دورتموند فاز بالجولة الأولى.. والعبرة بالخواتيم

14 اغسطس 2014
كلوب أبدع أمام البايرن
+ الخط -

أثبت بروسيا دورتموند أنه خصم لا يهاب أحداً، ومع كامل الاحترام والتقدير لبطل الثنائية المحلية بايرن ميونخ، فإن أسود "الفيستفاليا" استحقوا عن جدارة لقب السوبر المحلي بعد مباراة كبيرة وعرض تكتيكي رائع من جانب كتيبة المدرب يورجن كلوب، فيما ظهر البايرن بشكل سيئ للغاية في مباراة تعتبر الأسوأ بعد رباعية الريال في أليانز أرينا خلال إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا العام الماضي، ورغم أن اللقاء في بداية الموسم والبطولة لا تُقارن أبداً بالدوري أو البطولات الأخرى إلا أن أداء بروسيا كان في قمته طيلة تسعين دقيقة.

واعترف بيب جوارديولا المدير الفني لـ"البافاري" بأحقية منافسه وأفضليته المطلقة خلال اللقاء، وهذا أمر يدل على قيمة العمل الكبير الذي قام به أصحاب الأرض سواء على الصعيد التكتيكي أو العمل الجماعي في كل لعبة هجومية وتصدٍ دفاعي.

ورغم أن البدايات لا تعبر في الغالب عن النهايات، إلا أن هناك بعض الملاحظات التي وضعت خطوط المباراة من البداية وحتى النهاية، لتعلن دورتموند بطلاً.

الضغط العالي
حينما سُئل عرّاب الكرة الأوكرانية، فاليري لوبانوفيسكي، حول ما الأكثر قيمة، العمل أم الموهبة؟ قال المدرب الكبير بأن "الفضل في النجاح يعود إلى العمل الجاد بنسبة تصل إلى 95 % بينما تتضمن الموهبة نسبة لا تزيد على 5 % فقط. أنت تحتاج إلى بناء اللاعب خطوة خطوة، شيئاً فشيئاً، تعمل معه بشكل فردي وجماعي، تعطيه نصائح تكتيكية وأخرى شخصية، تغرز فيه التواضع والاستماع، هي مهارات يحتاجها أي لاعب حتى يصل إلى قدر مميز من النجاح".

وأعتقد بأن فريق دورتموند يُمثّل نموذجا حقيقيا في الجماعية والقدرة على التحرك كمجموعة واحدة في تناغم غير عادي، لذلك أرهق الأسود فريق بايرن كثيراً ونجحوا في فرض أسلوبهم على الغريم.

ومن طريقة لعب 4-2-3-1، التي انتهجها يورجن كلوب، ليتنقل بين عدة أشكال تكتيكية متنوعة طوال المباراة، سواء عند الاستحواذ على الكرة أو فقدانها، لأن الرهان دائماً على التحكم في المساحات والفراغات داخل المستطيل الأخضر.

طبّق دورتموند الضغط بطريقة عبقرية، فتحولت خطة 4-2-3-1 إلى 4-2-1-3 أثناء استحواذ البايرن، وبالتالي في وجود ثلاث مدافعين بالخلف، فإن لاعبي بايرن اصطدموا بالخط الأصفر الأول، ما أدى إلى صعوبة خروج الكرة من خلف الثالوث، أوباميانج، إيموبلي، هوفمان في الأمام، والأرميني ميخيتريان يراقب لاعب ارتكاز بايرن الذي يعود إلى الخلف من أجل الحصول على الكرة، مع وجود ثنائي ارتكاز في المنتصف يضغط بقوة على وسط بايرن الباحث عن الكرة.

تركيبة فعّالة أجهضت كل الهجمات البافارية وجعلت فريق دورتموند أقرب إلى دور البطل الذي يلعب بمفرده في الملعب، ومع استغلال الفرص وتبادل المراكز، أصبح الفوز في غاية السهولة وكأننا في حضرة مباراة ودية احتفالية، وليس نهائي كأس السوبر الألماني، فتّش عن الضغط العالي واللياقة الحديدية في سرعة استخلاص الكرة، أمور سحرية في تفوق كتيبة كلوب.

بايرن التائه
حينما تجد مشكلة في الهجوم، لا تنظر إلى الأمام ولكن ضع عينيك على الخلف، لأن فريقك فشل في إخراج الكرة من الدفاع إلى الهجوم، قاعدة تكتيكية معروفة عن الثلاثي، فان جال، بييلسا، وبيب جوارديولا، لكن الفيلسوف فشل في إخراج النص الكروي خلال المباراة، ما جعل العملاق البافاري يظهر بصورة سيئة طيلة تسعين دقيقة، مع غياب لاعب الوسط المهاري الذي يجيد فن التصرف بالكرة في ظل غياب كافة الحلول الجماعية، والمتمثل في تياجو ألكانترا المصاب.

لم يُحسن جوارديولا إدارة الأمور أو تجهيز فريقه قبل وأثناء المباراة، ورغم قلة أهمية البدايات مقارنة بالنهايات، فمن الواضح افتقاد البايرن للاعب الذي يربط خطوط الفريق ويساهم في التحولات الهجومية.

وبالطبع، ندرة العناصر الدفاعية أصبحت مشكلة تحتاج إلى حل فوري وسريع، خاصة أن دانتي وبواتينج فقط غير كافيين، ويجب على إدارة الفريق سرعة التعاقد مع مدافع آخر من أجل تطبيق خطط وأفكار المدير الفني وجهازه المعاون.

ويبدو مهدي بن عطية، خيارا غير قابل للنقاش للفريق البافاري، فهو مدافع سريع وقوي، يجيد التمرير والاستلام، بالإضافة إلى مهارة قطع الكرات وبداية الهجمات، ومع إصابة خافي مارتينيز، فإن كل الأمور تسير نحو اتجاه واحد لا رجعة فيه، إما تدعيم الخط الأخير بأسماء أخرى، وإلا الاستمرار في السير نحو المجهول، خصوصاً مع وجود صعوبات ومعوقات متتالية أمام الفرق التي تلعب بشكل سريع وتضغط من المقدمة.

المبالغات قاتلة
كرة القدم تعتبر نظاماً مكوناً من 22 فرداً لاعباً، كل جانب يضم 11، يتحرك كل فريق في الملعب وفق القوانين الموضوعة، وإذا تساوى النظامان فإن التعادل سيكون سيد الموقف، بينما الفوز يأتي عندما يتفوق جانب على آخر. كرة القدم ليست للأفراد، فالجماعية هي الحل.

مقولة شهيرة للمدير الفني الأسبق لدينامو كييف الأوكراني، فاليري لوبانوفيسكي، تؤكد أن التكتيك وحده غير كاف وليس نهاية المطاف. لا يوجد نظام تكتيكي عظيم أو سيئ، بل يوجد إمكانية تطبيق التكتيك بشكل صحيح أو بطريقة خاطئة، لذلك ما زال الموسم في أولى خطواته، والكل قادر على تطوير أدواته ومعالجة نقاط ضعفه، فقط لا داعي للمبالغة أو السير في خبايا لا طائل منها، دورتموند فاز بالخطوة الأولى، والقادم أمتع لا محالة.

المساهمون