بطولة كوبا أميركا، الأعرق في تاريخ كرة القدم الخاصة بالمنتخبات، كانت بدايتها قبل انطلاق كأس العالم، تحديداً في عام 1916، ومن هناك أقلعت رحلة المنتخبات.
حديثنا اليوم سينصب على منتخب باراغواي، الدولة التي تأتي في المرتبة الرابعة من حيث عدد التتويجات برصيد لقبين فقط، خلف أوروغواي صاحبة الرقم القياسي (15) والأرجنتين الوصيفة بـ14 والبرازيل الثالثة بـ9 ألقاب.
التتويج الأول
تاريخياً، يمكن إطلاق لقب "أفضل البقية" على منتخب باراغواي في أميركا الجنوبية، لأنه يحتلّ المرتبة الرابعة بطبيعة الحال في جدول كوبا أميركا.
ومع ذلك، فإن أنجح حقبة قارية في باراغواي كانت في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، وبلغت ذروتها بأول فوز لها في البطولة في عام 1953 بينما حققت باراغواي في العقود الأخيرة نتائج متواضعة.
حتى "الجيل الذهبي"، الذي تأهل باستمرار وحقق نتائج جيدة في نهائيات كأس العالم من 1998-2010، لم يتقدم أبدًا إلى ما بعد ربع النهائي في كوبا أميركا حتى الوصول إلى النهائي مرة واحدة في 2011.
بعدما تولى المدرب مانويل فليتاس سوليتش مسؤولية منتخب باراغواي في عام 1947، طور فريقًا ماهرًا ومميزاً بالفعل، تحول إلى منافس على اللقب، فاحتل المركز الثاني في البطولة بعدما كانت تقام بنظام الدوري.
في عام 1947، جاءت باراغواي ثانية خلف الأرجنتين (13) برصيد 11 نقطة، فيما احتلّت الوصافة خلف البرازيل في عام 1949.
وذكر بعض الصحافيين أن أفضل لحظات باراغواي في كرة القدم كانت خلال تلك السنوات. في الواقع، حقق الفريق بعض النتائج البارزة مثل الفوز على الأرجنتين 5-1 في يوليو/ تموز 1945.
بعد تعيين اللاعب السابق مانويل فيليتاس سوليتش مدربًا، بدأت باراغواي تدريبات روتينية قاسية بهدف أن تكون في أفضل حالة لبطولة أميركا الجنوبية لعام 1953 التي أقيمت في بيرو.
كانت النتائج مرضية للغاية، وبالفعل توجت باراغواي بطلةً لتلك النسخة من دون هزيمة، وفازت على البرازيل في النهائي وانتقمت من نهائي عام 1949.
احتلّ يومها التشيلي فرانشيسكو مولينا صدارة هدافي البطولة (7) وجاء خلفه جولينهو بوليتهو بـ5 أهداف، في حين احتل لاعبان من باراغواي المركز الثالث، وهما روبن فيرنانديز، الذي ولد عام 1931 وتوفي سنة 2015، كان مهاجماً مميزاً وقائداً للمنتخب المتوج بتلك البطولة، إلى جانب أنخيل بيرني (ولد في سنة 1931 وفارق الحياة عام 2017)، ولعب في إسبانيا مع نادي ريال بيتيس، وشارك في كأس العالم 1950 إلى جانب حصده اللقب في 1953.
التتويج الثاني والأخير
احتلّت باراغواي المركز الثاني في 6 مناسبات أعوام 1922 و1929 و1947 و1949 و1963 و2011، فيما جاءت ثالثة في 7 مناسبات آخرها في عام 1983 ورابعة 7 مرات آخرها عام 2015.
في عام 1979، استطاع منتخب باراغواي حصد لقب كوبا أميركا للمرة الثانية، تلك النسخة كانت طويلة للغاية، حيث وزعت المنتخبات التسعة على 3 مجموعات تألفت كلّ واحدة من 3 منتخبات.
تأهل الأول من كلّ مجموعة إلى نصف النهائي، لتنضم إلى منتخب بيرو الذي لم يخض مباريات المجموعات باعتباره كان بطلاً لبطولة كوبا أميركا 1975.
لم تستضف دولة واحدة البطولة، بل أقيمت في عدد من البلدان في القارة اللاتينية على مبدأ الذهاب والإياب، فانتصرت في مجموعتها مرتين على الإكوادور وتعادلت في مناسبتين أمام أوروغواي، لتحتلّ الصدارة برصيد 6 نقاط مقابل 4 لأوروغواي ونقطتين للإكوادور.
في نصف النهائي التقى منتخب باراغواي نظيره البرازيلي يوم 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1979 في أسونسيون بحضور 50 ألف متفرج، فجاء الانتصار بنتيجة 2-1، ليأتي التعادل بعدها إياباً في ريو دي جانيرو على ملعب ماراكانا الشهير بحضور 80 ألف متفرج، باباً للعبور إلى النهائي.
في العرس الختامي، كان اللقاء مع تشيلي التي أطاحت ببيرو في نصف النهائي، وهناك بدأ الصراع لحصد اللقب، خاصة أن الخصم كان يصبو لتدوين اسمه في سجل الفائزين للمرة الأولى.
تقررت إقامة مباراة ذهاب النهائي الأول في أسونسيون، فانتصر منتخب باراغواي بثلاثية نظيفة على تشيلي، وجاء بعدها الإياب يوم الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 1979، وكان منتخب "لا ألبيروخا" بحاجة للتعادل للوصول إلى النجمة الثانية، لكن ريفاس افتتح باب التسجيل مبكرا في الدقيقة العاشرة، في العاصمة التشيلية سانتياغو، الشهيرة بظروفها الصعبة، مع العلم أن المباراة شهدت، طرح بونفاليه وموريل في الدقيقة 17 من قبل الحكم الأوروغوياني باريتو.
لم يكن فارق الأهداف خارج الديار يومها مهماً، لذلك كان من الواجب حسم الأمور في مباراة ثالثة فاصلة، فأقيمت على أرضٍ محايدة في بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين بحضور 32 ألف متفرج، وانتهى اللقاء بنتيجة 0-0، لتفوز باراغواي باللقب مستفيدة من مجموع الأهداف التي سجلتها في المباراة الأولى.
في المجموع، لعبت باراغواي تسع مباريات كي تحصد اللقب، وهو رقم قياسي، ولم تخسر في أي مناسبة.
أرقامٌ قياسية
يعتبر هيريبيرتو هيريرا، اللاعب الباراغوياني الوحيد الذي توج بجائزة أفضل لاعب في البطولة، وكان ذلك في نسخة 1953 حين حقق المنتخب اللقب، وهو الذي مثّل بلاده في 5 مناسبات فقط، مع العلم أنه أيضاً لعب لمنتخب إسبانيا في مباراة واحدة بعام 1957، والجدير بالذكر أنه لعب في إسبانيا مع أتلتيكو مدريد، وبعدها تحوّل للتدريب فأشرف على عدّة فرق إسبانية وكذلك إيطالية منها إنتر ميلانو ويوفنتوس، الذي قاده للقب الكالتشيو وكأس إيطاليا.
ننتقل إلى مانويل فيليتاس سوليتش. اسمٌ شهير بفضل ظهوره مع منتخب باراغواي كلاعب في 5 نسخ في العشرينيات، وقيادته الفريق كمدرب لأول لقب عام 1953.
الختام مع خوستو فيلار، وهو الباراغوياني الوحيد الذي اختير أفضل حارس في بطولة كوبا أميركا، كان ذلك في نسخة 2011.