تشجع محلياً؟ من تشجع عالمياً؟ وأنت أهلي أم زمالك؟
ناديان كانا يختصران كلّ كرة القدم العربية بالنسبة إلينا، كبرنا بعدها وتعرفنا إلى أندية عربية أخرى قوية ومحترمة جداً، لكن الأساس بالنسبة إليّ وإلى أقراني بقي الإجابة عن السؤال الأساسي: أنت أهلي أم زمالك! كان بمثابة الواجب أن تشجع فريقاً منهما.
أذكر السنوات الأولى بعد الحرب، نجوم مصريون لعبوا في لبنان، أكثرهم موهبة وسحراً بالنسبة إليّ كان بلا أدنى شك حمادة عبد اللطيف "الحاوي" وكان لقباً يليق به، معه جاء طارق يحيى وهشام إبراهيم وأشرف قاسم ومدحت رمضان ومحمد إسماعيل وكثيرون غيرهم، أعتذر عن عدم ذكر أسمائهم هنا مع مدربين كبار؛ عصام بهيج على رأسهم، زيزو ومحمود سعد وآخرون.
جاء الأهلي والزمالك ليلعبوا في لبنان، أذكر كم كنّا سعداء بمشاهدتهم، أذكر مباريات مصر في التصفيات والبطولات، لطالما كان منتخباً ممتعاً، سواء أفاز أم خسر، كان دائماً منتخباً رائعاً. مونديال إيطاليا استثناء، ولا مجال للحديث عنه الآن، كنّا نعرف بشكل أكيد أن مباريات مصر ممتعة، لا بل الأكثر جمالاً في البطولات العربية والأفريقية مهما كانت النتيجة.
لا أدّعي إطلاقاً متابعتي ومعرفتي بتفاصيل الكرة المصرية منذ سنوات إلى اليوم، لست شخصاً مناسباً لمناقشة ذلك، لكنني أشاهد المنتخب منذ فترة ليست قصيرة، قبل تصفيات المونديال السابق وحتى الآن، فترة يمكن من خلالها أن ترى بوضوح كم أن مصر فقدت جمالها في كرة القدم، مباراة تونس الأخيرة في كأس العرب كانت مثالاً، لا لا يمكن أن يكون ذلك حقيقياً، في بلد يعشق كرة القدم بشكل كبير جداً، ويستحق أن يعود ممتعاً وقوياً كما عرفناه دائماً، كي يصنع ذاكرة رائعة لأجيال قادمة…