بين محرز سيتي ومحرز منتخب الجزائر

30 ابريل 2022
محرز نجم فريق مانشستر سيتي الإنكليزي (Getty)
+ الخط -

تألُّق رياض محرز مع فريق مانشستر سيتي هذا الموسم أعاد إلى الواجهة نقاشاً لم يتوقف بشأن ما يقدمه اللاعب من مستويات عالية مع فريقه في الدوري الإنكليزي ودوري أبطال أوروبا، إذ يتصدر ترتيب هدافي الفريق حتى الآن في جميع المسابقات، وترتيب الدوري مع فريقه الذي بلغ معه نصف نهائي دوري الأبطال، بينما يبقى أداؤه متذبذباً مع المنتخب الجزائري، الذي أخفق معه في نهائيات كأس أمم أفريقيا الأخيرة في الكاميرون. ولم يتمكن من قيادته إلى نهائيات كأس العالم في قطر، ولم يظهر بالشكل المعتاد والمنتظر من عشاق الكرة الذين انقسموا بين متفهم للظروف واختلاف المعطيات، وبين متذمر لا يجد تفسيراً للمردود المتباين، بينما يواصل محرز تألقه مع مانشستر سيتي، رغم متاعبه مع مدربه غوارديولا الذي يفرض عليه ضغطاً كبيراً من خلال تعامله معه وإبقائه على كرسي الاحتياط كل مرة.   

بعض الجزائريين ذهبوا إلى درجة اتهام رياض محرز بالتخاذل عندما يلعب مع المنتخب الجزائري، وعدم بذل المجهود الكبير، رغم أنه قائد للفريق، فيما يعتبر البعض الآخر أنّ من الخطأ مقارنة ما يقدمه أي لاعب مع ناديه، مع ما يقدمه في المنتخب، مثلما يحدث كل مرة مع محمد صلاح في مصر وليونيل ميسي مع الأرجنتين، لما كان يلعب في برشلونة، ولاعبين آخرين يتعرضون للانتقادات نفسها كل مرة رغم اختلاف الظروف والمعطيات وأجواء اللعب في المنتخب والنادي، ما عدا بعض الاستثناءات التي يصنعها رونالدو مثلاً مع البرتغال، ومودريتش مع كرواتيا، ومبابي وبنزيمة مع فرنسا، بنسب متفاوتة تحكمها معطيات وظروف خاصة، بسبب تعودهم اللعب أسبوعياً مع نواديهم وتأقلمهم مع مُميزات لا تتوافر في منتخباتهم التي يشاركون معها دورياً، لا أسبوعياً، بمعدل مباراة واحدة كل ثلاثة أشهر.

معطيات أخرى موضوعية تدخل في الحسبان في وضعية محرز مع المنتخب الجزائري، حيث يجد نفسه يلعب على أرضيات ميادين مختلفة تماماً عن تلك التي يلعب فيها في إنكلترا، وأجواء مناخية ونفسية وأمنية، وحتى فنية مختلفة، لأن سيتي يتوافر على فرديات لامعة في مختلف المناصب، ومنظومة لعب جيدة تسهل من مهمته في الإبداع، يتدرب معها يومياً ويلعب معها أسبوعياً على أرضيات ميادين جيدة.

بينما يضطر مع المنتخب الجزائري إلى القيام بأدوار إضافية مختلفة ومواجهة ضغوطات وظروف خاصة تفرض عليه الحذر في التعامل معها، دون أن تصل إلى درجة التشكيك في نياته والتزامه مع المنتخب الذي سمح له بالبروز دولياً والفوز في كأس أمم أفريقيا 2019، والتتويج بلقب أفضل لاعب في أفريقيا، وحتى الحضور ضمن العشرة الأوائل في ترتيب جائزة أفضل لاعب في العالم.

صحيح أنّ رياض محرز سيتي ليس هو محرز المنتخب، وخاصة في الفترة الأخيرة، وتوجد بعض الاستثناءات التي يتألق فيها اللاعبون مع أنديتهم ومنتخبات بلادهم على حد سواء، لكن مستويات أغلب اللاعبين الدوليين تكون عادة أفضل مع نواديهم منها مع منتخبات بلادهم، ومحرز الذي يوصف أحياناً بالبارد مع المنتخب الجزائري، يعاب عليه في سيتي أيضاً أنه ليس لاعباً مقاتلاً مثل بعض زملائه، لا يتعرض للإصابات، ولا ينال البطاقات الصفراء، لكن مردوده الفني يبقى في المستوى، ما دفع سيتي إلى التفاوض معه من أجل تجديد عقده.

وجعل أكبر النوادي الأوروبية تسعى للاستفادة من خدماته مع اقتراب نهاية عقده مع سيتي على غرار ميلان، الريال والباريسي وحتى فريق برشلونة، ليبقى واحداً من اللاعبين المميزين في العالم، والقادر على صناعة الفارق مع فريقه والمنتخب الجزائري على حد سواء.

الإجماع على اختلاف مردود محرز بين مانشستر سيتي والمنتخب لا ينفي اختلاف وتباين الظروف ومنظومة اللعب، ما يجعل الأمر عادياً وطبيعياً، لا يختلف عن مردود الكثير من اللاعبين البارزين في العالم، وبالتالي تحمل المقارنة الكثير من الإجحاف في حق اللاعب، مثل إجحاف الأرجنتينيين في حق ميسي، وإجحاف المصريين في حق محمد صلاح، وحتى ليفاندوفسكي مع بولندا والبايرن، ولاعبين آخرين كثيرين ماضياً وحاضراً ومستقبلاً دون شك.

المساهمون