دخلت بريطانيا في الأيام الأخيرة حالة إغلاق عامٍ أخرى، من المقرر أن تستمر فترة طويلة بسبب تفشي وباء كورونا في البلاد وسرعة انتشاره في الفترة الأخيرة، ما وضع العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل الرياضة في الفترة المقبلة.
في العام الماضي صدم عالم الرياضة بسبب جائحة كورونا، تحديداً في شهر إبريل/ نيسان 2020، ما جعل هذا القطاع كالعالم بأسره يركع على ركبتيه، لكن ما مدى استعداد الرياضة الآن للتعامل مع تأثير تفشي كوفيد-19؟
وأعدت صحيفة "ديلي ميل" تقريراً عن الرياضات العالمية، وكيف يمكن أن تتأثر بفعل قرارات الإغلاق المفروض، بما في ذلك الصعوبات المالية واللوجستية. ونستعرض في هذه الزاوية مصير كرة القدم الإنكليزية وكذلك تحضيرات البلاد للألعاب الأولمبية.
كرة القدم في وضع جيد نسبياً
مع الإغلاق الأخير ستكون كرة القدم مبدئياً في مأمن، ويرجع ذلك إلى قوة عقود البث الخاصة بها، التي تمت حمايتها من خلال الإعفاء الحكومي للرياضة النخبوية، حيث إن الدوري الإنكليزي الممتاز وحده يمتلك عقوداً بقيمة 3 مليارات جنيه إسترليني سنوياً على شكل صفقات تلفزيونية، 400 مليون جنيه إسترليني منها تنحصر في رابطة الدوري الإنكليزي.
وخسرت أندية الدوري الإنكليزي الممتاز 700 مليون جنيه إسترليني في حسومات البث بسبب الوباء خلال الموسم الماضي والعقوبات التجارية، مع استمرار مشكلة غياب الجماهير، إذ من غير المرجح أن يعود المشجعون إلى الملاعب بأعداد كبيرة حتى الموسم المقبل، وهو ما سيتسبب بمزيد من الخسائر، المقدرة بمئات الملايين.
صحيحٌ أن أندية البريميرليغ والدرجة الأولى يجب أن تكون قادرة على الصمود في وجه العاصفة المالية من خلال مزيج من استثمارات المالك وصفقات الانتقالات في الميركاتو والإدارة الذكية في ظلّ هذه الظروف، إلا أن المشكلة تكمن في غياب المشجعين بالأقسام الدنيا من المسابقات، الذي سيخلق مشاكل حقيقية، إذ تعتمد بعض الأندية في الوقت الحالي على مجموعة من المنح والقروض، بلغ مجموعها 50 مليون جنيه إسترليني من الدوري الإنكليزي الممتاز لدفع أجور اللاعبين.
إضافة إلى ذلك، فإن الاتحاد الإنكليزي في وضع غير مستقرّ، ويتوقع الرئيس التنفيذي مارك بولينغهام أن ترتفع الخسائر البالغة 300 مليون جنيه إسترليني في العام الماضي بشكل كبير هذا الموسم.
وكان مجلس الإدارة في الاتحاد الإنكليزي يأمل في الترحيب بعودة الجماهير إلى ويمبلي في مباريات منتخب الأسود الثلاثة، المؤهلة لكأس العالم 2022 في قطر، حين يلتقي فريق المدرب غاريث ساوثغيت نظيره سان مارينو وبولندا في مارس/ آذار، وهو الأمر الذي يبدو الآن غير مرجح للغاية، في حين أن خسارة أي من مباريات البطولة الأوروبية (يورو) السبع، المقرر أن تستضيفها البلاد هذا الصيف ستكون ضربة مالية أخرى.
ويظلّ الخيار المفضل لدى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) في الوقت الراهن، تنظيم بطولة اليورو في 12 مدينة مختلفة عبر القارة، ولكن تتم مراجعة هذه الخطة في الوقت الراهن، خاصة أن بعض المدن قد تكون نسبة الإصابة فيها أعلى من غيرها في دول أخرى.
الأولمبياد... وعودٌ وتخوف
يستمرّ تنظيم الألعاب الأولمبية هذا الصيف حتى اللحظة، مع استمرار المنظمين في تقديم الوعود، بالتالي من المفترض ألا تتأثر استعدادات المملكة المتحدة لخوض المنافسات.
وتمكنت الجمعية الأولمبية البريطانية، التي تم تمويلها من صفقات رعاية تبلغ قيمتها الإجمالية 62 مليون جنيه إسترليني لدورة طوكيو فقط، من إعادة التفاوض بشأن عقودها التجارية في العام الماضي لنقلها إلى دورة الألعاب الأولمبية (2021)، بعدما أعيدت جدولتها هذا العام.
قبل أعياد الميلاد الأخيرة، تلقت الرياضة البريطانية ضماناً بقيمة 352 مليون جنيه إسترليني لتمويل الرياضات الأولمبية والألعاب البارالمبية حتى باريس 2024.
وتم فعلاً تقسيم المبالغ الممنوحة من قبل الحكومة البريطانية وهيئات داعمة أخرى، من أجل وضع خطة للألعاب لحصد نتائج جيدة، بغض النظر عن كيفية تأثير الإغلاق على الدخل العام لها، والذي لا يعتمد بشكلٍ مفرط على الصفقات التجارية أو الحشود داخل الصالات.
ومع ذلك، في حين أن التمويل حاضرٌ بالنسبة للنخب والمحترفين، ما يعطي إمكانية للرياضيين لمتابعة التدريبات، فالقصة مختلفة على مستوى الألعاب الشعبية الأخرى.
على سبيل المثال، خسرت كرة الريشة في إنكلترا 2.2 مليون جنيه إسترليني خلال العام الماضي. على الرغم من حصول هذه اللعبة على مليوني جنيه إسترليني في حزمة مساعدات الحكومة البريطانية، لإبقاء اللعبة على قيد الحياة خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، إلا أن مراكز هذه الرياضة مغلقة تمامًا في جميع أنحاء البلاد، وهو ما يعني عدم وجود إيرادات على الإطلاق.
السباحة أيضاً ربما لم تعد قادرة على الوقوف على قدميها، والآن اضطرت حمامات السباحة للإقفال، إذ يواجه العديد منها إغلاقاً دائماً.
وقالت جين نيكرسون، الرئيسة التنفيذية لشركة سويم إنغلاند: "هذه ضربة أخرى للمشغلين الذين يمتلكون حمامات السباحة في جميع أنحاء البلاد. آمل أن تقدّم لهم الحكومة الدعم المالي لتخطي هذه الأوقات العصيبة".
يُذكر أن الحكومة اليابانية أكدت اقتراب موعد إعلان حالة الطوارئ قبل أشهر قليلة من انطلاق الألعاب الأولمبية.
وكشف الوزير الأول يوشيهيدي سوغا، أن الحالة الصحية أضحت مخيفة قبل انطلاق حملة التلقيح ضد الفيروس.
وجدّد الوزير الياباني آماله في أن تنطلق حملة التلقيح ضد الوباء في نهاية شهر شباط/ فبراير، كما دعا المواطنين إلى الالتزام بالتدابير الوقائية للحفاظ على صحتهم، ولضمان نجاح الألعاب الأولمبية التي ستدرُ ملايين الدولارات على خزينتهم من دون شك.
ووصف يوشيهيدي نجاح بلده في تنظيم الدورة بالدليل على قدرة الإنسانية على التغلب على الفيروس، وهو ما يعكس خشيته وخشية حكومته من خسارة تنظيم المنافسة بعدما أُجّلت سنة كاملة.