العصا السحرية

22 أكتوبر 2015
+ الخط -
لا تخضع كرة القدم عادةً للحسابات، هذا صحيح، وهي ليست علماً قائماً بحدّ ذاته، هذا أيضاً صحيح، لكنّها، في الوقت نفسه، ليست أمراً معقّداً أو أمراً يحتاج لعصا سحرية. فهناك أمور واضحة فيها وضوح الشمس، تنطبق عليها "مسلَمة" واحد زائد واحد يساوي اثنين. وهذا هو تحديداً، ما ينقص أي مدرّب لا ينجح في قيادة فريقه.

قد يكون الحديث والتنظير سهلاً عندما لا تكون أنت من يقف هناك على أطراف المستطيل الأخضر، وصحيح أنه لا يمكن إلقاء اللوم على المدرّب فقط في كثير من الأحيان، لكن في بعضها، يكون هو فقط الملام، هو وحده.

جميع المدربين مهما حقّقوا من ألقاب وبطولات ونتائج إيجابية، معرّضين للأخطاء، حتى الساذجة منها، لكنّها تكون أخطاءً تغتفر بعد أن يتم تصحيحها، بل يمكن نسيانها أيضاً. بينما يشعرك بعضهم أنهم أصبحوا مدرّبين بالصدفة أو ربما بالحظ.

من أهم الصفات التي يجب أن يتحلّى بها أي مدرّب هي قوّة الشخصية، قبل أي "تكتيك" وأي فنّيات. الشخصية القيادية والهيبة. إن لم يشعر اللاعب، أي لاعب، بتلك الرّهبة من ذلك الرجل الذي يقف على أطراف الملعب، لن يفهم قيمة وأهمية القميص الذي يرتديه، خصوصاً إذا كان لاعباً جديداً، على كرة القدم وعلى الفريق نفسه. إذ لا يمكن للمدرّب أن يعتمد على انتماء وحماس اللاعب فقط لتحقيق الأفضل، خصوصاً مع تغيّر شكل كرة القدم ومفاهيمها، فذلك اللاعب الوفيّ المستعد "للموت" من أجل فريقه أصبح عملة شبه نادرة في زمن الأموال والإعلانات والشهرة.

لن ينجح مدرّب لا يكون له "كلمة" في سوق انتقالات فريقه، لن ينجح مدرّب لا يستطيع إقناع إدارته أنها لا يمكنها تجاهل رأيه، لن ينجح مدرّب لا يعرف خامة لاعبيه، ولا يجيد استعمالها. لن ينجح مدرّب لا يعرف قيمة كل لاعب من هؤلاء الجالسين على دكّة بدلائه، لا ولن ينجح مدرّب لا يعرف كيف يحركّ لاعبيه خلال المباراة، وكأنه يمسك بجهاز تحكّم عن بُعد.

إن لم تكن صاحب شخصية قويّة، تعرف متى تقول نعم ومتى تقول لا، إن كنت غير قادر على تقييم لاعبيك ومعرفة من الأجدر بالمشاركة وأخذ الفرصة، إن كنت لا تفقه أبجدية الفوز بالمباريات السهلة لترتاح في مبارياتك الصعبة، فَدَعْ عنك مهنة التدريب هذه، فأنت لن تنجح فيها، حتى ولو كنت تملك "عصا سحرية".

لمتابعة الكاتبة
https://twitter.com/ShifaaMrad
المساهمون