بطولة كوبا أميركا، الأعرق في تاريخ كرة القدم الخاصة بالمنتخبات، كانت بدايتها قبل انطلاق كأس العالم، تحديداً في عام 1916، ومن هناك أقلعت رحلة المنتخبات. حديثنا اليوم سينصب على منتخب أوروغواي، الدولة التي تمتلك أكبر عدد من الألقاب في التاريخ، متفوقة على الأرجنتين والبرازيل برصيد 15 تتويجاً. حتى عام 1927، أقيمت بطولة أميركا الجنوبية سنويًا، وكانت أوروغواي صاحبة الهيمنة خلال هذه الحقبة المبكرة، حيث فازت بـ6 من أصل 11 بطولة.
تاريخ أوروغواي في الكوبا
يعتبر منتخب أوروغواي واحداً من أعرق الفرق التي لعبت كرة القدم في التاريخ، فهو أول متوج بلقب مونديال في عام 1930، وكذلك كان أول من توج ببطولة كوبا أميركا في عام 1916. حقق المنتخب اللقب في 15 مناسبة، وحلّ وصيفاً في المركز الثاني 6 مرات والثالث في 9 مناسبات، إضافة للمركز الرابع في 5 مرات، بالتالي، احتلّ 35 مرة المراكز الأربعة الأولى، وهو ذات رقم الأرجنتين، مع العلم أنّ البرازيل كانت بين "التوب 4" مع 30 مرة.
التتويج الأول والحفاظ على اللقب
أقيمت النسخة الأولى لبطولة كوبا أميركا في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس بين 2 يوليو/تموز و17 يوليو 1916، وكانت خلال احتفالات الذكرى المؤية لاستقلال الأرجنتين عن إسبانيا. فازت أوروغواي بالبطولة بعد حصدها 5 نقاط من فوزين وتعادل، إذ هزمت البرازيل بنتيجة 2-1 وتشيلي برباعية، قبل التعادل مع الأرجنتين بدون أهداف، خاصة أن الأخيرة كانت تحتاج لتحقيق الفوز لحصد اللقب. وكان هداف البطولة حينها بـ3 أهداف إيزابيلينو غرادين (8 يوليو/تموز 1897 - 21 ديسمبر/كانون الأول 1944)، وهو واحدٌ من أعظم لاعبي كرة القدم في تلك الحقبة، بقي في القمة لسنوات بطلاً إلى حين التتويج بلقب المونديال من قبل جيلٍ آخر، مع العلم أنه كان بطل أميركا الجنوبية لألعاب القوى أربع مرات في سباقي 400 و200 متر للجري.
الأمر المثير في ذلك النهائي أنّ المباراة الختامية كانت مقررة يوم 16 يوليو/ تموز، لكن، وبعد 5 دقائق من الانطلاق حين كانت النتيجة 0-0، حدثت أعمال شغب بسبب دخول الجماهير إلى الميدان، فانتهت الاشتباكات بإشعال المدرجات الخشبية، ونظراً لعدم إمكانية إعادة جدولة المباراة في ملعب "جيمناسيا إي إيزغريما"، أعيدت جدولة اللقاء في اليوم التالي على ملعب "راسينغ كلوب". في النسخة التالية عام 1917، حافظت أوروغواي على اللقب، لكن المفارقة أنها أقيمت على أراضيها تحديداً في مونتفيديو. وجرت جميع المباريات على ملعب "باركي بيريرا"، وهو ملعب متعدد الاستخدامات يتسع لـ40 ألف متفرج.
استطاعت أوروغواي حصد 6 نقاط بعد الفوز في 3 مباريات، على حساب تشيلي في البداية برباعية نظيفة، ثم بذات النتيجة أمام البرازيل، وبعدها بنتيجة 1-0 على حساب الأرجنتين. وكان هداف تلك النسخة ألفريدو أنخيل رومانو (2 أغسطس/آب 1893 - 22 أغسطس/آب 1972) برصيد 4 أهداف، وهو مهاجم لعب 70 مباراة دولية مع منتخب بلاده من عام 1911 حتى 1927 وسجل 28 هدفاً، ويعتبر اللاعب الأكثر تتويجاً على الإطلاق بحصده 50 لقباً في مسيرته. لعب في كوبا أميركا تسع مرات، وحصل على المركز الأول في ست مناسبات، وخسر نهائياً مرة، فيما احتل المركز الثالث مرتين، وكان ضمن منتخب أوروغواي المتوج بذهبية دورة الألعاب الأولمبية في عام 1924. لعب رومانو لنادي ناسيونال بين 1910 و1930، وسجل 164 هدفًا في 388 مباراة.
اللقب الأخير
مع تطور مستوى منتخبي البرازيل والأرجنتين، استطاع الفريقان تحقيق العديد من الألقاب، فحققت أوروغواي اللقب في 1995 قبل أن تغيب سنوات طويلة حتى 2011 تحديداً. في تلك النسخة التي استضافتها الأرجنتين، نجح منتخب أوروغواي في حصد اللقب بعد الفوز بثلاثية نظيفة على حساب نظيره باراغواي.
خلال الطريق للوصول إلى النهائي الكبير، استطاع منتخب أوروغواي إقصاء نظيره الأرجنتيني بركلات الترجيح في ربع النهائي، بعد التعادل إيجاباً في الوقت الأصلي والإضافي بهدفٍ لمثله، ليعود المنتخب الملقب بـ"لا سيليستي" للفوز في نصف النهائي على بيرو بهدفين نظيفين. في اللقاء الختامي على ملعب "مونومنتال" الخاص بنادي ريفر بليت في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، التقى الفريقان بحضور 57,921 متفرجاً بقيادة الحكم سلافيو فاكينديز، فكانت البداية من نصيب المهاجم المميز لويس سواريز في الدقيقة الحادية عشرة، قبل أن يظهر النجم الكبير آنذاك دييغو فورلان في الدقيقة الـ41 مسجلاً الهدف الثاني، وليكون الختام معه في الدقيقة الـ89.
أرقامٌ كبيرة
يُعتبر سيفيرينو فاريلا واحداً من اللاعبين المعروفين والمميزين في أوروغواي، وهو الذي دوّن اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ كوبا أميركا، إذ سجل خمسة أهداف في 3 نسخ مختلفة، ما جعله هداف "لا سيليستي" في البطولة القارية، مع العلم أنه أحرز 19 هدفاً في 24 مباراة مع المنتخب من عام 1935 حتى 1942، ولعب للعديد من الأندية، أبرزها بوكا جونيورز بين عامي 1943 – 1945، مسجلاً 43 هدفاً في 67 مباراة.
أما اللاعب خافيير أمبرويس كامبانيا (ولد يوم 9 مايو/أيار 1932 وتوفي يوم 25 يونيو/حزيران 1975 في العاصمة مونتفيديو)، فيعتبر أفضل مسجلٍ للأهداف لأوروغواي بنسخة واحدة من كوبا أميركا، بعدما هزّ الشباك في 9 مناسبات ببطولة 1957، مناصفة مع النجم الأرجنتيني السابق هومبرتو ماشيو، الذي أحرز نفس عدد الأهداف.
يعتبر منتخب أوروغواي أكثر فريق خاض مباريات في كوبا أميركا، إذ برصيده 201 مباراة، ويأمل في الذهاب بعيداً في كوبا أميركا هذا الصيف لتعزيز الرقم القياسي.