طرحنا السؤال على الطلبة ومعلمي اللغة العربية لنعرف الإجابة. يقول شريف نادر، الطالب بالصف الثاني الإعدادي: لا يوجد عندنا حصة تعبير فالأستاذ يكتب عنوان موضوع التعبير وبعض العناصر ولا يتناقش معنا فيه ولا يفتح المجال لمناقشته أو أي موضوع عام وينهمك في تصحيح الكراسات أو في الكلام في الموبايل ويطالبنا بالانشغال في الكتابة، ولذلك أكره كتابة موضوعات التعبير.
ويشترك مازن مجدي في الحوار ويقول: كل موضوعات التعبير مكررة ومعروفة وتصيبنا بالملل مثل موضوع عيد الأم ونصر أكتوبر والمولد النبوي، كما أنه ليس من حقنا أن نختار الموضوع الذي نحب الكتابة فيه، خصوصاً الموضوعات العامة أما الموضوعات السياسية فلا يسمح لنا بتناولها أو مناقشتها أو الكتابة عنها.
في حين ترى هايدي كريم، طالبة بالصف الأول الثانوي، أنها تحب كتابة موضوعات التعبير ولا تجد صعوبة في كتابتها والإبداع فيها نظراً لحبها للغة العربية وحبها الشديد للقراءة، خصوصاً قراءة القصص والروايات والكتب الاجتماعية، وقد شجعها على ذلك توافر مكتبة والدها الذي يعمل أستاذاً جامعياً.
موضوعات أثارت جدلاً
ومن أشهر موضوعات التعبير التي أثارت جدلاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما كتبه
الطالب أسامة حمد حماد ذو الأحد عشر عاماً بالصف الخامس الابتدائي بإدارة الشيخ زويد التعليمية بشمال سيناء حيث كتب: "أمي ماتت، ومات معها كل شيء عظيم".
بهذه الكلمات المؤلمة رد الطالب على سؤال في مادة اللغة العربية يقول إن للأم فضلاً عظيماً على أبنائها أكتب موضوع تعبير عن هذا الموضوع، وقد تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي كلمات الطفل المؤثرة، ومنحته الإدارة التعليمية شهادة تقدير تشجيعاً له ورفعاً لروحه المعنوية.
وما زلنا نذكر مشكلة الطالبة آلاء فرج مجاهد التي أبدت غضبها من سياسات المخلوع مبارك في موضوع تعبير ووصفته بأنه تابع للرئيس الأميركي، ولمجرد أن الطالبة عبرت عن رأيها السياسي بحرية تم اضطهادها من المدرسة ومن الإدارة التعليمية، والتي كانت ملكية أكثر من الملك، ورسبت الطالبة في المادة واتهمتها ووالدها باتهامات عديدة وبعدما وصلت مشكلتها للإعلام وعبرت الطالبة ووالدها عن الظلم التي تعرضت له.
وتدخل مبارك لصالح الطالبة وتم نقلها للصف الثاني الثانوي واتصل بها مبارك هاتفياً لتهنئتها بالنجاح.
في حين تنفي نهى عاشور، مدرسة لغة عربية، إهمال حصة التعبير من قبل المدرسين، وتقول إن طريقة تدريس التعبير تختلف من معلم لآخر، فأنا شخصيا أختار موضوعات عامة تشجع التلاميذ على متابعة الأحداث الجارية ومتابعة وسائل الإعلام لتنمية وعيهم بقضايا وطنهم، وكذلك أبدأ حصة التعبير بمناقشة عامة وشفهية حول موضوعات عديدة أسمح فيها للطلبة بالتعبير عن آرائهم المختلفة ونقوم بمناقشة عناصر الموضوع وأحياناً أترك للأولاد اختيار عناصر الموضوع بأنفسهم.
وتؤكد أن الطلاب المتفوقين في اللغة العربية يحبون حصة التعبير ويحسنون كتابة الموضوعات ولا يملون، بينما يتهرب الطلاب الضعاف من التعبير لأنه مقياس لقدرتهم اللغوية ويكشف أخطاءهم الإملائية والنحوية.
غياب الحرية
من جانبه يرى حسن قاسم، موجّه لغة عربية، أن حصة التعبير بالفعل لا تلقى الاهتمام الكافي من قبل بعض المدرسين، وهناك أسباب لذلك منها حالة القهر والكبت السياسي التي نعيشها وغياب الحرية وعدم توافر المناخ العام الذي يشجع الطلاب على التعبير عن آرائهم بحرية وأمان ومن دون خوف، وعدم الاهتمام عموماً بالأنشطة الثقافية وتراجعها من ندوات ومسابقات أدبية تساعد على اكتشاف مواهب الطلاب ورفع روحهم المعنوية.
ويضيف: غياب هذا المناخ، خصوصاً داخل المدارس الحكومية وراء عدم الاهتمام بالإذاعة المدرسية وحصة القراءة والمكتبة وحصة التعبير وغيرها من الأنشطة مجرد انعكاس لهذا الواقع المر.
وبنبرة مليئة بالحزن يتحدث د. سعيد هادي، أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة العربية، عن حال اللغة العربية وما وصلت إليه من تدهور في مدارسنا وجامعاتنا جعلها لغة مهددة بالضياع والخطر. ويؤكد أن إهمال حصة التعبير هو جزء من إهمال اللغة العربية وغياب هيبتها ومكانتها، فالطلاب اليوم ينهون تعليمهم الأساسي ويتوجهون للجامعة وهم لا يستطيعون كتابة خطاب أو رسالة بشكل صحيح، ولقد رأينا مهازل يندى لها الجبين بسبب ضياع اللغة في المدارس والشوارع وفي وسائل الإعلام، وهذا كله جزء من حالة الضياع العام وغياب الهوية الذي نعانيه منذ عقود كثيرة.