غزت التقنية عالم الرياضة مبكراً، سعياً لتطوير الأداء وتحسين النتائج وزيادة الفرجة؛ فطاولت بداية أساليب التدريب، بغية رفع مستوى الرياضيين لتحقيق المزيد من النجاحات بالنتائج والأرقام.
وبالطبع، رافق هذا النجاح الواضح تطور نوعي بالتجهيزات والأدوات الرياضية المستخدمة التي استعانت بتقنيات عديدة، كقياس الجهد وقياس المسافات المقطوعة والسرعات المستخدمة مع تطوير تجهيزات اللاعبين لتصبح أقل وزناً وأكثر سلامة، وواكبتها أيضاً قفزات نوعية في أساليب وأدوات النقل التلفزيوني؛ مما جعل مساحة المتعة والتشويق أكبر، وهذا زاد في أعداد المشاهدين والمتابعين والمعلنين.
لكن التطور الرياضي الحاصل بالأداء والسرعة مع النقل التلفزيوني المتفوق، كشف عن العديد من النواقص والأخطاء التي لم يكن من السهل الوصول إليها سابقاً، وتحديداً بالجانب التحكيمي الذي أصبح في مرمى نيران المتضررين، إلا أن المسؤولين عن اللعبة عموماً وعند التحكيم خصوصاً وقفوا في وجه هذا الغزو التقني، متذرعين بالمحافظة على بساطة اللعبة وشعبيتها الجارفة، إلا أن هذا الصمود لم يدم طويلاً تحت تأثير الأخطاء الفادحة التي تم ارتكابها، والتي غيرت من نتائج بعض المباريات الهامة، فأثرت على تأهل أو فوز فرق ومنتخبات عديدة.
أول هذه التنازلات الخجولة كانت في كأس العالم في ألمانيا 2006، حينما اعتمدت تقنية التواصل اللاسلكي بين أفراد الطاقم التحكيمي بغية تحسين وتسريع عملية التعاون، فكانت خطوة إيجابية للأمام لا يزال معمولًا بها حتى الآن.
لكن حادثة اللاعب الفرنسي تييري هنري الشهيرة بالسيطرة على الكرة باليد بشكل متعمد، وتمريرها لزميله ويليام غالاس الذي سجل منها هدف التعادل في الدقيقة السابعة عشرة من الوقت الإضافي في مرمى المنتخب الأيرلندي عام 2009، والذي أهل فرنسا لكأس العالم في جنوب أفريقيا 2010، وتسببت في اعتزال حكم المباراة السويدي مارتين هانسون، وأثارت ضجة كبيرة، طالبت المعنيين بضرورة اعتماد التقنية لمعالجة هذا النوع من الأخطاء المؤثرة.
وزادت الأمور تعقيداً فيما بعد، عندما شنت الصحافة الإنكليزية هجوماً عنيفاً لعدم احتساب هدف لامبارد في مرمى المنتخب الألماني المهم في توقيته وتأثيراته على مجريات مباراة ربع النهائي لكأس العالم 2010، والتي انتهت بخسارة المنتخب الإنكليزي بأربعة أهداف مقابل هدف واحد، ليتوجه المسؤولون عن اللعبة لمخاطبة التقنيين، للبحث عن طريقة لاحتساب الأهداف التي تتجاوز فيها الكرة بكاملها خط المرمى بين القائمين وتحت العارضة.
فتقدم التقنيون بمشروعين، أحدهم ألماني، يعتمد على كرة تحمل شريحة إلكترونية يمكن رصدها عند التجاوز، وآخر إنكليزي اعتمد على تقنية "عين الصقر" المطبقة بلعبة التنس، والتي تعتمد على عدد من الكاميرات المحيطة بالمرمى، ومن اتجاهات مختلفة، والمتصلة بساعة الحكم لتعلمه على الفور أن الكرة قد تجاوزت بكاملها خط المرمى، فأثبتت التقنية الإنكليزية (تقنية خط المرمى) فاعلية كبيرة، رغم قلة الحالات التي عالجتها، فاعتمدت في عام 2012 واستخدمت في مونديال البرازيل 2014، وما زالت حتى الآن.