أزمة الطاقة.. إليكم تداعياتها الخطيرة على كرة القدم في أوروبا

09 سبتمبر 2022
استادات كرة القدم مهدّدة بقطع الإنارة عنها بسبب الأزمة (Getty)
+ الخط -

تعاظمت الأخطار التي تهدد كرة القدم واستمرار المباريات خلال الفترة الأخيرة، بين حروب ألغت المنافسات مثل الذي يحدث بأوكرانيا، وأزمة تفشي فيروس كورونا من قبلها، وصولاً إلى أزمة الطاقة الكهربائية التي تعاني منها دول أوروبية كبرى في الوقت الراهن.

وبدأت تداعيات الأزمة الكهربائية مع بداية الموسم واشتداد الحرب الروسية الأوكرانية، في الوقت الذي تسير فيه الأوضاع من سيء إلى أسوأ، بعدما شعرت بعض الأندية والمنتخبات بضعف الحلول وفقدان الحرية في اتخاذ بعض القرارات التي تخص مبارياتها التي تلعب في الفترة المسائية.

توقعات بانقطاع الكهرباء والملاعب المستهدف الأول

وتعتمد الدول الأوروبية على الكهرباء مصدر طاقة أساسي في الحياة اليومية، وبغض النظر على ضرورة استعمالها لتشغيل الآلات الكهربائية، أضحت هذه الطاقة سبيلاً لتنقّل أصحاب السيارات الكهربائية والأفران والمدافئ ذاتية الاستعمال بالبيوت.

وتصب التوقعات في خانة ضرورة التقليص الشديد لاستعمال الكهرباء لدى المواطنين، وقطعها عن المنشآت الترفيهية مثل ملاعب كرة القدم، وحتى إنهاء المنافسات الكروية مبكراً أو تعليقها، بما أن اللعبة الشعبية بقدر ما هي مهمة لدى الأشخاص، تبقى غير ضرورية لضمان حياتهم ولا تبلغ أهمية المستشفيات التي يبقى توفير الكهرباء بها أولوية قصوى.

اجتماعات بفرنسا لتنظيم المباريات صباحاً

وتعد دولة فرنسا من بين أكثر المتضررين من أزمة الكهرباء، ودقت السلطات جرس الإنذار على جميع المستويات، واستجابت رابطة كرة القدم واتحاد اللعبة عبر تنظيم اجتماعات متواصلة لبحث حلول تخفف من استهلاك الكهرباء، وذلك قبل انطلاق الموسم، واختارت الأطراف حل تخفيف عدد المباريات التي تقام بالليل، ووضع قرار منعها فوق الطاولة، أما استخدامه فقد يدخل النطاق في حال ما إذا تردى الوضع أكثر من الحالي.

الجمهور وملّاك الحقوق يفسدون المخطط

ولقيت الفكرة رفضا قاطعا من الجماهير التي تحرص على حضور قمم كبيرة بين فرقها، ويفضل أغلبهم أن تكون سهرتهم في الملعب بعيدا عن أوقات العمل، بما في ذلك خلال المباريات القارية الأوروبية، وزاد ملاك الحقوق من تعقيد الوضع بمطالبتهم بتنظيم اللقاءات في الليل، وهو ما يسمح لهم بضمان أكبر قدر من المتفرجين خلف الشاشات، وعلى وجه الخصوص خلال المباريات الكبيرة بالغة الأهمية.

رئيس الاتحاد الإيطالي يطلب النجدة

وطلب رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، غابرييلي غرافينا النجدة من حكومة بلده بعد تقلص كميات الطاقة الكهربائية، حيث أدرك خطورة الوضع على كرة القدم، فقال في تصريحات لصحيفة "إل ميساجيرو" الإيطالية: "لم يكن وباء كورونا أخطر من أزمة الطاقة الكهربائية، كرة القدم في خطر ومهددة بالزوال، الموارد المالية ضعيفة أيضا وبهذا نواجه الأخطر".

أثر الأزمة يُغرق كرة القدم الإيطالية

ولم يصدر كلام رئيس اتحاد الكرة الإيطالي عن فراغ، إذ بدأت المشاكل تضرب الأندية الضعيفة مالياً، أي تلك التي تلعب في الدرجات الدنيا، وأمست عاجزة على دفع فواتير الكهرباء التي تضاعفت ثلاث مرات في ظرف وجيز، والأخطر من هذا إمكانية غلق مركز كوفرتشيانو الخاص بمعسكرات منتخب "الأزوري".

الأندية بين مطرقة نقص الطاقة وسندان التلوث

وتتواجد المنتخبات وأندية كرة القدم في موقف محرج جدا، وبين ضغوط تفرضها عدة جهات، حيث تحرص جمعيات الدفاع عن البيئة والتي أمسى صوتها عاليا في الفترة الأخيرة، على مطالبة الأندية بإيقاف التنقل عبر الطائرات لخوض المباريات، واقترحت حل السفر في القطار السريع، وبما أن الأخير يسير بالكهرباء عادة، فإن إمكانية تخفيض الرحلات وحتى إلغائها خلال فصل الشتاء يبقى مطروحا بقوة، أما المتضرر الوحيد فهم اللاعبون الذي سيدخلون حربا من المفترض ألا تعنيهم.

قاعة كرة السلة تضرب المثال بحل ناجح

ووسط البحث عن حلول تُغني الأندية عن فواتير الكهرباء وأزمات الطاقة، ضربت قاعة رياضة كرة السلة التي يمتلكها النجم العالمي، طوني باركر ورئيس أولمبيك ليون، جان ميشيل أولاس المثل لتعفي نفسها من أي عوائق تؤثر على تنظيم المباريات أو الأنشطة، إذ نصبوا مزرعة ألواح شمسية تزودها بالكهرباء الكافية لاستقبال 16 ألف متفرج، لكن كيف ستتعامل في الأيام الممطرة؟

نيس وسانت إيتيان سبّاقة ولكن..

وفي 2016، كانت بعض الأندية الفرنسية مثل نيس وسانت إيتيان سباقة لاتخاذ مبادرة تنصيب الألواح الشمسية لتزويد الملاعب بالكهرباء، ودخلا ضمن الترشيحات لاستقبال بعض المباريات ببطولة أمم أوروبا، لكن المجهودات لم تكن كافية مع مرور السنوات، خاصة أن الأزمة الحالية لا يكفيها توليد 1500 ميغاواط في الساعة.

كيف يساهم الجمهور في إنقاذ كرة القدم؟

وجاءت دراسات نشرتها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عام 2018، لتؤكد بأن المتفرجين خلف الشاشات يساهمون بشكل مباشر في تخفيف حدة الضغط على الكهرباء، إذ تبين عند انطلاق مباريات كأس العالم تراجع الاستهلاك بشكل كبير، وذلك لقيام المتفرجين بإطفاء الأضواء والجلوس أمام التلفاز الذي يكون المستهلك الأساسي خلال تلك الفترة، وعند فترة بين الشوطين ترتفع كمية الاستهلاك بحجم كبير، وبهذا فإن ترشيد استخدام الطاقة هو حل من الحلول التي من شأنها إنقاذ كرة القدم.

إيقاف الحرب حل رئيسي

ولا شك أن أهم حل ينهي الأزمة الكهربائية التي تهدد كرة القدم هو توقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ثم عودة العلاقات بين الدول الأوروبية من أجل شراء الغاز الروسي، بما أنه المزود الأول لأوروبا بالكهرباء، وهذا ما يسهل مهمة أندية كرة القدم ويعفيها من فواتير باهظة الثمن.

ولجأت بعض الدول إلى حلول ثانية من أجل ضمان الكهرباء، وكثف رجال السياسة الفرنسيون والإيطاليون من زياراتهم للجزائر، بصفتها من أكبر مصادر الطاقة بأفريقيا والأقرب لقارة أوروبا، لبحث سبيل يزيد من قدرات أوروبا الكهربائية، لكن الأكيد أن الأولوية لن تكون لكرة القدم، وبذلك تبقى رهينة لتحسّن الأوضاع خلال الأشهر المقبلة.

المساهمون