احتفالات نجوم كرة القدم.. هل يجب تغييرها في زمن كورونا؟

17 يناير 2021
طاولت الانتقادات نجوم الكرة في بريطانيا وإسبانيا بسبب احتفالاتهم (Getty)
+ الخط -

وجه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" إلى جميع نجوم الرياضة الشعبية الأولى في العالم، الذين يلعبون مع أنديتهم في الدوريات المنتشرة في "القارة العجوز"، رسالة يذكرهم فيها بالبرتوكولات الصحية التي وضعها للحد من انتشار فيروس كورونا.

وأصر "يويفا" في رسالته على تجنب المصافحة بين اللاعبين، والعناق أثناء الاحتفالات بعد تسجيلهم الأهداف، في ظل الموجة القوية التي تشهدها الدول الأوروبية في الفترة الحالية، بعدما عاد الوباء العالمي إلى الانتشار بقوة.

لكن بيب غوارديولا، المدير الفني لنادي مانشستر سيتي، اعتبر، في حديثه مع شبكة "بي بي سي" البريطانية، أن منع اللاعبين من الاحتفال بالأهداف التي يسجلونها أمر صعب، مضيفاً "لا أعرف ما إذا كنا سنكون قادرين على القيام بذلك"، مشدداً على أن اللاعبين يخضعون للاختبار بشكل متكرر.

وبغض النظر عن عدد المرات التي يتم فيها اختبار اللاعبين، لكن ما يفعلونه في المباريات يؤثر بشكل سلبي على الجماهير التي تتابعهم عبر شاشات التلفزة، وبخاصة أن الحكومات الأوروبية تعمل جاهدة على إقناع المواطنين بضرورة احترام التباعد الاجتماعي، وتواصل نشر آخر بيانات حصيلة ضحايا الوباء العالمي، مع الإبلاغ عن اكتظاظ المستشفيات بالحالات الحرجة.

وتقع المسؤولية على عاتق نجوم كرة القدم، الذين يعتبرون في جميع المجتمعات الأوروبية، أنهم النخبة ويمثلون القدوة للجماهير الصغيرة في العمر، لكن الاحتفالات بعد الأهداف شكلت مشكلة جديدة لدى الحكومات، التي وضعت البروتوكولات الصحية الصارمة، بالإضافة إلى الغرامات المالية الكبيرة.

ومع ذلك، يخشى آخرون أنه من الظلم والتناقض مطالبة اللاعبين بتوفير الترفيه، وفي نفس الوقت قمع غرائزهم الطبيعية. ويعتقد البعض أن الأمر يسلب اللعبة البهجة التي تشتد الحاجة إليها.

ولا يمانع الوزراء في أوروبا بتعليق كرة القدم مرة أخرى في هذه المرحلة، لكنهم يدركون أنها مصدر إلهاء مرحب به بالنسبة للكثيرين، وبخاصة أن آثار الوباء العالمي أثقلت كاهل المواطنين من الناحية الاقتصادية.

لكن بعد أن خرق اللاعبون القيود خارج أوقات العمل خلال فترة الأعياد الماضية، ومع احتمال تشديد الإغلاق في عدد من دول  القارة الأوروبية، وعلى رأسها المملكة المتحدة التي تعاني بشدة من انتشار الوباء العالمي، ما جعل وزير الرياضة نايجل هادلستون يلوح بإصدار قرارات حاسمة، سيتم فرضها على القائمين على الكرة الإنكليزية، من أجل المخالفات الكبيرة التي تحدث من قبل نجوم اللعبة.

وبناء على تحذير وزير الرياضة في المملكة المتحدة نايجل هادلستون، سيقوم القائمون على الكرة الإنكليزية بالتدقيق في كل احتفالات اللاعبين بالأهداف، وفي حال كان الأمر مفرطاً، سيتم فرض غرامات مالية بحقهم مع تسليط عقوبة مالية أيضاً على الأندية.

صحيح أن كرة القدم أظهرت أنها قادرة على التكيف والعمل مع الظروف غير المسبوقة التي وجدت نفسها فيها مع بداية استئنافها في الموسم الماضي، وبخاصة أن البروتوكولات الصحية في المملكة المتحدة فرضت على لاعبي أندية "البريميرليغ" الخضوع لفحص كورونا مرتين في الأسبوع.

وبالنظر إلى الطبيعة الخارجية للرياضة، فإن خطر انتقال الفيروس أقل، لذلك نرى في الإرشادات المحدثة، الصادرة عن الدوري الإنجليزي الممتاز، أنه قد تم تذكير اللاعبين بأهمية النظافة الجيدة وارتداء أقنعة الوجه، مع أهمية تطبيق التباعد الاجتماعي، وبالأخص أثناء الاحتفال بالأهداف.

لكن في ظل لحظة الاحتفال، كيف يمكن ضبط ذلك؟ من يستطيع أن يحرم شيفيلد يونايتد من الاحتفال قليلاً بعد أن حقق فوزه الأول في الدوري الإنكليزي الممتاز؟ أو عندما صعد مانشستر يونايتد إلى صدارة الترتيب لأول مرة منذ عهد السير أليكس فيرغسون؟

يقول مراسل شبكة "بي بي سي" البريطانية سيمون ستون: "لقد كنت محظوظًا بما يكفي للذهاب إلى الكثير من المباريات منذ عودة المنافسات مرة أخرى. من الواضح أنه لا يوجد مشجعون، لكن بصرف النظر عن ذلك وعن التباعد الاجتماعي بين البدلاء وطاقم التدريب على أرض الملعب، كل شيء متماثل إلى حد ما".

وتابع "يتجادل اللاعبون مع الحكام، والمديرون يتأوهون من المسؤول الرابع، ويغوص اللاعبون، ويتعمدون الإضرار بعضهم ببعض وعرقلة بعضهم بعضاً، ويقومون بمعالجة صعبة ويحاولون الحصول على ميزة يمكن أن تحدث فرقًا في المباراة".

بكل بساطة، نحن في جائحة عالمية. توفي أكثر من 80 ألف شخص بفيروس كورونا في المملكة المتحدة وحدها، التي لم يتمكن المواطنون فيها من معانقة أحبائهم، والعديد من الأشخاص لم يغادروا منازلهم منذ أشهر، في حين يضطر الآباء إلى تحمل الضغوط الإضافية المتمثلة في تعليم أطفالهم في المنزل.

لذلك عندما يرون لاعبين يحتضنون بعضهم بعضا بعد تسجيل الأهداف، ويغنون بقلوبهم في غرف تغيير الملابس، والأذرع تتدحرج حول الكتفين، فهذا، بالنسبة للبعض منهم، ضربة موجعة نتيجة عدم احترام البروتوكولات الصحية.

ويعد نائب كبير المسؤولين الطبيين في إنكلترا جوناثان فان تام من بين أولئك الذين دعوا اللاعبين إلى التحلي بضبط النفس عند الاحتفال، وعندما سئل عما إذا كان يتعين على اللاعبين أن يتعانقوا بعد هدف ما، قال "يجب تجنب كل اتصال بشري قريب يمكن تجنبه لأن واحداً من كل ثلاثة منا سيصاب بالعدوى، ولن تظهر عليه أي أعراض على الإطلاق".

لكن ليست فقط الخروقات على أرض الملعب أو تلك الموجودة في بيئة كرة القدم هي التي تسبب المشاكل. خلال فترة الأعياد الماضية، كانت هناك عدة خروقات لبروتوكولات فيروس كورونا مع لاعبين من أندية مختلفة حضروا أو استضافوا حفلات.

وعليه، ترى الحكومات الأوروبية أن على "يويفا" التحرك من أجل إيجاد قانون جديد يضبط احتفالات اللاعبين، في حال أرادوا الاستمرار بتأدية عملهم، وإلا فإن كل شيء مُعرض للإغلاق، حتى عودة الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى.

المساهمون