بطولة كأس الخليج من الولادة إلى التطور.. فصول الحكاية المثيرة

01 يناير 2023
رحلة بطولة كأس الخليج بدأت عام 1970 وبقيت حتى يومنا هذا (أسعد نيازي/فرانس برس)
+ الخط -

تحظى بطولة خليجي 25 باهتمام كبير في الوقت الراهن، إذ تنطلق بعد غد الجمعة، على ملاعب مدينة البصرة العراقية، لكن كيف كانت بداية هذه الدورة، وكيف تطورت؟

الفكرة والبداية

هناك أكثر من قصة حول انطلاق هذه البطولة، وسنروي ما يعتبر الأكثر انتشاراً، والبداية مع البحرين التي يقال إنّها وقفت خلف الشرارة الأولى لبطولة كأس الخليج، وذلك بعد طرح من الشيخ محمد بن خليفة، رئيس الاتحاد البحريني للعبة، الفكرة على رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" آنذاك ستانلي روس، خلال حضوره في أولمبياد مكسيكو عام 1968، لتلقى قبولاً واهتماماً كبيرين.

وشهدت البحرين على إثرها زيارة روس الذي أعطى الضوء الأخضر لانطلاق هذه البطولة وإقامة أول نسخة، إذ التقى عام 1969 حاكم البحرين يومها الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وكان الهدف من هذه المسابقة أنّها سترفع من حدّة المنافسة لتلك المنتخبات، لا سيما أنّ التأهل إلى كأس العالم في ذلك الوقت كان صعباً للغاية، فتقررت مشاركة الكويت والسعودية والبحرين في البطولة، بينما منحت قطر مشاركة استثنائية حينها، لأنها لم تكن تمتلك عضوية في الاتحاد الدولي.

من جانب آخر، كان الأمير خالد بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود، قد أكد في وقت سابق، أنّه كان صاحب الفكرة حين اقترحها خلال مأدبة عشاء أقيمت في ختام زيارة للمنتخب البحريني بحضور الشيخ محمد بن خليفة، وذلك خلال حوار سابق له في عام 2019 مع برنامج "في الصورة" على قناة روتانا خليجية.

وعن تلك الفترة، يقول الفيصل: "ألقيت كلمة أثناء مأدبة العشاء تلك، واقترحت أن تقام دورة لمنتخبات الخليج، فأكد الشيخ محمد بن خليفة لي أنّها فكرة مميزة ويؤيدها بشدة". ويؤكد الفيصل أيضاً أن تلك الكلمات وصفها مستشاران (عرفان أوبري أحدهما) من رعاية الشباب بـ"القنبلة"، لأنّه لم يكن قد أخبر والده، أي الملك، بذلك قبل اقتراح الأمر أمام الجميع، فما كان منه إلا الذهاب إلى قصر والده الملك فيصل، حيث انتظره هناك وأخبره بقصة تأسيس دورة لمنتخبات الخليج، فوافق الأخير قائلاً: "وفروا للبحرين كلّ ما تطلبه من مساعدة لتنظيم البطولة".

في الاجتماع الأول الذي كان السبب في انطلاق كأس الخليج 1، حضر من السعودية إبراهيم الشامي ومن الكويت أحمد السعدون، ومن قطر عبد العزيز بوزوير وأحمد الأنصاري، ومن البحرين الشيخ محمد بن خليفة وسيف جبر المسلم وعبد الله الشروقي وجميل جواد الحبشي، وكان القرار أن تقام البطولة سنوياً، وجرى تقاسم تكاليف تنفيذ أول كأس، إضافة إلى حثّ بقية دول الخليج على الانضمام إلى الاتحاد الآسيوي للعبة.

انطلاقة البطولة وتطورها

حين انطلقت الفكرة في عام 1970، لم تكن البطولة ذات اهتمام كبير على المستوى الجماهيري والإعلامي بعكس ما هو عليه الحال اليوم، حيث تتابع الصحف العربية عامة والخليجية خاصة وحتى العالمية هذه الدورة، فهي تجذب اهتمام المشجعين نظراً لشدّة التنافس فيها وتقديم مستوى طيب.

وجرت منافسات البطولة الأولى عام 1970 بنظام المجموعة الواحدة، حيث تواجهت المنتخبات ضد بعضها، فاستطاع منتخب الكويت أن يرفع أول كأس إثر تحقيقه 6 نقاط، فيما جاءت البحرين في المركز الثاني بـ3 نقاط، حينها كان "الأزرق" قد هزم "الأحمر" البحريني في المباراة المهمة، بفضل محمد المسعود وجواد خلف (هدافا تلك النسخة بثلاثة أهداف) ومحمود ديكسن.

ولُعبت المباريات على ملعب مدينة عيسى الدولية، لتسدل ستارة البطولة بقرار إقامتها كل عامين، مما فتح باب مشاركة 5 منتخبات في الدورة الثانية ليعود العدد ويتابع صعوده إلى ستة منتخبات في البطولة الثالثة، ليصل إلى 7 في خليجي 76، ولم يتوقف التطور حتى بلغ العدد 8 في كأس الخليج 17 الذي جرى في الدوحة.

ما سمح للبطولة بالتطور هو ارتفاع العدد كما ذكرنا، لأنّها مكّنت المنظمين من فرز المنتخبات على مجموعتين تتنافس في ما بينها ليصعد صاحب المركز الأول والثاني إلى الدور الفاصل، وهناك يلتقي المتصدر مع الوصيف في لقاء خروج المغلوب، وهو النظام المعمول به في أبرز البطولات الكبرى، إن كان دوري أبطال أوروبا أو كأس العالم وبطولات الأمم في أوروبا وآسيا وأفريقيا.

دور قطري في التطوير

مع توالي النسخ وحصد العديد من الألقاب، وارتفاع المنافسة، كانت النقطة الرئيسية التي دفعت البطولة أكثر نحو العالمية، هي أن قناة الجزيرة الرياضية آنذاك، الرائدة في بث البطولات الكبرى في غرب آسيا وشمال أفريقيا، كانت قد حصلت على حقوق البث لنسخة 2004، بعد صفقة مميزة من ناحية القيمة المالية، وهذا الأمر دفع كأس الخليج نحو التطور بشكل أسرع، من خلال إقامة العديد من البرامج الحوارية والأفلام الوثائقية عن المنافسة، إضافة إلى التصوير بجودة "HD"، كما حظيت تلك النسخة بحضور رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم آنذاك، السويسري سيب بلاتر، ورئيس الاتحاد الأوروبي السابق للعبة، الفرنسي ميشيل بلاتيني.

وبطبيعة الحال مع تطور العالم أكثر، بات للسوشيال ميديا باختلاف أنواعها دورٌ في جذب الأنظار أكثر لبطولة كأس الخليج، من خلال المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك الترويج لها كي تبقى قائمة، مع العلم أنّها قادرة على التطور أكثر، خاصة إذا ما قبل فيفا إدخالها إلى الأجندة الدولية، حيث ستتمكن المنتخبات قاطبة من إشراك اللاعبين الأساسيين، باعتبار أن العديد من الفرق المشاركة مثلاً في نسخة خليجي 25، لم ترسل لاعبي الصف الأول أمثال السعودية وقطر، بينما تغيب عن العراق أسماء مميزة بسبب ارتباطهم بمباريات مهمة مع الأندية.

المساهمون