شعارات اليورو من 2008 حتى 2024. مرحلة التطور والرسائل والفن

13 يونيو 2024
شعار يورو 2016 في 12 ديسمبر 2015 في باريس قبل قرعة البطولة (ليونيل بونافنتور/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بطولة اليورو تسلط الضوء على تحليل سيميولوجي لشعاراتها من 2008 إلى 2024، مع التركيز على استلهامها من ثقافات البلدان المستضيفة، معبرةً عن هويتها بطرق فريدة.
- شعارات يورو 2008 و2012 و2016 تبرز الجبال النمساوية والسويسرية، الفولكلور الأوروبي الشرقي، والحداثة الفرنسية على التوالي، مستخدمةً رموزًا وألوانًا تعكس ثقافة كل بلد.
- يورو 2020 و2024 تطورت الشعارات لتعكس التوجهات الحديثة والتنوع، مع التركيز على الاحتفال الجماعي ورسالة الترحيب والانتماء، مستوحاة من أعلام الاتحادات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

تعودُ بطولة اليورو إلى الواجهة مجدداً، معها ستكونُ المنافسة قوية لمدّة شهرٍ كامل، حيث تنطلق المباريات في 14 يونيو/ حزيران الجاري وتنتهي في 14 يوليو/ تموز المقبل، واليوم نبتعد عن المستطيل الأخضر لنتابع رحلتنا في فلك آخر، نتحدّث خلاله عن سيميولوجيا أو سيميائية شعارات بطولات اليورو من نسخة 2008 حتى 2024، بعدما سبق أن تناولنا في التقرير السابق فترة النشأة وحتى عام 2004، والتي دائماً ما كانت تُستنبط من ثقافات البلاد المستضيفة ورموزها، وتعبّر عن نفسها بطريقتها الخاصة.

الجبال في شعار يورو 2008

تشتهر النمسا وسويسرا بالجبال العالية، وهذه القمم هي السمة التي كانت بارزة بشكلٍ واضح في شعار يورو 2008، خاصة أن علمي البلدين أيضاً كانا يتكونان من اللونين الأحمر والأبيض، وهو ما يجعلهما لونين قابلين للاختيار من دون أي تساؤلات حول السبب، نظراً لأن الأمر طبيعي وبديهي. وهناك تفسيرٌ آخر يُمكن الوقوف عنده، إذ إن شكل الخط الأحمر يُشبه شعلة نارٍ تحتضنُ كرة خضراء، وألوانها تعود بنا إلى الطبيعة، التي تشتهر بها جبال الألب، وكان ذلك الشعار استثنائياً لأنّه ربط لأول مرة الطبيعة بالرياضة. أما الخط فقد كتب باستخدام الحروف اللاذَنَّابية أو البنط من دون العُصَيَّات، وهو الكتابة بشكلٍ لا يحتوي على امتدادات للحروف، ويُستخدم عادةً للتعبير عن البساطة والحداثة.

وربما كانت الفكرة مستمدة من البساطة السويسرية، التي كما ذكرنا في التقرير الماضي انتهجت خلال نسخة كأس العالم 1954 أسلوب "المنيمال"، الذي اكتسب شهرة واسعة في الخمسينيات ووصل في الستينيات إلى ذروته، وكان نتاجاً للمدرسة التجريدية، تميّزت أعماله في مختلف المجالات بمحاولة التقليل من العناصر والألوان في الصور قدر المستطاع، والاعتماد على تبسيطها وحذف الكثير من التفاصيل التي قد تخنقُ الملصق الإعلاني.

يورو 2012

في يورو 2012، تابع كلّ بلدٍ التعبير عن ذاته، فقد كان شعار تلك النسخة أكثر ارتباطاً بالطبيعة، حين ظهرت زهرة جميلة بألوانٍ زاهية على شكل كرة القدم، وحملت الألوان الوطنية لكلّ من بولندا وأوكرانيا، اللتين استضافتا الحدث الكبير. وداخل الزهرة كان هناك شكلُ إنسان يرفع يديه إلى الأعلى تعبيراً عن النصر. ويعيدنا هذا الشعار إلى الفولوكلور الأوروبي الشرقي أكثر من ارتباطه بالرياضة، لكن على العموم جرى استخدام فن الـ"wycinanka"، وهو شكل تقليدي من أشكال قطع وقصّ الورق الذي كان يُمارس في المناطق الريفية في البلدين. ويرمز هذا الأسلوب أيضاً إلى الحيوانات والنباتات والمناطق المحلية، تكريماً للطبيعة الأم، والنمو المستمرّ والازدهار والخصوبة.

وأصبحت الويسينانكي البولندية حرفة شعبية في منتصف القرن التاسع عشر، بعدما نشأت بفضل الرعاة الذين كانوا يقطعون التصميمات من لحاء الشجر والجلد، ثم استعمل للزينة لوضعه على الأثاث والسقف كديكور، وحتى تقديمه كهدايا، أما في أوكرانيا فقد بدأت رحلة هذا الفن في نهاية القرن الخامس عشر إلى أوائل القرن السادس عشر، لكن الأمر استغرق بعض الوقت قبل أن يُصبح جزءاً لا يتجزأ من الفنون الزخرفية التي تمارس على مستوى القاعدة الشعبية في البلاد، مع العلم أن فن الـ"wycinanka" ربما يختلف بين منطقة وأخرى في البلد عينه.

يورو 2016: فرنسا الحداثة والكأس

في تلك النسخة جاء الشعار الجديد ليوجه رسالة للناظر إليه أن كرة القدم التقت بالفن، حينها ولأول مرة في التاريخ ظهرت الكأس في شعار اليورو وخرجت فرنسا عن المألوف نسبياً بعدم استخدام صورة لاعب أو كرة، لكنها بطبيعة الحال أبقت على ألوانها، بعدما أظهرت مزيج الألوان من الأزرق والأحمر والأبيض، لكن من دون استخدام رموز تعني الدولة بشكلٍ مباشر. بكل الأحوال، كانت الفكرة واضحة وتقليدية وظهرت بشكلٍ تجريدي، في حين أن النجوم والأقواس والدوائر كانت تعطي نظرةً لوجهٍ مُبتسم.

وحاول شعار تلك النسخة الجمع بين جمال اللعبة والطابع الخاص لبطولة أمم أوروبا بهدف أن يتمكّن أي مشجع من التعرّف إليه مباشرة، وقد صممته شركة "Brandia Central" البرتغالية، التي كانت أيضاً خلف شعار يورو 2012، مع العلم أن استخدام الكأس المعروفة باسم هنري ديلوناي تشيرُ إلى افتخار فرنسا بمؤسس هذه البطولة الذي توفي عام 1955، أي قبل انطلاق أول نسخة عام 1960، لكنه عمل لسنواتٍ حتى بات الحلم حقيقة، وكان "يويفا" قد علّق حول هذا الشعار بقوله حينها: "هنا تتحدث ألوان العلم الفرنسي، الأحمر والأبيض والأزرق، مع الخطوط والأشكال الانسيابية لإنتاج أسلوبٍ عصري وجريء، وهو ما يضفي تميزاً وأناقة، لطالما كانت فرنسا مصدر إلهام للفنانين".

بطولتا اليورو 2020 و2024

كان شعار بطولة يورو 2020 واضحاً للغاية، لم يكن فيه الكثير من الفلسفة، كان من الواضح أنّه مرتبطٌ بالبطولة نفسها، كأس هنري ديلوناي تظهر بوضوح، ومحاطة بالمشجعين الذين يحتفلون على الجسر، والذي يُمثل، وفقاً للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، كيفية ربط كرة القدم بين الناس وتوحيدهم، مع العلم أن تلك النسخة أقيمت في 11 دولة.

مع التطور الأخير في العالم باتت الشعارات، والخاصة بيورو 2024، مشتقة من أعلام الاتحادات الـ55 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي تجمع مجموعات مختلفة، والتي جرى جمعها في سقف الملعب الأولمبي في العاصمة برلين، حيث ظهر عملياً 24 لوناً، منها ستة أساسية، وبحسب "يويفا"، هو شعار يحمل رسالة الترحيب بالجميع، في إشارة إلى كرة القدم باعتبارها مكاناً يشعر فيه الجميع كأنّهم في منازلهم.