بعد الفوز بكأس أميركا الجنوبية 2021 بقيادة ليونيل ميسي، تمكن المنتخب الأرجنتيني من حصد لقب بعد 28 سنة، لكن كما قال المدرب ليونيل سكالوني حينها، إن "كأس العالم شيء آخر".
في الواقع، لم يصل المنتخب الأرجنتيني إلى مونديال قطر 2022 من أجل كسر نحس لقب غاب عن خزائنه منذ عام 1986، ولكن عليه أيضا أن يواجه لعنة غريبة مع السنوات المنتهية برقم 2.
ففي مونديال تشيلي 1962، ثم إسبانيا 1982، واستمرارا مع كوريا واليابان 2002، وصل الفريق الأرجنتيني مرشحاً بارزاً، لكن انتهى به الأمر بالوداع من دور المجموعات.
في تشيلي، مع خوان كارلوس لورنزو مدرباً، وفي أول مونديال على أرض آسيوية مع مارسيلو بيلسا، أُقصيت كتيبة "التانغو" في الدور الأول، بينما في إسبانيا مع سيزار لويس مينوتي، استُبعدت من دور المجموعات الثاني، حسب شكل تنظيم المونديال في ذلك الوقت.
وتجدر الإشارة إلى أن منتخب "الألبيسيليستي" وصل إلى نهائيات كأس العالم في تشيلي وكوريا واليابان بعد التأهل أولا في تصفيات أميركا الجنوبية، بينما شارك في نسخة إسبانيا 1982، بعد أن كان بطل العالم على أرضه في نسخة 1978.
تشيلي 1962
كانت الأرجنتين على وشك أن تكون الجهة المنظمة لكأس العالم تلك، والتي اضطرت للعودة إلى أميركا الجنوبية بعد نسختين متتاليتين في أوروبا (سويسرا 1954 والسويد 1958)، لكن الأمر انتهى بخسارة في مواجهة فردية مع تشيلي خلال تصويت في مؤتمر فيفا بنسبة 32 إلى 10 أصوات.
وصرح رئيس الاتحاد الأرجنتيني آنذاك، راؤول كولومبو، قائلاً: "يمكننا إقامة كأس العالم غدًا. لدينا كل شيء"، بينما أعرب كارلوس ديتبورن، رئيس الاتحاد التشيلي واتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم في نفس الوقت: "لأننا لا نملك شيئًا، سنفعل كل شيء".
كان هذا البيان الأخير والعرض المطول بثلاث لغات: الإنكليزية والفرنسية والإسبانية، أكثر إقناعا لأعضاء الكونغرس المجتمعين في مدينة هلسنكي الفنلندية.
وظهرت الأرجنتين، بسبب أدائها في المرحلة الإقصائية، مرشحةً من بين 16 مشاركا للقتال من أجل اللقب، ومع ذلك، كان الأداء مخيبا للآمال، لدرجة أن راتين، مدرب "التانغو" حينها، قال إن هذا الفريق كان "أسوأ فريق" قام بقيادته، بعد أن احتلت الأرجنتين المركز الثالث من أصل أربعة منتخبات في المجموعة الرابعة تحت المجر (تعادلا من دون أهداف) وإنكلترا (خسرت 3-1) وفوق بلغاريا (فازت عليها 1-0)، في النسخة التي حصد لقبها منتخب البرازيل.
إسبانيا 1982
ما حدث على الأرض الإسبانية كان له وقع قوي، لأن المنتخب الأرجنتيني لم يصل فقط كبطل للعالم، ولكن عُزّز أيضا من قبل دييغو مارادونا ورامون دياز، في الوقت الذي تمكن فيه المدير الفني مينوتي من الحفاظ على القاعدة التي تكونت عام 1978، مع ماريو كيمبس ودانييل باساريلا.
وتجدر الإشارة إلى أن الأرجنتين كانت في المجموعة الثالثة، وهي نفس المجموعة التي ستضمها الآن في قطر، في ذلك الوقت، بدأت كتيبة "التانغو" مشوارها بهزيمة أمام بلجيكا بهدف، من ثم الفوز على المجر والسلفادور، وانتهى بها الأمر في المركز الثاني. وفي الجولة التالية، وقع المنتخب في مجموعة نارية ضمته مع إيطاليا (بطل هذه النسخة) والبرازيل، وانتهى الأمر بالخسارة مع كليهما، ليخفق في الوصول إلى الدور نصف النهائي، وينتهي دور مينوتي على رأس المنتخب فاسحا الطريق أمام كارلوس بيلاردو.
كوريا الجنوبية واليابان 2002
وعلى أرض قارة آسيا، كل شيء جعل الجماهير الأرجنتينية تشعر بقرب استعادة اللقب العالمي، بعد أداء مرعب في تصفيات أميركا الجنوبية، التي ضمنت بها كتيبة "التانغو" التأهل قبل 3 جولات من نهايتها، مع بعض العروض الجيدة ضد الفرق الأوروبية الرائدة في المباريات الودية التحضيرية.
وجاءت الأرجنتين في المجموعة السادسة، حيث ظهرت لأول مرة بالفوز 1-0 على نيجيريا، ثم خسرت بنفس النتيجة أمام إنكلترا وتعادلت 1-1 مع السويد، ما أدى إلى احتلالهم المركز الثالث خلف الفريقين الأوروبيين، ليودعوا البطولة من الدور الأول.
ودفع الإحباط الذي انتهى به مشوار المنتخب إلى زعزعة أسس كرة القدم الأرجنتينية بأكملها، على الرغم من أن رئيس الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، خوليو غروندونا، قرر تجديد عقد المدرب مارسيلو بيلسا.
وكان الإرهاق الناجم عن كأس العالم السابقة، مع التوابع البدنية التي كانت على اللاعبين الذين جاءوا من موسم أوروبي مكثف ومرهق، مثل خوان سيباستيان فيرون وغابرييل باتيستوتا ودييغو سيميوني وهيرنان كريسبو، هو الحجة التي طُرحت لتبرير مثل هذه النكسة.
يصل المنتخب الأرجنتيني إلى قطر كأحد المرشحين، بعد فوزه بكأس أميركا العام الماضي ولقب كأس الأبطال "فيناليسيما" 2022 على حساب إيطاليا، حيث كان ليونيل ميسي هو القائد الأول، برفقة ليونيل سكالوني، المدرب الشاب والحكيم الذي لم يتوقع أحد نجاحه قبل 4 أعوام تقريبا، بعد أن عين مدربا مؤقتا للمنتخب خلفا لخورخي سامباولي، الذي أُقيل عقب الأداء المخيب لرفاق ميسي في مونديال روسيا 2018.
هذه الصفات التي يتمتع بها المدرب، والتي أقرها مسؤولو الكرة الأرجنتينية، تجعل الآمال المتجددة في القتال من أجل لقب كأس عالم جديد تسير على أسس متينة، مع صراع ضد لعنة مرتبطة بسنوات كأس العالم المنتهية بالرقم 2.