هل تلغي مصر الكتاب المدرسي خلال عامين؟

13 ديسمبر 2017
الطلبة وأولياء الأمور غير مستعدين لإلغاء الكتاب المدرسي(Getty)
+ الخط -
جاءت تصريحات وزير التربية والتعليم المصري، طارق شوقي، عن نية الوزارة إلغاء الكتاب المدرسي خلال عامين صادمة للجميع، وأثارت جدلاً واسعاً بين الخبراء وأولياء الأمور، ووصفها الكثيرون بأنها قرارات هوجاء لا تخضع للدراسة، ولا تناسب الواقع التعليمي المصري المحمل بالمشكلات المزمنة، وأنها جزء من خطة للتخلص من مجانية ونفقات التعليم.

 

الكتاب الرقمي
وفي هذا الاتجاه أكد مدير صندوق دعم المشروعات التعليمية محمد عمر، أن الوزارة بالفعل تتخذ خطوات متلاحقة في طريق إلغاء الكتاب الورقي، وإحلال الكتاب الإلكتروني مكانه، وتعمل حالياً على توصيل خدمات الإنترنت لكافة المدارس الثانوية، تنفيذاً لقرار الوزير بخفض تكاليف طباعة الكتب الورقية وربط مناهج الصفوف الثانوية الثلاثة ببنك المعرفة المصري. وقد بدأت الوزارة ربط مناهج العلوم والرياضيات للصفوف الثلاثة بالبنك، ووضع روابط بديلة عن أجزاء من محتوى المنهج، وأخرى كروابط  توضيحية باستخدام برنامج "or codes".

وأضاف أن الاطلاع على الروابط يحتاج لهواتف ذكية smart  phone وبرنامج scan or code reader وأن قرار الوزارة بالاستغناء عن الكتاب الورقي، والتوجه نحو التكنولوجيا، هو مواكبة للتطور العالمي وللتعليم الحديث، ولكنه يحتاج لبناء قاعدة تكنولوجية قوية داخل المدارس.


الطلبة وأولياء الأمور
تقول زينب سعد، والدة أحد الطلاب، أرفض هذه الفكرة تماماً فأنا والكثير مثلي لا نعرف أي شيء عن الكمبيوتر فكيف يمكننا المذاكرة لأولادنا بهذه الطريقة؟ وما الفائدة من إلغاء كتاب المدرسة سوى رغبة الحكومة في توفير نفقات الكتب المدرسية فقط لا غير؟ فالدولة لا تريد أن تنفق شيئاً على التعليم ولا غيره.

كما يقول علاء عوض "ارحمونا من تصريحات هذا الوزير والذي يشعرنا أنه وزير تعليم دولة أوروبية مدارسها على أعلى مستوى، وليس وزيراً لمدارس مقاعدها متهالكة والفصل يضم 70 طالباً، فهل درس جيداً فكرة إلغاء الكتاب المدرسي قبل أن يقرر إلغاءه خلال عامين".

في المقابل توافق سها هدية، ولي أمر، على إلغاء الكتاب المدرسي وتقول لماذا ندفع مصروفات الكتب المدرسية وفي نفس الوقت نعتمد بشكل كامل على الكتب الخارجية؟ وما الفائدة من ذهاب أولادنا للمدارس بينما التعليم الحقيقي والشرح لا يكون إلا في الدروس الخصوصية؟ وتضيف: ليس الكتاب المدرسي وحده هو الذي يحتاج للإلغاء بل المدرسة نفسها، والتي لا تمارس أي دور في التربية أو التعليم.

سيناريو مجهز
وفي السياق، يقول الخبير التربوي، حسن شحاته لـ"العربي الجديد"، أنه لا يمكننا إلغاء الكتاب المدرسي فنحن غير مؤهلين لذلك لعدم توافر قاعدة تكنولوجية فالمدارس لن يمكنها توفير كمبيوتر لكل طالب، وأغلب المعلمين غير مدربين على التدريس الإلكتروني، والكثير جداً من الطلبة وأولياء الأمور لا يجيدون التعامل مع أجهزة الكمبيوتر فكيف سيذاكرون دروسهم.


ويضيف "أخشى ما أخشاه أن يكون الإلغاء جزءاً من سيناريو يتم تنفيذه لإلغاء دعم الدولة بشكل تدريجي للتعليم، والذي تنفق عليه 80 مليار جنيه، يتم  إنفاقها على ما يقارب 50 ألف مدرسة ومليوناً ونصف مليون معلم وما يقارب 20 مليون طالب. وهذه الميزانية التي تتجه الحكومة لتقليصها هي قليلة جداً بالنسبة لما يحتاجه واقع التعليم المصري".

أما أحمد جابر، رئيس غرفة الطباعة باتحاد الصناعات، فيقول "الوزارة خفضت عدد صفحات الكتب المدرسية بنسبة 25%، فهناك بالفعل خطوات تتخذها الوزارة للاستغناء عن الكتاب المدرسي، وفي الحقيقة كان من الأفضل علاج عيوبه وطباعته".

ودعا وزير التربية للقيام بجولة في مدارس المحافظات والمناطق الريفية والعشوائية، ليرى بعينه حال هذه الأبنية وانقطاع الكهرباء فيها، وتردي مستواها ومستوى الخدمة التعليمية التي تُقدَّم بها، قبل الحديث عن الاعتماد على الكتاب الرقمي.

وأضاف "هذه المشكلات التي يتجاوز عمرها الثلاثين عاماً كيف سيحلها الوزير خلال عامين، وكيف سيوفر البيئة المناسبة لإلغاء الكتاب المدرسي خلال عامين كما يقول. وهل ستتمكن الوزارة من توفير الكمبيوتر لـ20 مليون تلميذ".


تفريغ التعليم
أما الخبير التربوي، كمال مغيث، الباحث بمركز البحوث التربوية، فيوضح أن هناك حالة من التفريغ للعملية التعليمية من الداخل، فالمدارس مجرد أبنية أغلبها لا تمارس التعليم ولا التربية بصورة حقيقية، والتدريس الحقيقي والجهد الحقيقي الذي يبذله المعلم هو الدروس الخصوصية والتي ينفق عليها أولياء الأمور مليارات الجنيهات. وكذلك تتجه الوزارة لإلغاء الكتاب المدرسي ليس من أجل الاعتماد على الكتاب الرقمي، وهو قرار لن يناسب طبيعة التعليم المتخلف، وإنما الهدف الحقيقي من ذلك أن توفر الدولة 2 مليار جنيه تنفقها على طباعتها. بالإضافة لهدف آخر وهو الاعتماد الكلي من قبل الطلبة والمعلمين على الكتب الخارجية، مما سينعش سوق الكتب الخارجية ويثري الأباطرة فيها أكثر وأكثر ولا عزاء للتعليم المجاني.



من جهتها، تؤيد ماجدة نصر، عضوة لجنة التعليم بمجلس الشعب، هذا القرار وتراه خطوة إيجابية وتوجهاً نحو التكنولوجيا، وتطالب بالتدرج فيه وعدم التسرع حتى نتمكن من توفير متطلبات تلك الخطوة وما تستلزمه من توفير أجهزة كمبيوتر وإنترنت في المدارس، وتدريب للطلبة والمعلمين، من خلال دورات تدريبية على ذلك. وتختم "لهذا نتوقع أن يحتاج القرار أكثر من عامين، ليتم تطبيقه بشكل كامل".

المساهمون