يدخل فريق الرجاء الرياضي المغربي منعطفاً جديداً في مشواره بعد سلسلة من الأزمات التي ضربته، ونتج من هذه الوضعية إعلان الرئيس عزيز البدراوي استقالته، ليخلفه محمد بودريقة، الذي يطمح إلى إعادة فريق "النسور الخضر" إلى الواجهة.
تراكمت المشاكل على فريق الرجاء الرياضي في الموسم الحالي، بعدما خرج خالي الوفاض من المنافسة على الألقاب، وفشل في مصارعة منافسيه في الدوري المغربي لكرة القدم، بالإضافة إلى الإقصاء من كأس العرش ودوري أبطال أفريقيا، وبقي لديه أمل وحيد، هو البطولة العربية للأندية.
وربما أكثر ما يزعج الجمهور الرجاوي ومكونات الفريق، تهديد غياب الفريق عن المشاركة في المنافسات الأفريقية، نظراً إلى احتلاله المركز الخامس برصيد 36 نقطة، علماً أن المركز الثالث يحتله الفتح برصيد 47 نقطة، والوداد الثاني برصد 53 نقطة والمتصدر الجيش الملكي برصيد 54 نقطة.
وعود البدراوي
بدوره، دخل الرئيس المستقيل عزيز البدراوي دواليب تسيير الرجاء الرياضي بطموحات كبيرة ووعود مغرية، حيث انتخب خلفاً لأنيس محفوظ، وكله أمل في إعادة التوازن لـ"القلعة الخضراء"، سواء على مستوى المصالحة مع الألقاب، أو إيجاد الحلول المالية.
وكانت منافسة كأس بطولة دوري أبطال أفريقيا من أولوياته ومن الأهداف التي راهن عليها، خصوصاً أنه يعرف أن هذه المنافسة خاصمت الرجاء لفترة طويلة، بدليل أن آخر لقب فاز به الفريق على مستوى المسابقة القارية يعود لعام 1999.
وتواصلت الأزمات على الرجاء الرياضي، وتأكد أن الفريق يعاني فنياً في فترة حاسمة من الموسم الكروي الخطأ يكون فيها ممنوعاً، ولأن النقاط كانت تزن ذهباً في منافسات الدوري المغربي، بعد دخول مراحله الحاسمة، تأثر الفريق الأخضر بالنتائج السلبية التي سجلها وفرضت عليه الابتعاد شيئاً فشيئاً عن المراكز المتقدمة، إلى أن وجد نفسه خارج المنافسة على لقب المسابقة المحلية.
وتلقّى عزيز البدراوي صدمة أخرى بعد خروجه من منافسة بطولة دوري أبطال أفريقيا في الدور ربع النهائي على يد الأهلي المصري، كل ذلك ولّد ضغطاً كبيراً على رئيس نادي الرجاء، الذي لم يرض بالفشل، ما جعله يقدم استقالته، ويترك الجمل بما حمل.
سيناريو يتكرر
لم يكن رحيل عزيز البدراوي عن "القلعة الخضراء" مفاجئاً، ذلك أن هذا السيناريو بات يتكرر من موسم أو موسمين، وأصبح الرجاء مدمناً تغيير الرؤساء، أو بالأحرى "فرارهم". وكان محمد بودريقة آخر الرؤساء الذين عُمّروا نوعاً ما في الفريق، مقارنة بالذين لحقوا به، إذ انتُخب عام 2012 وغادر الفريق في عام 2016، ذلك أن الرؤساء الذين تعاقبوا على تسيير الفريق لم يُعمَّروا طويلاً، بداية من سعيد حسبان، إلى جواد الزيات ورشيد الأندلسي، ثم أنيس محفوظ، وصولاً إلى عزيز البدراوي، علماً أن محمد أورَزال بدوره قاد الفريق كرئيس مؤقت لفترة قصيرة بعد رحيل سعيد حسبان.
ومنذ رحيل محمد بودريقة قبل 7 سنوات قبل أن يعود مجدداً للرئاسة، تناوب على تسيير نادي الرجاء الرياضي، حسبان وأوزال والزيات والأندلسي ومحفوظ والبدراوي، أي 6 وجوه، وهو رقم قياسي منذ انتخاب حسبان في شهر يناير/ كانون الثاني عام 2016.
الضغط العدو الأكبر
وأصبح مشهد "هروب" الرؤساء من تسيير نادي الرجاء الرياضي يتكرر كل سنة أو سنتين على الأكثر خلال المواسم الأخيرة، ولم يعد لرؤساء الفريق تلك المناعة والقوة لمجابهة المشاكل والحواجز التي يواجهونها، حيث يختارون أسهل الحلول والفرار بجلدهم من سهام الانتقادات والاحتجاجات، التي تطاولهم من طرف الجماهير الغاضبة.
ومؤكد أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو الضغط الذي بات يعيشه كل رئيس قاد الفريق في السنوات الأخيرة، ضغط النتائج والأزمات المالية ومحيط الفريق الصعب و"تربص المقربين"، وغيرها من المشاكل التي عاشها الفريق وما زال يعيشها، بدليل أنه رغم نجاح بعضهم على المستوى الفني، وكذلك المالي، فإن الضغط كان دائماً حاضراً، ولنا في حالة جواد الزيات خير دليل، فرغم أنه نجح مالياً وفنياً، وفوزه بعدة ألقاب، لكنه لم يتحمل الضغط، واختار الاستقالة بعد عامين من التسيير كرئيس.
شخصية الرئيس: الحلقة المفقودة
لأن المواسم الأخيرة عرفت تعاقب مجموعة من الرؤساء في نادي الرجاء، وكذلك الهروب بسبب عدم تحمل الضغط، فإن ما يفترض أن يتمتع به الرئيس المقبل محمد بودريقة، قوة الشخصية التي تبقى من أهم العوامل التي تساعد على النجاح لمواجهة الضغط، خصوصاً أن الفترة التي يمر بها الفريق الأخضر حالياً جدّ صعبة وحساسة، وتتطلب رجل المرحلة والشخص الذي لديه قوة الشخصية.
وانساقت مجموعة من الرؤساء السابقين للضغط من المقربين من الفريق، ومنهم من استسلم أيضاً لمطالب الجمهور، دون استثناء من راح ضحية حماسته الزائدة والقول في غياب الفعل. نجاحات رؤساء الرجاء بالأمس القريب كانت لها صلة بقوة الشخصية، والاحترام والحكمة في الكلام، واتخاذ القرارات الحاسمة بعيداً عن التهور.
لذلك، على الرئيس الجديد أن يستفيد من أخطاء من سبقوه لتفادي تكرار إدمان تغيير الرؤساء وإسعاد الملايين من الجماهير الرجاوية، التي لم تعد قادرة على الصبر في ظل تألق غريمها الوداد الرياضي.
مستقبل منذر الكبير
بعد انتخابه رئيساً جديداً للرجاء الرياضي في الجمعية العمومية الأخيرة، رفض الرئيس محمد بودريقة الحديث عن مستقبل المدرب لفريق "النسور"، التونسي منذر الكبيّر، مؤكداً أنه جاء للعمل وليس من أجل الحديث طويلاً في وسائل الإعلام، وهي العادة التي أدمنها سلفه عزيز البدراوي.
وفي الجمعية العمومية الأخيرة للرجاء، جرى تداول إمكانية بقاء المدرب منذر الكبيّر إلى غاية نهاية الموسم على الأقل، إذ يسير الرئيس الجديد تجاه الإبقاء عليه، وهو الذي لا يحمّله مسؤولية ما يقع في الفترة الحالية داخل الفريق.