تبدو مهمة المنتخب الليبي في غاية الصعوبة عندما يواجه نظيره التونسي، الخميس، لحساب الجولة الرابعة من التصفيات المؤهلة إلى بطولة كأس أمم أفريقيا 2023 بساحل العاج.
وعمدَ مدرب المنتخب الليبي، حمدي بطاو، إلى توجيه الدعوة لأكبر عدد من المحترفين، كونهم أكثر جاهزية من المحليين الناشطين في مسابقة الدوري الليبي الممتاز، الذي عصفت بها التوقفات لأكثر من مرة، ما أثر في مردود اللاعبين، وبدا ذلك واضحاً في النسخة الماضية من بطولة أمم أفريقيا للاعبين المحليين (الشان)، المقامة مؤخراً في الجزائر، عندما سقط منتخب "فرسان المتوسط" أمام منافسه منتخب "الأفاعي السوداء" أي منتخب الموزمبيق بثلاث لدغات قاتلة، عجلت برحيل المدرب الفرنسي، كورنتين مارتينيز.
ومن المتوقع ألا يجازف بطاو ويلعب بطريقة هجومية أمام منتخب ينتهج الأسلوب الهجومي، ويعتمد بشكل كبير على لاعبين محترفين في أقوى الأندية الأوروبية، الأمر الذي يجعله يفكر في اللعب بطريقة دفاعية، تمكنه من خطف نقطة التعادل على أقل تقدير، قبل أن يلتقي المنتخبان مجدداً في مدينة بنغازي وسط حضورٍ جماهيرياً كبير، سيصعب المهمة نوعاً ما على أبناء جلال القادري.
ورقة رابحة
تكمن قوة المنتخب الليبي عندما يلعب بالطريقة الدفاعية، التي يتناغم فيها الأداء ما بين خطوط الدفاع والوسط، في ظل توفر لاعبين في منطقة وسط الملعب يتمتعون بنزعة دفاعية، أبرزهم المحترف في صفوف سبورتينغ براغا المعتصم المصراتي، الذي يجيد أيضاً صناعة الأهداف وتسجيلها، ويتميز كذلك بتسديداته القوية من خارج منطقة الجزاء.
يأتي ذلك في ظل معاناة المنتخب من عدة غيابات، وخصوصا في منطقة عمق الدفاع، وهما سند الورفلي مدافع فريق الاتحاد والمحترف السابق في صفوف الرجاء، البعيد عن مستواه منذ عودته إلى الدوري الليبي قادماً من المغرب عبر بوابة أهلي طرابلس، وقلب دفاع الأخير أحمد التربي المعروف بنزعته الهجومية والمشهور بأهدافه الرأسية مع أهلي طرابلس والمنتخب، بسبب إصابة أبعدته عن معسكر المنتخب الحالي، لم يتم الكشف عنها إلا مؤخراً، تسببت في انتقادات طاولت اتحاد الكرة والطاقم الفني للمنتخب، بسبب توجيههم الدعوة للاعبين يعانون من الإصابة.
غياب مؤثر
يُعدُ صخرة دفاع المنتخب الليبي علي سلامة، صاحب الخبرات الكبيرة وأحد الركائز الأساسية مع فريقه النصر في مسابقة الدوري، من أبرز لاعبي الدفاع في كرة القدم الليبية في الآونة الأخيرة، نظراً لعطائه الوافر وأهميته القصوى لأي مدرب أشرف على المنتخب الليبي قبل تولي حمدي بطاو هذه المهمة.
وبالرغم من ذلك لم يتم إدراج أسمه ضمن قائمة المنتخب المستهدفة لخوض مباراتي تونس، ما أثار استغراب الكثيرين، خاصةً وأن اللاعب وبالرغم من تقدمه في السن، ظهر بشكل مميز مع منتخب المحليين في بطولة الشان الأخيرة في الجزائر، لما يتمتع به من خبرة وقوة بدنية وقتالية عالية في اللعب، تمكنه من لعب أدوار كبيرة في مباراة الذهاب في تونس.
في المقابل من المرجح أن المدرب بطاو لم يغفل عن أهمية هذا المدافع الصلب، وقد يكون من الخيارات المطروحة بقوة بالنسبة له، في حال عانى دفاع المنتخب الليبي في مباراة الخميس أمام نظيره التونسي، ولعله قد يستعين به في المباراة القادمة التي يعول عليها كثيراً لحصد ثلاث نقاط ثمينة تبقي على آمال الترشح إلى نهائيات ساحل العاج.
خيارات خط الدفاع
شكل تراجع مستوى قلب دفاع أهلي بنغازي والمنتخب الليبي علي يوسف، معضلةً كبيرة بالنسبة لفريقه، ما جعله يخسر مكانةً أساسية في خط دفاع المنتخب، بعد أن كان قريبا جداً من تحقيق ذلك، في ظل عدم قدرة المدافعان أحمد التربي وسند الورفلي على لعب 90 دقيقة بنفس المستوى من الأداء، وعامل السن الذي أمسى يقربهما أكثر من اعتزال اللعب المستوى الدولي.
ومن غير المستبعد مشاركة محمود بن والو قلب دفاع حرس الحدود المصري واللاعب السابق لفريق الاتحاد وأحد أبرز المدافعين في الدوري المصري، أساسياً في مباراة تونس الخميس، بجانب طاهر بن عامر المتألق مع فريق الدفاع الحسني الجديدي المغربي المنتقل إليه مؤخراً قادماً من أهلي بنغازي، ما دعا حمدي بطاو إلى توجيه الدعوة لكليهما نظراً لما يقدمانه من مستويات جيدة، ما يعني بقاء علي يوسف على دكة البدلاء، ليكون خياراً مهماً في بعض الحالات الطارئة.
وفرة لاعبي الوسط
يحتاج المنتخب الليبي إلى صانع ألعاب متميز بإمكانه أن يشكل خطورةً كبيرة بتمريراته البينية القصيرة والطويلة، أمام منطقة الجزاء وفي عمق الدفاعات التونسية، قد يستغلها المتألق مؤخراً مع فريق زاخو العراقي، محمد الغنيمي، الذي يجيد اللعب في منطقة الصندوق، والمهاجم السريع صاحب الانطلاقات الصاروخية معاذ عيسى الذي أستعاد مستواه مؤخراً، بهدف جميل في شباك الجيش الملكي المغربي الأسبوع الماضي في مسابقة دوري أبطال العرب للأندية.
ويُعتبر الوحيد الذي بإمكانه لعب هذا الدور أيقونة خط وسط فريق الوداد وصانع ألعابه، مؤيد اللافي، والمدرب حمدي بطاو، لا يخاطر بإشراك اللافي أساسياً في هذه المباراة، نظراً لعدم جاهزيته بسبب إصابة في الركبة أبعدته عن الملاعب 10 أشهر، قبل أن يعود إليها مطلع شهر مارس/آذار الحالي، ويشارك مع فريقه كلاعب بديل لدقائق معدودة، في مسابقتي الدوري المغربي ودوري أبطال أفريقيا.
وجوه جديدة
يتميز اللاعب فاضل سلامة أحد أبرز لاعبي أهلي بنغازي، إجادة اللعب خلف المهاجمين وعلى الجانبين الأيمن والأيسر، ومن المتوقع مشاركته أساسياً لما قد يشكله من خطورة كبيرة على المرمى المنتخب التونسي، بفضل انطلاقاته ومهاراته وسرعة وتمركز في المكان الصحيح، وهو ليس حديث عهدٍ بالمنتخب، إذ سبق وأن أثبت جدارته في أول مشاركة تحت قيادة المدرب السابق للمنتخب الإسباني خافيير كليمنتي.
وقدم اللاعب مستوى متميز وأظهر على قدرات كبيرة في مركزه بعد تسجيله هدف في مرمى الكويت العام الماضي في مباراة ودية جمعته مع المنتخب الليبي، وفي هذا المركز بالذات تبدو الخيارات قليلة بالنسبة للمدرب بطاو، ما دعاه لتوجيه الدعوة إلى لاعب وسط فريق السويحلي أسامة الشريمي الذي يمر بفترة ممتازة مع فريقه خلال مسابقة الدوري في الموسم الحالي.
عقم هجومي
يعاني المنتخب الليبي في السنوات الأخيرة من عقم هجومي كبير، بسبب افتقاده مهاجمين في مركز رأس الحربة، أمثال نجم التحدي والمنتخب السابق أحمد المصلي، وصاحب الرأس الذهبية مهاجم الاتحاد أحمد الزوي المحترف سابقاً في البنزرتي التونسي، ومهاجم أهلي طرابلس أسامة الفزاني وغيرهم كثيرين ممن تألقوا مع المنتخب الليبي لسنواتٍ مضت.
وأمست الأندية الليبية عاجزةً عن الإتيان بمهاجمين يتمتعون بنصف قدرات هؤلاء، ما دفعها إلى الاستعانة بمحترفين أجانب لسد هذا الفراغ الكبير، وهذا ما يفسر قلة المهاجمين في قائمة المنتخب الحالية، وما زاد الطين بِلة، غياب مهاجم أهلي طرابلس أنيس السلتو بسبب الإصابة، وهو الذي يجيد دور لاعب المحطة، بالإضافة إلى قدرته على الاحتفاظ بالكرة والاختراق من الأطراف.
وجميع هذه الأمور ربما تجبر المدرب بطاو على انتهاج أسلوب دفاعي بحت مع الاعتماد على الهجمات العكسية، وإمكانية الضغط على المنتخب التونسي في مناطقه، ومنعه من بناء الهجمات من الخلف، وهذا يعتمد على مدى جهوزية لاعبي المنتخب على المستويين البدني والتكتيكي.