برشلونة "الجريح" والنفق المظلم... خيارات محدودة وتخوف من المستقبل

16 سبتمبر 2021
برشلونة يعيش أسوأ فتراته (Getty)
+ الخط -

يعيش فريق برشلونة أسوأ فترة ربما، وهي المُستمرة من الموسم الماضي طبعاً، والتي أمست أكثر سوءا برحيل النجم الأرجنتيني، ليونيل ميسي، وهي الفترة التي من الممكن أن تستمر لموسم أو موسمين لأن الفريق لا يعيش مرحلة انتقالية فقط، بل مرحلة تجديد في كل شيء، وهذا من شأنه أن يُصعب المهمة كثيراً على أي إدارة وأي مدرب.

نوعية لاعبين لا تصنع الألقاب
لأول مرة منذ سنوات يظهر فارق النوعية بشكل واضح بين فريق برشلونة وفريق بايرن ميونخ، وهو طبعاً ما سيحصل ضد جميع الأندية الكبيرة تقريباً، لأن النادي "الكتالوني" اليوم يملك نوعية لاعبين لا يمكنها صناعة الألقاب والانتصارات على الأندية الكبيرة، وهذا واقع يجب أن تعرفه جماهير برشلونة جيداً.
أمام فريق بايرن ميونخ لم يظهر أي لاعب من برشلونة تقريباً بمستوى كبير، الدفاع لم ينجح في إغلاق الطريق أمام هجوم النادي "البافاري"، خط الوسط لم ينجح في صناعة الفارق وتسهيل عملية بناء الهجمات، أما الهجوم فبدا عاجزاً مُشتتاً وبعيداً عن صناعة الخطورة تماماً، وكأن كل خط على أرض الملعب يُغرد وحيداً ولا يعرف ماذا يفعل في المواجهة.
ولا يمكن تحميل كامل المسؤولية للمدرب الهولندي، رونالد كومان، لأنه أصلاً لا يملك نوعية اللاعبين التي تجعله يرفع من النسق أو حتى خلق ضغط عال على فريق بايرن ميونخ مثلاً، وهو ما تمثل بخوض المواجهة بخطة (3 - 5 -2) وكأنه يوجه رسالة للجميع بأن هذه هي إمكانيات الفريق وهذه هي حدوده، وأن اللاعبين الذين يملكهم برشلونة اليوم لا يمكنهم تقديم أكثر من هذا المستوى.
فارق النوعية في اللاعبين، الانسجام والتناغم على أرض الملعب، والقدرة على خلق أعلى درجة من التفاهم خلال المباراة، كلها أمور يفتقدها برشلونة اليوم، وهي التي ظهرت بوضوح في مواجهة فريق بايرن ميونخ، لأن الأخير يلعب بنفس الأسماء تقريباً مع تدعيمات شابة بسيطة، ما جعل تشكيلة "البافاري" أكثر تماسكاً وأكثر ذكاء إن كان في التحرك أو البناء والسيطرة، والأهم هو التفوق بالعامل الذهني على أرض الملعب، الأمل الذي جعل برشلونة يظهر وكأنه فريق متوسط يلعب ضد فريق كبير من الصف الأول.
والمشكلة الأكبر تكمن في أن الفريق غير قادر على التخلي عن لاعبين باتوا اليوم يشكلون عبئا ثقيلا على التشكيلة، وهم أحد أهم أسباب تراجع المستوى في السنوات الماضية، مثل سيرجيو بوسكيتس، سيرجي روبيرتو، جوردي ألبا وجيرارد بيكيه، وهؤلاء الذين هم قادة النادي "الكتالوني" حالياً، يتعرضون لصافرة استهجان من مدرجات ملعب "كامب نو"، لأنهم أحد الأسباب الرئيسية في كل ما يحصل داخل النادي، وخصوصاً كوارث "أنفيلد" أمام ليفربول وروما في "أولمبيكو" وثمانية بايرن المُذلة.
وصحيح أن برشلونة ربما هو من أكثر الأندية الكبيرة حالياً التي تُحضر جيلا شابا واعدا قادرا على حمل الفريق في المستقبل وصناعة الفارق عندما تُغادر كل الأسماء الكبيرة، لكن مهمة تفادي السقطات الكبيرة ستكون في غاية الصعوبة بهذه الأسماء في الموسم الحالي أو المقبل، ليبقى السؤال الأهم: "إلى أي مدى ستتحمل جماهير برشلونة السقطات الكبيرة والقاسية؟".

برشلونة وتخطي الصعوبات
بعد سنوات من المجد في كرة القدم الأوروبية والعالمية يجد برشلونة نفسه اليوم في وضع سيئ ومُرعب، بين مواجهة السقوط القاتل والتعرض لخسارات قاسية أو الخضوع للواقع والاستسلام ورفع العلم الأبيض والبقاء في النفق المُظلم لفترة مجهولة.
يقف فريق برشلونة اليوم أمام مفترق حقيقي ستكون له تبعات كبيرة في هذا الموسم والمواسم القادمة، فإما عليه مواجهة الصعوبات بكل عزم وإيجاد الحلول الفنية مع اللاعبين المتاحين والقتال من أجل الشعار والقميص، ومساعدة النادي "الكتالوني" في تخطي الصعوبات التي يواجهها، أو الاستسلام لكل شيء والخضوع لكل الأندية الكبيرة والخسارة بنتائج مُذلة ستجعل من برشلونة "فريسة" سهلة، بعد أن كان يُسقط الجميع دون رحمة.
وهنا يأتي دور المدرب كومان لتحديد ما يريده في هذه المرحلة الصعبة، مع الإشارة إلى أن عودة لاعبين مثل أغويرو، أنسو فاتي وكوتينيو ربما تُغير بعض الأمور الفنية على أرض الملعب في المباريات القادمة، لأن الفريق لا يمكن أن يستمر بالأسماء الشابة فقط على مدار موسم كامل، فهو يحتاج لبعض العناصر الخبرة والقوية القادرة على صناعة الفارق.
كما أن إدارة النادي "الكتالوني" بقيادة الرئيس، خوان لابورتا، ستكون عليها مسؤولية كبيرة من أجل توفير أفضل الظروف المالية والذهنية ودعم كل اللاعبين المتاحين وحتى الشباب، بهدف زرع القوة في قلوبهم وعدم إفساح المجال أمام الاستسلام باكراً في موسم يبدو أنه سيكون أصعب من الذي سبقه، خصوصاً بعد مغادرة ميسي.

 

يعيش برشلونة موسم 2021-2022، بلاعبين شباب وبعض اللاعبين الخبرة الذين أصلاً انتهت فترتهم مع النادي "الكتالوني" منذ السقوط المُدوي أمام ليفربول برباعية نظيفة قبل سنوات، بين مقاومة الصعوبات والقتال من أجل تفادي السقطات الكبيرة أو الاستسلام للواقع الكروي الصعب، وإنهاء الموسم بنتائج كارثية لا تليق بفريق بحجم برشلونة.
والأشهر القادمة ستكشف حتماً ما سيختاره لاعبو برشلونة والمدرب كومان، إن كان النادي "الكتالوني" قادرا على الخروج من النفق المُظلم دون التعرض لسقطات كبيرة، وإذلال من الأندية الكبيرة التي سيلعب ضدها محلياً أو أوروبياً.

المساهمون