مع استمرار الشكوى من الأخطاء المؤثرة على نتائج المباريات، تحولت الانظار باهتمام كبير لمتابعة تجارب تقنية "الفار" التي نجحت بتصحيح بعض القرارات التحكيمية، لكنها واجهت بالمقابل بعض الانتقادات لطول زمن (التحقق) من قبل حكام الفيديو المساعدين الموجودين في حجرة الفار، ومن قبل حكم الميدان.
ويصل الزمن الكلي أحيانا إلى 4 دقائق، بسبب قلة الخبرة بالتعامل مع التقنية الجديدة، التي كانت تحتاج لبعض الوقت للتأقلم معها، ما دفع القائمين عليها لإدخال بعض الإجراءات لتحسين آليات التعامل أخذين بعين الاعتبار أمرين هامين ما زال العمل بهما قائما:
1- الحفاظ على سرعة إيقاع اللعب، وتقليص الزمن الضائع، بما يتفق مع صحة القرار وعدالته (الدقة أكثر أهمية من السرعة).
2- التأكيد على سلطة الحكم باتخاذ القرار النهائي (القرار للحكم وحده)، ليصدر البروتوكول الخاص بتقنية حكم الفيديو المساعد التي تسمى بتقنية (الفار)، ولتحدد المبادئ والواجبات والإجراءات الخاصة بها، التي تتفق مع مبادئ وفلسفة قوانين اللعبة والتي ركزت على المبادئ التالية:
1- يقوم الفار بمراجعة قرارات الحكم باستخدام لقطات الفيديو، ويتواصل مع الحكم من خلال سماعة الرأس.
2- يقوم الفار بالتحقق تلقائيا من كل حالات المباراة والقرارات المتخذة فيها (وبالتالي لا حاجة لمطالبة الحكم بمراجعة الشاشة)، وهذه العملية تسمى بـ"الاختبار الصامت".
3- تعتمد التقنية على التداخل في الحد الأدنى المتمثل فقط (بالأخطاء الواضحة والظاهرة، أو الأحداث المهمة التي لم ينتبه إليها الحكم)، بهدف الوصول إلى أقصى درجات العدالة، والتي حصرت في الحالات الرئيسية التالية:
الهدف
إذا سبقه خطأ ارتكبه المهاجم في مرحلة البناء (أي منذ اللحظة التي استحوذ فيها فريقه على الكرة)، أو قبل تسجيل الهدف. ومنها وجود خطأ (لمس الكرة باليد، الدفع.. إلخ)، أو وجود تسلل، أو خروج الكرة خارج اللعب قبل إحراز الهدف، بتجاوزها خط التماس أو خط المرمى.
ركلة الجزاء
إذا احتسبت بالخطأ، أو اذا لم تحتسب، أو إذا أخطأ الحكم بتحديد مكان المخالفة (داخل أو خارج منطقة الجزاء)، أو إذا ارتكب المهاجم خطأ في مرحلة البناء لحالة ركلة الجزاء/ أو تجاوزت الكرة خط التماس أو المرمى في مرحلة البناء أيضا، أو أثناء تنفيذ ركلة الجزاء حصل خطأ من قبل الحارس أو من الركل، أو حدث خطأ من قبل المهاجم أو المدافع فأصبح متداخلا في اللعب بعدما ارتدت الكرة من العارضة أو القائم أو الحارس.
حالات الطرد المباشرة
قيام اللاعب بارتكاب سلوك مشين (عض، بصق، إشارة مهينة أو بذيئة، ضرب المنافس على وجهه أو رأسه باليد أو الذراع)، أو لعب بعنف، أو منع فرصة محققة لتسجيل هدف، أو منع هدفا مؤكدا باستخدام اليد. مع ملاحظة أن الفار لا يتدخل بالأخطاء التي تستحق الإنذار، وبالتالي لا يتدخل بالإنذار الثاني الذي يؤدي إلى الطرد.
الخطأ في تحديد هوية اللاعب
يتدخل الفار إذا أخطأ الحكم في تحديد هوية اللاعب الذي يستحق بطاقة الإنذار أو الطرد، بعد إشهار البطاقة للاعب الخطأ.
الإجراءات العملية
يجب على الحكام (الحكم، الحكام المساعدون)، اتخاذ قرار مبدئي، كما لو كان حكم الفار غير موجود. ويجوز تأخير الصافرة أو الراية لخطأ محتمل أثناء المواقف الهجومية الواضحة (احتمال تسجيل هدف، أو الجري بوضوح باتجاه منطقة الجزاء أو داخلها).
وعلى الحكم تأخير استئناف اللعب بعد توقف اللعب فعليا، أو أن يقوم الحكم بايقاف اللعب بعدما انتقلت الكرة إلى الفريق الآخر الذي تحرك للهجوم. كما لا يسمح القانون بتغيير قرارات استئناف اللعب مثل (الركلات الركنية، رميات التماس.. إلخ)، أو إذا كان اللعب قد استؤنف بعد توقف وهذا هام جدا، حيث لا يمكن للحكم عندها تغيير قراره، لهذا لا يستأنف الحكام اللعب إلا بعد التأكد من صحة الأهداف أو ركلات الجزاء المحتسبة.
القرار النهائي دائما للحكم، فبعد إجراء عمليات التحقق من قبل الفار، ومراجعة الحكم للحالة عبر الشاشة، فإن للحكم الحق بالثبات على قراره الأول، أو تصحيحه وفقا لما شاهده.
وتستمر صلاحية المباراة حتى لو تعطلت تقنية الفار أو تقنية خط المرمى، أو إذا أخطأ حكام الفار بعدم مراجعة إحدى الحالات.
لقد أحدثت تقنية الفار نقلة نوعية بعد اعتمادها وتجريبها في كأس العالم للأندية 2016، واستخدامها في الدوري الألماني والإيطالي 2017 والإسباني والإنكليزي وكأس الاتحاد الأوروبي 2018، الذي دفع فيفا لاتخاذ القرار الأهم في مسيرة استخدام التقنية حينما قررت استخدامها في كأس العالم روسيا 2018، والتي حققت نجاحا باهرا، حيث بلغت نسبة النجاح 99.39% من خلال فحص 335 حالة بمعدل 7 حالات في كل مباراة، وتم على أثرها تغيير أو إلغاء 14 قرارا، ليرتفع عدد ركلات الجزاء المحتسبة إلى 29 ركلة، متجاوزا الرقم المسجل سابقا في كأس العالم كوريا الجنوبية واليابان 2002، وهذا ما جعل القائمين على اللعبة يفكرون برفد تقنية الفار بتقنيات أخرى، كتقنية التسلل شبه الآلي التي سيتم استخدامها في كأس العالم القادمة "قطر 2022".