بلايلي وبونجاح: ليس دائماً "الإخوة أعداء"

18 يناير 2021
بلايلي وبونجاح ثنائي مميز (Getty)
+ الخط -

من روائع الأدب الروسي، نجد روايات فيودور دوستويفسكي، التي مثلت علامة بارزة في تاريخ الأدب العالمي، ومن أهم رواياته "الأخوة كارامازوف"، التي وصل صداها إلى السينما المصرية، فجُسدت في فيلم "الأخوة الأعداء"، أي نعم هناك فارق بين الرياضة والأدب، غير أنني اقتبست العنوان بتصرف، كون الأمر لا يتعلق بإخوة أعداء وإنما بإخوة وأصدقاء فشلت الكرة في أن تجعلهم أعداء.

من أزقة مدينة وهران غربي العاصمة الجزائرية، بدأ مشوار الثنائي يوسف بلايلي وبغداد بونجاح معاً في إحدى الفرق الصغيرة هناك، ليكمل كل واحد مشواره بعيدا عن الآخر، ويجمعهما القدر مرة أخرى بقميص المنتخب الجزائري، بعد أن بات بغداد المهاجم الذي يلبي طلبات المدرب جمال بلماضي التكتيكية، ويعيد هذا الأخير بلايلي إلى صفوف المنتخب بعد إبعاد دام لسنوات لأسباب يعلمها الجميع.

الأخوّة والصداقة بين اللاعبين بدت جلية من خلال التناغم الكبير بينهما فوق المستطيل الأخضر والتفاهم الواضح في اللعب، ليشكلا ثنائياً كان أحد أبرز نقاط قوة المنتخب الجزائري الحائز على كأس أمم أفريقيا 2019 في مصر، بل مكانة كل واحد مهمة بالنسبة لمدرب الجزائر، لدرجة غضبه الشديد على بلايلي وإبداء ذلك خلال أحد مؤتمراته الصحافية.

لكن، هذا الموسم، الأخوّة والصداقة تحولتا إلى تنافس كروي كبير على الملاعب القطرية، فنجم نادي قطر الجديد، دخل في الأمور الجدية مباشرة، ولم ينتظر طويلا حتى يبرز نجما كبيرا خطف الأضواء من كل دوري نجوم قطر، بقيادته فريقه إلى كوكبة المقدمة، وكذلك اعتلاء صدارة هدافي الدوري بأقل عدد مباريات، وأرقام لم يكن يتوقعها حتى أشد المتفائلين من مشجعي الملك.

ثورة بلايلي الكروية مع قطر دفعت بونجاح إلى الاستفاقة من جديد والعودة بقوة إلى التهديف، ليتمكن من استعادة عرشه كهداف للدوري القطري، ليعطي بذلك شارة الانطلاق لمنافسة قوية مع صديقه المقرب جداً، وصراع كروي ممتع لجماهير نادييهما وعشاق الكرة عبر العالم العربي، تشير كل المعطيات إلى أنه قد ينتهي بأرقام تاريخية في نهاية الموسم.

ما يحدث بين بلايلي وبونجاح أقرب لما حدث بين النجمين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، فقدوم النجم البرتغالي إلى الدوري الإسباني أشعل فتيل المنافسة مع النجم الأرجنتيني، ما منح العالم وعشاق الساحرة المستديرة سنوات من التنافس، وحربا كبيرة كروية وإعلامية، انتهت بتحطيم أرقام قياسية صمدت عقوداً من الزمن، جعلت فريقي ريال مدريد وبرشلونة ينالان العديد من الألقاب، ناهيك عما توج به الثنائي من جوائز فردية سيطرا من خلالها على العالم.

ورغم أن ميسي ورنالدو كانا متنافسين فقط، فإن الثنائي الجزائري سيشكل حالة منفردة في تاريخ الكرة، كون التنافس الكبير بينهما على أرضية الملعب لم يجعل الأخوة أعداء مثل رواية دوستويفسكي، بل لا يزالان صديقين مقربين، بحكم الصور التي تجمعهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو الروح الرياضية التي كانت في اللقاء بينهما بتدخل بونجاح لتهدئة بلايلي، حيث هزمت الأخوّة التنافس، ففضل أن يبقى منافسه في الملعب على أن يستفزه أكثر ليخرج ويلعب هو وفريقه أمام خصم بعشرة لاعبين فقط.

المساهمون