تأهل المنتخب الجزائري لكرة القدم للاعبين أقل من عشرين سنة، لنهائي كأس العرب المقامة بمصر، وذلك بعد تفوقه على المنتخب التونسي بثنائية نظيفة، نسخة طبق الأصل للمباراة الودية بين المنتخبين الأولين للجارتين، ليكون أشبال المدرب لاسات الحصان الأسود للدورة، إذ لم يكن يتوقع أشد المتفائلين بلوغهم النهائي وربما التتويج.
أرض مصر التي شهدت تألق أشبال بلماضي وتحقيقهم التاج القاري صيف سنة 2019، بمشوار رائع، أعادوا به كبرياء الخضر وتمكنوا من تحقيق التاج القاري للمرة الثانية في مشوارهم، ونفس اليوم، أرض الكنانة تحسن ضيافة الخضر ككل مرة، وتكون فأل خير عليهم بوصول الأشبال للنهائي، ليصبح ملعب القاهرة مرادفاً لملعب مصطفى تشاكر، الملعب الذي لم يُهزم فيه المنتخب الجزائري أبداً.
ولأن الجزائر ولادة، فإن أسطوانة الأعذار التي استعملت لسنوات لتبرير فشل الفئات الشابة باتت واهية اليوم، ونحن نقف على أعتاب مشوار مميز، أشهراً فقط بعد تأهل المنتخب الوطني الجزائري لأقل من 17 سنة لكأس أفريقيا بالمغرب، قبل أن تلغى لأسباب صحية.
أشبال لاسات أثبتوا أن اللاعب المحلي ليس ضعيفاً وإنما كان مهمشاً، فلاعبون مثل تيطراوي وشكال وكذلك عمر رفيق وبولبينة، أبلوا البلاء الحسن، وقدموا مستوى ممتازا، يؤكد للمرة الألف أن اللاعب المحلي لا تنقصه الموهبة، بل ينقصه التأطير، وهو ما بدأ يعرف الطريق لعديد الأندية، بداية من التجربة الفريدة لنادي أثلتيك بارادو، ونوادٍ مثل شباب بلوزداد ووفاق سطيف وشبيبة الساورة، إضافة إلى أكاديمية الفاف التي شُنت عليها الحرب عند إطلاقها، واليوم تقدم أول منتوج قاد الخضر للنهائي بكل اقتدار.
الجزائر ولادة بأبناء المهجر، الذين وجدوا الاهتمام منذ الصغر، وفُتحت أبواب المنتخب لهم حتى قبل أن يلجوا عالم الاحتراف، وهي خطة استباقية مهمة جدا، من أجل ضمان لعبهم للخضر مستقبلا، لتفادي مسلسل عوار وفقير، لأن من يحمل قميص الخضر، ويعش الأجواء من الداخل، سيعرف قيمة القميص ويدرك تماما الروح السائدة بين اللاعبين، وبالتالي سيصبح مثل القائد محرز وزملائه، ينتظرون تربصات المنتخب بلهفة.
النتائج الجيدة لم تعد تقتصر فقط على المنتخب الأول، ولم يعد بلماضي هو الاستثناء، بل بات القدوة والطريق التي يسير عليها الجميع، فمنتخب المحليين تحت قيادة بوقرة نجح في خطف الأضواء خلال ودية ليبيريا بالأداء والنتيجة، والمنتخب لأقل من 17 سنة.
تأهل للكان لأول مرة في تاريخه قبل أن تلغى، واليوم منتخب أقل من 20 سنة يتأهل لنهائي كأس العرب وبإذن الله التتويج بها، ونادي شبيبة القبائل تأهل لنهائي الكأس الكونفدرالية وإن شاء الله التتويج بها، أكاديمية الفاف بدأت تعطي ثمارها، ولاعبو البطولة يحترفون تباعا، لذلك لم تعد تنفع مقولة المنتخب الوطني هو الشجرة التي تغطي الغابة، بل الغابة كبرت أشجارها وستزهر وتثمر لسنوات.