"نسور قاسيون" يحلّقون أعلى من "نسور قرطاج"..

04 ديسمبر 2021
فوز سورية غيّر حسابات المجموعة (حسين بيضون)
+ الخط -

ما فعله المنتخب السوري، البارحة، في الجولة الثانية من المجموعة الثانية لكأس العرب بفوزه على المنتخب التونسي بهدفين لصفر، كان أولى مفاجآت البطولة، بالنظر لمعطيات ما قبل اللقاء التي كانت ترشح تونس، أحد أقوى المنتخبات الأفريقية والعربية، للفوز والتتويج باللقب للمرة الثانية في تاريخه، أمام منتخب منقوص من خيرة لاعبيه الأساسيين الذي غابوا لأسباب مختلفة، من دون أن يغيب عن "نسور قاسيون" ذلك الإصرار وتلك الروح التي لعبوا بها مباراة بطولية بجيل واعد يملك من المقومات ما يؤهله لتكرار الإنجاز الذي حققه قبل أربع سنوات، عندما بلغ ملحق تصفيات كأس العالم في روسيا 2018، رغم مشواره المتذبذب في تصفيات مونديال قطر 2022، ما سيزيد من حجم الإثارة في بطولة عربية نعرف المرشحين للفوز بلقبها، لكننا لا نعرف منْ بإمكانه الفوز بقلوب عشاق الكرة من المنتخبات الأخرى المشاركة.

المنتخب السوري نال الاحترام والتقدير والإعجاب البارحة بروحه العالية وإصراره الكبير ومنظومة لعبه الدفاعية التي خلقت متاعب كبيرة للتونسيين، تسببت في طرد لاعبهم محمد بن رمضان مع بداية الشوط، وتسجيل هدفين مبكرين في مطلع كل شوط كانا من أروع الأهداف، خاصة الهدف الثاني الذي سجله محمد عنز في الدقيقة الثانية من انطلاقة الشوط الثاني، تمكّن بعدها من الحفاظ على توازنه وشباكه نظيفة بفضل حارسه خالد الحجي عثمان، الذي أبدع بدوره ومنح ثقة كبيرة لزملائه الذين عانوا في الفترة الأخيرة من التغييرات الكثيرة على مستوى العارضة الفنية، لكن بعودة المدرب الروماني فاليريو تيتسا، عادت الروح وعاد معها التنظيم التكتيكي الجيد في أوساط شبان يعدون بمستقبل أفضل للكرة السورية، حتى في غياب عمر خريبين، عمر السومة، محمود المواس، خالد كردغلي، عبد الله الشامي، علاء الدالي، وأياز عثمان أحد أفضل لاعبي الدوري اليوناني.

سورية كانت سورية التي يحلم بها جمهورها، وتونس لم تكن البارحة تونس التي نعرفها، حيث غابت عنها تلك المهارات التي شاهدناها في المباراة الأولى أمام موريتانيا، وغابت عن لاعبيها الحلول الهجومية رغم دخول نعيم السليتي ويوسف المساكني في الشوط الثاني، لدرجة لم يتمكن الفريق من خلق فرصة واحدة في الشوط الأول رغم نسبة الاستحواذ العالية على الكرة، فشاهدنا منتخباً مهزوزاً غير قادرٍ على زيادة الريتم ولا الرفع من نسق المباراة، ولم يتمكن مدربه منذر الكبيّر من إيجاد الحلول للعودة، ما حيّر المتابعين والمحللين والجماهير التونسية، التي بدت مصدومة من العجز الذي ظهر على لاعبيه في مباراة كانت تبدو في المتناول قبل بدايتها؛ نظراً لثراء منتخبها باللاعبين المتميزين والغيابات العديدة في الجهة المقابلة.

بقدر ما كان المنتخب السوري رائعاً وممتعاً دفاعياً في مباراته البارحة، فقد كان المنتخب التونسي مخيّباً لجماهيره. وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه قبل الجولة الثالثة التي سيواجه فيها الإمارات، المطالبة بتجنب الخسارة للتأهل إلى ربع النهائي رغم فوزها في مباراتيها أمام سورية وموريتانيا، في وقت سيكون فيه المنتخب التونسي مطالباً بتحقيق الفوز، وانتظار ما سيفعله "نسور قاسيون" أمام موريتانيا في مباراة تبدو في متناولهم، ما يقلب كلّ التكهنات التي سبقت البطولة، وينذر كلّ المنتخبات الأخرى التي جاءت إلى قطر بثوب المرشحة للفوز ببطولة يبدو أنها ستكون مختلفة عن سابقاتها في كل شيء، مثل ما كانت مختلفة في عدد المشاركين فيها، وقيمة جوائزها وجمال الملاعب التي تحتضنها، وفي حفل افتتاحها الذي لا يزال حديث العام والخاص بكلّ ما ميّزه من تميّز وإبداع لم يسبق له مثيل في تاريخ البطولات العربية.

قطر رفعت السقف عالياً، وأتعبت من يأتي بعدها لتنظيم البطولة، ومنتخب سورية أرهق تونس عندما حلّقت نسوره عالياً في سماء الدوحة، ولا يبدو أنها ستنزل إلى الأرض، بسرعة على الأقل، في مواجهة موريتانيا، بل ستسبب جروحاً عميقة لـ"نسور قرطاج" أو "صقور الإمارات"، وتحفز وتحذر بقية المنتخبات المشاركة في بطولة ليست ككل البطولات.

المساهمون