سياسة الاستقطاب ومصير اللاعب المحلي السعودي!

22 يوليو 2023
بنزيمة واحد من أبرز الأسماء التي وصلت هذا الميركاتو (فرانس برس)
+ الخط -

استراتيجية التحول التي تنتهجها رابطة الدوري السعودي للمحترفين لتحقيق النمو المستدام على المدى الطويل، تثير عديد التساؤلات في الأوساط الفنية والإعلامية والجماهيرية في السعودية وخارجها، حول مصير اللاعب المحلي ومستقبل المنتخبات السعودية، في ظل الاستقطاب المتزايد لنجوم الكرة العالمية الذي يعتبره أصحابه وسيلة لتطوير اللعبة في المملكة، وجذب المستثمرين وزيادة الإيرادات للدوري والأندية من حقوق البث التلفزيوني ومداخيل الإشهار، وبالتالي الرفع من القيمة التجارية والتسويقية للدوري المحلي ومستوى اللاعب السعودي، فيما يعتبره البعض الآخر تحولاً مكلفاً يؤثر سلباً باللاعب المحلي والمواهب الشابة التي تغرق وسط نجوم كبار يخطفون الأضواء.

وكانت الأندية السعودية قد نجحت في الظفر بخدمات نجوم الكرة العالمية منذ بداية السنة على غرار رونالدو، بنزيمة، نغولو كانتي، روبين نيفيز، ميلينكوفيتش سافيتش، مارسيلو بروزوفيتش، ايدوارد ماندي، كاليدو كوليبالي، روبيرتو فيرمينو، في انتظار استكمال صفقة رياض محرز وغيره من اللاعبين والمدربين المتميزين، الذين ستكون لهم بصمة فنية قوية ومردود اقتصادي كبير تنتعش به خزائن الأندية التي يرتفع مستواها، ويرتقي معها مستوى الدوري، ما ينعكس بالإيجاب على مستوى اللاعبين المحليين الشباب، خصوصاً الدوليين الذين يرتقون بمنتخباتهم إلى مستويات أكبر في المسابقات القارية والدولية، وهي الحجج التي يقدمها المؤيدون لفكرة الاستقطاب المدعوم من طرف الدولة عبر صندوق الاستثمار، التي تتكفل بكل الصفقات لصالح الأندية.

المعارضون للمسعى يتذرعون بارتفاع تكلفة الاستقطاب والإنفاق الكبير على لاعبين تجاوزوا سنّ الثلاثين، على حساب الاستثمار في المواهب الشابة التي تزخر بها الكرة السعودية، وإنجاز أكاديميات كروية تساهم في تكوين الشبان والمؤطرين، ويعيبون على المشروع الإفراط في الاستقدامات لصالح أندية معينة على حساب أندية أخرى، ما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص ويعمق الهوة بين الفرق الكبيرة والصغيرة، ويزيد من تذمر فئات كبيرة في الأوساط الجماهيرية التي تنادي بدعم نواديها بالشكل نفسه الذي يحصل به تدعيم الهلال والنصر والاتحاد والأهلي، على غرار جماهير أندية الشباب والاتفاق والقادسية والفيصلي والفتح والتعاون، التي لم تقتنع بكل الشروحات التي قدمتها الرابطة بشأن الاستراتيجية التي تتضمن برامج تطورية مرحلية تشمل الاستقطاب والتنظيم والتطوير بالتنسيق مع الأندية والاتحاد السعودي.

بغض النظر عن المؤاخذات، فإن الذي يحدث في السعودية من تحول يستحق الإشادة والتشجيع، ومن ثم التقييم والتصويب إن اقتضت الضرورة، والاستفادة من التجارب السابقة في الولايات المتحدة الأميركية وروسيا واليابان والصين رغم خصوصية الكرة في المملكة وشعبيتها ومهارات مواهبها والإمكانات المادية التي تتوافر عليها، وتجعلها تجربة ناجحة لا تقتصر على الاستقطاب بل تتعداه إلى الاستثمار المادي والبشري لمواكبة التحولات التي تشهدها المملكة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية التي تتطلب المال والجهد ومزيداً من الوقت لتحقيق رؤية المملكة 2030 التي تسعى لتنظيم نهائيات كأس العالم، وتطوير البنية التحتية خدمة للأجيال الصاعدة التي تحررت من كل العقد.

لا خوف على الكرة السعودية والدوري السعودي والمواهب السعودية إذا كان الاستقطاب مُرفَقاً بالتطوير والتكوين وإعادة التأهيل للاعب والمدرب والمؤطر السعودي وفق نظريات حديثة وذهنيات جديدة في كل الأوساط الإدارية الفنية والإعلامية والجماهيرية، أما إذا كان التحول منقوصاً، فعندها يكون الانشغال مشروعاً.

المساهمون