يعتبر النادي البافاري التاريخي بايرن ميونخ مفخرة الألمان منذ قديم الزمان، فهو زعيم الكرة الألمانية بأرقام قياسية على مستوى التتويج وقاطرة الأندية الألمانية على المستوى الأوروبي.
هذه النجاحات لم تأت صدفة أو لظروف طارئة، بل بالعكس من ذلك بفضل سياسة بافارية متواصلة منذ عقود بعيدة، دأبت على الإيمان بالاعتماد على خدمات أبنائها من اللاعبين الذين دافعوا عن ألوان الفريق سابقاً، ما خلق استقراراً رائعاً داخل إدارة النادي.
والكلّ يتذكر كيف تسلّم اللاعب والأسطورة الألمانية فرانز بيكنباور مقاليد رئاسة فريقه السابق، بعد أن تدرج في الدفاع عنه لاعباً وتوج معه ثلاث مرات متتالية بكأس أوروبا للأندية البطلة سنوات 1974 و1975 و1976، وتتويجه بكأس العالم مع منتخب بلاده ألمانيا الغربية عام 1974، ثم تتويجه بكأس العالم كمدرب لألمانيا عام 1990 في إيطاليا، ليعرف معه لاحقاً بايرن ميونخ، وهو رئيس له، عديد النجاحات المحلية والأوروبية.
هذه السياسة المعتَمدة على أبناء الفريق كرّسها بيكنباور بوضع عديد النجوم السابقين للفريق من حوله، فجاء أولي هانس وبول برايتنر وغيرد مولر، ولاحقاً كارل هانس رومنيغه والحارس أوليفر كان، لتأطير النادي البافاري ولمواصلة النجاحات بفضل سياسة حكيمة وعقلانية عالية تفرض النجاح في الموازنات المالية، ما جعل البايرن أفضل الأندية العالمية اقتصادياً ولُقب بنادي "fc holywood"، بفضل عائداته المالية الناجحة واستقطابه عديد النجوم العالميين بأرقام مالية معقولة جداً، وبعيدة عن التهور، رافعاً في ذلك شعار "فخر أي لاعب يريد اللعب لأحد أعظم الأندية العالمية".
وكنّا شاهدنا كيف عصفت الأزمات المالية بعديد الأندية الكبيرة الأخرى، مثل نادي برشلونة أو إنتر الإيطالي وكذلك ميلان، وأحرجت أندية أخرى مثل ريال مدريد وأرسنال ومانشستر يونايتد، ولكن البايرن كان يسبح في مداره الطبيعي، غير متأثرٍ بهذه العوامل الخارجية، وثابتاً في عرينه وطامعاً كالعادة في مواصلة رحلة الإبداع وفياً لتقاليده الألمانية المنضبطة
ليكون نموذجاً يُحتذى به.
هذا هو البافاري المهاري الذي لا يتكلم إلا بلغة الصعود إلى منصات التتويج.