تعيش الكرة الجزائرية والمصرية هذه السنة ظروفاً فنية وتنظيمية صعبة أدت إلى إخفاق المنتخبين في التأهل إلى بطولة كأس العالم، وفشل الاتحادان المحليان في إيجاد الحلول لمشاكل الكرة على مستوى الدوري، ما خلّف متاعب متعددة وضغوطاً إعلامية وجماهيرية أدت إلى رحيل المكتب الفدرالي في الجزائر بعد سنة واحدة من انتخابه، ضيّع فيها لقبه القاري في واحدة من أسوأ المشاركات القارية، وأدت في المقابل إلى إقالة المدير الفني للمنتخب المصري بعد أن خاض ثلاث مباريات فقط، وخسر في واحدة منها أمام منتخب إثيوبيا في تصفيات كأس أمم أفريقيا، وفي الثانية أمام كوريا الجنوبية بالأربعة، في مواجهته الدولية الودية، فيما جدد الجزائريون ثقتهم ببلماضي الذي تمكن من استعادة ثقة الجماهير بمنتخبها الذي حقق انتصارين في تصفيات بطولة كأس أمم أفريقيا، وآخر على إيران ودياً بتركيبة شهدت العديد من الوجوه الجديدة.
رغم التباين النسبي في مردود المنتخبين ونتائجهما ومصير المدربين، إلا أن هاجس الخوف من المستقبل يبقى قاسماً مشتركاً بين الاتحادين المصري والجزائري، على حد سواء، يثير تخوفات كبيرة بشأن المستقبل ويطرح علامات استفهام كبيرة حول مصير الكرة المصرية والجزائرية على المديين القريب والمتوسط، وسط صراعات كبيرة ومطالب إعلامية وجماهيرية بضرورة رحيل المكتب المسير للاتحاد المصري، وانتداب مدرب أجنبي كبير، من جهة، أو على الأقل عودة كارلوس كيروش، ومطالب أخرى بعودة الرئيس السابق محمد روراوة إلى رئاسة الاتحاد الجزائري، مع التمسك بالمدرب جمال بلماضي، ودعمه في مسعاه لإعادة الروح إلى منتخب لم يخسر إلا أربع مرات في 45 مباراة على مدى أكثر من ثلاث سنوات، حقق خلالها لقباً قارياً، لكنه كان تعيساً في دورة الكاميرون، وأخفق في التأهل إلى مونديال قطر.
الملاحظون في أوساط الكرة المصرية، يعتبرون رحيل المدرب إيهاب جلال وحده غير كافٍ لاستعادة هيبة الكرة المصرية التي تأثرت أيضاً بإخفاق الأهلي المصري في الاحتفاظ بلقب دوري الأبطال للمرة الثالثة على التوالي، وأدت من جهتها إلى رحيل المدرب بيتسو موسيماني، ليتضاعف حجم الأزمة والأثر في نفوس الجماهير المصرية.
وتزداد الضغوط الإعلامية التي اتجهت للمطالبة بتغيير جذري يطاول رئيس الاتحاد وأعضاءه، إضافة إلى مدربي كل المنتخبات الشابة، لامتصاص الغضب وتجاوز مرحلة صعبة لا يمكنها أن تستمر طويلاً، رغم أن بلوغ نهائي كأس أمم أفريقيا للأمم في الكاميرون، ونهائي الملحق الأفريقي المؤهل إلى كأس العالم أمام أقوى منتخب أفريقي حالياً، نتيجة لا يمكن الاستهانة بها، لكن الاستغناء عن كارلوس كيروش بعد وقت وجيز كان خطأً استراتيجياً كبيراً.
في الجزائر، كان الضرر أقل بتجديد الثقة بجمال بلماضي، الذي تمكن في ظرف وجيز من إعادة تحفيز لاعبيه واستعادة ثقة الجماهير به، في ظرف وجيز وظروف صعبة مع نهاية الموسم التي غاب فيها العديد من الكوادر لأسباب مختلفة، كانت فرصة مواتية لاستدعاء وجوه جديدة نالت إعجاب هواة الكرة في الجزائر.
ورسخت في أذهان الجميع فكرة إحداث تغيير جذري على المستوى الإداري، يبقى معلقاً إلى حين، ومرتبطاً بطبيعة الرئيس القادم وتركيبة المكتب الفدرالي، ومدى تجاوبه وتعاونه مع المدرب جمال بلماضي مستقبلاً، وقدرته على تجاوز الأزمة المالية الخانقة التي يمرّ بها الاتحاد الجزائري، والمشاكل التنظيمية والقانونية التي أثرت بنظام المنافسات، وبالأندية المحترفة التي صارت بحاجة ملحة إلى ثورة جديدة لإعادة الروح إلى الكرة المحلية التي لم ترقَ إلى مستوى نتائج المنتخب وطموحات جماهير الأندية.
رحيل المدير الفني المصري، إيهاب جلال، ورئيس الاتحاد الجزائري، شرف الدين عمارة، ومكتبه، لن يكفي لتجاوز محنة الغياب عن مونديال قطر وكل المصاعب التنظيمية والمالية، لكن نقطة إقلاع جديد إذا كان البديل ملائماً، والإجراءات الإدارية والتنظيمية المتخذة مناسبة في ظل توافر المهارات الكروية المحلية والمحترفة.