لا أعرف من أين يمكن أن نبدأ الحديث عن مسلسل الدولي الجزائري، أندي ديلور، لكن من الأحسن أن نبدأ من حيث انتهى مدرب "الخضر"، جمال بلماضي، الذي تكفل بكتابة وإخراج الحلقة الأخيرة لهذا المسلسل وإنهاء مغامرة لاعب نيس الجديد مع الخضر.
أندي الشاب الذي خدمته الظروف من حيث لم يتوقع حتى هو، ووقع تسريب فيديو هاريس بلقبلة أياماً قبل انطلاق كأس أمم أفريقيا، ليجد نفسه ضمن تعداد المنتخب الجزائري، ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه ويحقق مع زملائه كأس أمم أفريقيا الثانية في تاريخ الجزائر، ويصبح واحداً من النجوم الذين منحوا الجزائر النجمة الثانية، وينصب برفقة زملائه نجوماً فوق العادة.
لكن الحياة ليست دائماً وردية، بل تضع كل واحد منا في مواقف كاشفة، تعري الحقيقة وتكشف المستور، فتوضح الأمور وتضع النقاط على الحروف، وأول المواقف التي عرت مهاجم نيس، هو التحاقه بالخضر في عز أيام "كوفيد-19"، حيث لم يكلف نفسه عناء الإصرار مع ناديه مونبولييه وقتها من أجل تسريحه، واكتفى بترك الأمور تسير بطريقة تضمن له عدم التنقل وعدم تعريض نفسه للخطر بحسب رأيه، والاختباء وراء البروتوكولات، في حين أن بعض زملائه مثل إسلام سليماني تحدوا كل الظروف وفضلوا مصلحة المنتخب قبل أي شيء.
هذه الحادثة كانت بمثابة صفارة إنذار أطلقها بلماضي في وقت سابق، لكن الجميع ظل يصر على أن ديلور لاعب مظلوم، خاصة أن هذا الأخير بات يحسن اللعب على وتر عاطفة الجمهور الرياضي في الجزائر واستعمال كلمات دارجة مثل "بوزلوف"، التي تعني رأس الخروف بالعامية في الجزائر، واستمالة الجماهير التي طالما وقفت في صفه ودافعت عنه.
ولأن لغة الأرقام مجردة تحكم دون عاطفة، فلا مجال للمقارنة بينه وبين الثنائي بونجاح وسليماني، ويمكن للصغير عمورة أن يحطّم أرقامه بسهولة، بل يمكن أيضا للشاب لاغا الذي فضل اللعب على الجزائر رغم استدعائه برفقة "الديوك"، أن يأخذ مكانته كاحتياطي للثنائي السالف ذكره.
حادثة ديلور جاءت لتقدم درسا قويا، أن حب المنتخب لا يكون أبدا عن طريق منشورات مواقع التواصل الاجتماعي، بل بالتضحيات فوق المستطيل الأخضر، وأن كل من تعامل بقلب غير سليم مع "الخضر" تاريخيا للأسف لم يفلح وتعقدت أموره ولكم في التاريخ الأمثلة الكثيرة.