الحديث عن قطر أكثر منه عن المونديال

20 سبتمبر 2022
قطر كسبت الرهان قبل بداية المونديال (مصطفى أبومونس/Getty)
+ الخط -

كلما اقترب الحدث الكروي العالمي، ازداد الحديث عن قطر وقدراتها واستعداداتها وتحدياتها، سواء في أوساط المتفائلين أو المشككين، أكثر من الحديث عن المنتخبات المشاركة والتكهنات الفنية بشأن المرشحين، وحتى عن اللاعبين المنتظر تألقهم في عرس لطالما استقطب اهتمام الفنيين والجماهير والإعلام الرياضي أكثر من غيرهم من المختصين في مجالات أخرى لا علاقة لها بالكرة ولا بالمونديال، يتم فيها التركيز على البلد المنظم، وتطرح فيها تساؤلات وعلامات استفهام لم نسمع بها مثلا عشية مونديال روسيا، وقبله مونديال البرازيل، واللذين كان فيهما الهاجس الأمني حديث الصحافة الغربية بشكل مبالغ فيه لدواع سياسية، لكن عندما يتعلق ببلد عربي تدخل الاعتبارات العقائدية وحقوق الإنسان والعمال، وحقوق المثليين، وحق المناصرين في تناول المشروبات الكحولية، وما إلى ذلك من مواضيع لا علاقة لها بالكرة.

في  عام 2010 عندما فازت قطر بتنظيم مونديال 2022 قامت الدنيا ولم تقعد في أوروبا بالخصوص، مشككة في معايير الاختيار وذمم المصوتين على الملف القطري، وكيف يفضلون ملف بلد عربي خليجي، على الملفين الأميركي والأسترالي، لتنطلق بعدها حملة تشكيك أخرى في إمكانيات البلد العربي الصغير على احتضان الحدث العالمي وتوفير التجهيزات والمرافق، خاصة بعد أن تجاوزت قطر مع الفيفا حجة الحرارة المرتفعة في الصيف وتغير موعد البطولة من الصيف إلى الشتاء.

لكن ذلك لم يمنع من البحث عن حجج وأسباب أخرى تركزت حول حقوق العمال قبل أن تسقط الورقة بتكييف قطر لقوانين العمالة فيها، وتثبت التحقيقات المتتالية بأن ظروفهم أفضل بكثير منها في دول أوروبية وأميركية عديدة، سبق لها تنظيم كأس العالم لكرة القدم والألعاب الأولمبية.

قبل أسابيع من المونديال عاد النبش في قضايا خاصة لا تمت بأية صلة للشأن الكروي والفني المختفي تماما عن التوقعات والتكهنات الفنية، فعادت الإشاعات التي تتحدث عن منع قطر لشرب الكحوليات وإقامة الحفلات على هامش البطولة، رغم تجديدها لالتزامها المسبق بشروط دفتر أعباء تنظيم الحدث الرياضي. وعاد إلى الواجهة الإعلامية ما سمّي بحق المثليين في حضور العرس الكروي، رغم تأكيدات لجنة التنظيم المشتركة بين الفيفا وقطر ترحيبها بجميع المناصرين من دون استثناء بغض النظر عن دياناتهم وجنسهم وخلفياتهم، هذا على الرغم من أن النشاط الجنسي المثلي يشكل جريمة جنائية في قطر، يعاقب عليها القانون بالسجن مهما كان صاحبه. مع العلم أن قطر نظمت أكثر من 500 حدث رياضي عالمي وإقليمي منذ عام 2010، حضره مئات الآلاف من المشجعين في أجواء مثالية، من دون مشاكل تنظيمية أو أمنية، وفي ملاعب وقاعات ومرافق لا تتوفر في العديد من البلدان المتطورة.

قبل أسابيع عن موعد العرس يتوقع المنظمون ظهور محاولات أخيرة للتأثير على الرأي العام العالمي والتشكيك في قدرات قطر على التجاوب مع متطلبات تنظيم حدث عالمي يخضع لشروط وقواعد التزمت بها كلها سعيا منها لتقديم تجربة فريدة ترحب بالجميع، تكسر بها عقدة كبيرة أمام العرب كانت إلى اليوم تحول دون سعيهم للمشاركة في تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى. لذلك تكررت وتعددت الضربات لأكثر من عقد من الزمن، كان أصحابها يشككون حتى في جاهزية قطر بملاعبها ومرافقها وبنيتها التحتية، خصوصا على مدى السنوات الثلاث الأخيرة التي كان فيها لتفشي وباء كورونا تأثير كبير على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية، وعلى كل المشاريع المرتبطة بالمونديال، والتي زادت تكلفتها بشكل كبير.

كرة عالمية
التحديثات الحية

لقد خاب من راهن على فشل قطر في الاستجابة لكل المتطلبات والتطلعات، وحان الوقت لكي ينسى المشككون قطر، ويركزوا على المونديال بلاعبيه ومدربيه ومنتخباتهم وجماهيرهم، التي ستشهد مونديالا فريدا من نوعه في كل شيء.

المساهمون