يبدو أن المؤتمرات الصحافية لمدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي لم تعد مجرد مؤتمرات عادية، يتم الحديث فيها عن الأمور التي تخص كرة القدم، ويكتفي فيها المدرب بالرد عن طريق أجوبة كلاسيكية حول المباريات التي سيلعبها، بل تجاوزت هذا الأمر إلى كونها محاضرات في فن التسيير، ودروس في طريقة معالجة المشاكل، ومحطة يجب على الجميع عدم تفويتها للتعلم كيف يجب أن تكون رجلاً قبل أن تكون مسؤولاً، مدرباً كنت أم في أي منصب آخر.
المؤتمر الذي أجراه بلماضي، الأربعاء، استهله بدرس كبير في التضامن، حيث لم يكتف بالبيان الذي نشره على موقع اتحاد الكرة الجزائري، واستغل الموقع من أجل الترحم على أرواح ضحايا الحرائق، وعلى شهيد الوطن جمال بن سماعين، وتجاوز الأمر إلى لعب دوره كونه المحبوب رقم واحد في الجزائر، بتوجيه رسالة للشعب الجزائري، طالبهم من خلالها بالبقاء متحدين ومتضامنين دائما.
الجانب الإنساني لدى بلماضي لم يتوقف عند هذا الحد، بل كشف لأول مرة عن أنه طلب من اللاعبين التضامن مع الشعب واقتناء مكثفات الأكسجين، ما مكنه من جمع 250 ألف يورو في 48 ساعة، دون الحديث عن الأمر أو الخروج إلى وسائل الإعلام، كما فعل الكثيرون مكتفين بالبهرجة الإعلامية دون تقديم مساعدات حقيقية على أرض الواقع.
صراحة بلماضي التي اعتدنا عليها، كانت السمة البارزة لمؤتمره الصحافي، حيث فضح تقاعس المسؤولين في القيام بعملهم على أكمل وجه، وفضحهم علنا أمام الرأي العام، واضعا إياهم أمام مسؤولياتهم تجاه الشعب والوطن بمحاربة المنتخب الذي يمثلهما على حد قول بلماضي.
ما فعله جمال منذ إشرافه على منتخب الجزائر، يجب أن يصبح مرجعاً في كل المجالات، بداية بنجاحه كمدرب في تحقيق وثبة كروية بتحقيق اللقب القاري لأول مرة خارج الوطن، وجعل مستوى الخضر في مصاف الكبار وينافس المنتخبات الكبرى، ويدخل سلسلة اللاهزيمة بـ27 لقاء على التوالي، إضافة إلى تقديم عديد من الأسماء وخلق مجموعة كبيرة تعطيه حرية كبيرة للاختيار، بل واصل الأمر إلى تقديم دروس في الصراحة بقول الأمور كما هي دون تزييف ولا تلوين سعياً لإرضاء أي أحد، مسؤولاً كان أم مواطناً عادياً.
تسمية الأمور بمسمياتها هي ما تحتاجه الكرة الجزائرية، وأن يقوم كل واحد بمسؤوليته على أكمل وجه هو السبيل الوحيد للنهوض بها، أن يقوم الرئيس بدوره والمدرب واللاعب ومسؤول الصيانة ومسؤول العتاد والإعلامي، هي منظومة مترابطة ونجاحها يحتاج للتكامل.