تراقب الجماهير الرياضية المُحبة لرياضة الفنون القتالية، المؤتمرات الصحافية التي يُقيمها دانا وايت، رئيس منظمة "يو إف سي"، عندما يُعلن عن المواجهات القوية بين مشاهير اللعبة، التي باتت تقدر قيمة المؤسسة السوقية لها بـ5 مليارات جنيه إسترليني.
لكن ما لا تعرفه الجماهير الرياضية، هو طريقة وصول دانا وايت إلى وضعه الحالي، وقصة كفاح قوية استغرقت عقدين من الزمن، حتى تصبح المنظمة قوية للغاية، بعدما كانت تُعاني كثيراً، إلا أن صاحب الـ(51 عاماً) انتشلها من الانهيار وأعادها إلى الطريق الصحيح.
نشأ دانا وايت مع شقيقه فرانك وأخته في المنزل، وأشرفت والدته على تربيته، لأن والده كان مدمنا على الكحول ولا يعمل، ما جعل الطفل الصغير يُعاني كثيراً في طفولته، بسبب غياب أحد الركائز الأساسية في عائلته، غير أنه صمّم على النجاح فقط لا غير.
وانتقل وايت إلى لاس فيغاس، حتى يعيش مع والدته التي حصلت على عمل في المدينة، وأدخلته إلى مدرسة جورمان الثانوية، لكنه تعرّض للطرد نتيجة تصرفاته المجنونة، وعلى رأسها تسكيره للأبواب، بالإضافة إلى الاعتداء على إحدى المعلمات.
ولم يشفع لدانا وايت طرده من المدرسة، بعدما أجبرته والدته على إنهاء تعليمه، الذي تخرج منه، وبدأ رحلة بحثه عن وظيفة تناسبه. لكنه فجأة قرر الدخول في عالم الفنون القتالية المختلطة، بحسب ما قاله صديقه المقرب توني روبنز، الذي نقلت حديثه صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وقال روبنز: "لقد كان وايت يعمل ساعياً بأحد الفنادق وعمره 19 عاماً، لكنه قرر تقديم استقالته بشكل مفاجئ، لأنه يريد أن يكون مُحترفاً في رياضة الفنون القتالية، واعتقدت حينها بأن هذا أغبى شيء سمعته في حياتي".
وبعد استقالة وايت، فكر في الأمر بشكل جدي، خاصة أنه في حال فشله في رياضية الفنون القتالية سيعود مرة أخرى لإيجاد وظيفة جديدة، لذلك ذهب للعمل مع البطل السابق بيتر واليش، الذي تعلّم منه جميع الأمور حول لعبة القتال.
واكتسب وايت خبرة كلاعب، ومدرب، بالإضافة إلى الترويج، وهي التي يستخدمها حتى الآن في منظمته العملاقة، لكن اللحظة الفارقة في حياته كانت بعمر الـ(21 عاماً)، عندما نجا من الموت، بعدما تعرّض لضرب مبرح من قبل مجموعة من الأشخاص لمدة 20 دقيقة.
وعانى وايت بعد الحادثة المؤلمة من فقدان السمع وتلف في الأعصاب، لكنه بعد عدة سنوات نجح في إجراء عملية جراحية في إحدى العيادات بألمانيا، المتخصصة بعلاج الخلايا الجذعية، بعدما عمل بجهد حتى لفت الأنظار إليه.
لكن ازدهار عمله، اصطدم بشخص سيئ السمعة، يدعي وايتي بلوغر، الذي كان مطلوباً من مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة، وطالب دانا وايت بدفع مبالغ نقدية بشكل متواصل، حتى وصل الأمر إلى التهديد المُباشر بالقتل، حينها أدرك وايت أنه عليه المغادرة وترك كل شيء خلفه.
وبعد أن خشي دانا وايت على سلامته، سافر إلى مدينة سين، والتقى مصادفة بأحد أصدقائه القدامى في المدرسة، الذي يريد دخول عالم الفنون القتالية، ليباشر وايت العمل بشكل صحيح على الرياضية التي أحبها.
وقام وايت بتجهيز صالة رياضية، كان أحد روادها أسطورة الملاكمة فلويد مايويذر، الذي كان يتدرب هناك، وأصبح دانا وايت مدربه ومدير أعماله، حتى أن الملاكم المعتزل قام بارتداء ملابس خاصة تحمل اسم شركة وايت في أول قتال احترافي له.
وأصبح وايت يعمل في جوانب مختلفة برياضية الفنون القتالية، حتى اكتشف أن منظمة "يو إف سي" تعاني ماليا، ومالكها يستعد لبيعها مقابل مليوني دولار، ما جعل دانا يبلغ شقيقه فرانك بأنه يجب عليهم الحصول على الصفقة.
وفي عام 2001، شكل وايت شركة جديدة مساهمة مع مجموعة من الأصدقاء، وقام بشراء "يو إف سي"، لتبدأ رحلته المضنية في البحث عن رعاة جدد، من خلال قيامه بالسفر المتواصل في جميع أنحاء البلاد، وإظهار أهمية رياضة الفنون القتالية المختلطة، لأنها تجلب الأرباح المالية بشكل كبير.
لكن دانا وايت اصطدم بالرفض من الجميع، وكادت الأموال التي أنفقها تذهب أدراج الرياح، حتى أنه أبلغ صديقه لورنزو بأنه صرف 40 مليون دولار من دون الحصول على شيء، وبات قاب قوسين من إغلاق كل شيء.
ورفض لورنزو الاستماع إلى ما قاله وايت، وحثه على مواصلة العمل والصبر، وبالفعل صرفت "يو إف سي" 10 ملايين دولار على حدث جديد، وأبلغ دانا وسائل الإعلام الأميركية، بأنهم سيشاهدون شيئاً لم يسبق لأحد أن فعله.
ولم تكن وسائل الإعلام الأميركية مهتمة بأحداث "يو إف سي"، ما جعل وايت يُقدمها بشكل مجاني، لتصل إلى الجماهير التي اهتمت بشكل كبير بما رأته عبر الإنترنت، وأصبحت تبحث عن هذه الرياضة، ليعلم دانا وايت بعدها أنه بدأ في حصد جهد السنوات المضنية.
وفجأة ومن دون مقدمات، بات دانا وايت مطلوباً بشكل كبير من قبل وسائل الإعلام الأميركية، التي خاضت سباقاً مضنياً من أجل إقناعه بالظهور لديها، ليستغلها بشكل جيد للغاية، حتى يقوم بتوجيه رسائل خاصة لجميع المقاتلين في العالم.
وبالفعل في عام 2016، اشترى دانا وايت بمبلغ 4 مليارات دولار عدداً من الشركات، واستمر بالعمل في منصبه كرئيس لمنظمة "يو إف سي" التي باتت تنمو بشكل كبير، وعمل على استقطاب أسماء كبيرة في رياضة الفنون القتالية المختلطة، مثل الروسي خبيب نورمحمدوف، والأيرلندي ماكغريغور.
وصنع دانا وايت شركة كبيرة تقدّر قيمتها بـ5 مليارات جنيه إسترليني، مع تواجد الآلاف من الموظفين، الذين يعملون بشكل مستمر على إقامة الأحداث الكبيرة في مختلف دول العالم، وبطريقة جديدة، تُجبر الجماهير على حضور المواجهات القوية.
وأثبت دانا وايت للجميع، بأنه استطاع تحويل شركة مثقلة بالديون إلى مؤسسة كبيرة ناجحة، لديها القدرة المالية الكبيرة على تنظيم أعظم الأحداث الرياضية في المستقبل، بفضل عمل طويل مجهد ومتعب.