النظام يشدد الخناق على الطلاب... والمعارضة توفر البدائل

09 نوفمبر 2016
النظام يستغل ورقة امتحان الشهادة الثانوية في المدن المحاصرة(Getty)
+ الخط -
معظم المدارس في المناطق المحاصرة من قبل النظام السوري، لاتزال تابعة للنظام ولو شكلياً، ما يجعل الطلاب وخاصةً طلاب الشهادتين العامة والثانوية يعانون من صعوبات وعقبات مختلفة تعترض طريقهم في سعيهم للحصول على الشهادة وإكمال تحصيلهم العلمي، تتجلى في كثير من المناطق بالتضييق الذي يفرضه النظام على الطلاب بمنع خروجهم لتقديم الامتحانات في مراكزه الامتحانية الواقعة خارج مناطق الحصار، متجاهلاً بذلك جهد وعناء مئات الطلاب وساعات دراستهم الطويلة مدة عام كامل للحصول على الشهادة.

محمود الشامي طالب ثانوية عامة أدبية من مدينة مضايا المحاصرة في ريف دمشق، حرم في العام السابق من الخروج من المدينة لتقديم امتحان الشهادة الثانوية في العاصمة دمشق إثر منع النظام له ولزملائه للخروج من الحي، يقول لـ العربي الجديد:" بذلت جهداً كبيراً طيلة عام كامل وأنا أدرس لوحدي، فمدارس الحي تدرس الفروع العلمية فقط، وعندما حان وقت تقديم الامتحان لم يسمح لنا النظام بالخروج من الحي وذهبت جهودي هباءً". ويضيف:" لم تعد لدي الرغبة للحصول على الشهادة فحتى الذين حصلوا عليها لم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعات لكونها في مناطق النظام، وكذلك الطلبة الجامعيون في المدينة انقطعوا عن الدراسة ولم يتمكنوا من إكمال دراستهم الجامعية".

الشهادة مقابل الأمان
إن الحصول على الشهادة في المدارس التابعة للنظام يتطلب من الطلاب الخروج من مناطقهم لتقديم الامتحانات في المراكز الامتحانية التابعة له، الأمر الذي دفع بالكثير من الطلاب للتخلي عن رغبتهم في الدراسة والحصول على الشهادة خوفاً من الاعتقال أو التعرض للملاحقة من قبل قوات النظام لسحبهم للخدمة العسكرية الإلزامية.

رياض السعدي، طالب جامعي من مدينة مضايا درس في كلية الحقوق في جامعة دمشق، يقول لـ العربي الجديد: "كنت على وشك التخرج عندما حاول النظام اعتقالي كوني من عائلة ثورية معظم أفرادها منضمون للجيش الحر، فضلت أن أتخلى عن شهادتي مقابل أن أبقى بأمان بعيداُ عن أيدي قوات النظام. ولكننا اليوم بأمس الحاجة لذوي الشهادات والكفاءات العلمية في مناطقنا، ولذلك لا بد أن نبذل الكثير من الجهد لتعويض الكفاءات التي فقدناها".

ويضيف السعدي: "أجرينا عدة محاولات لافتتاح مراكز تابعة للجامعة الافتراضية في مدينتنا، تساعد الطلاب في إكمال تحصيلهم الجامعي دون المخاطرة بخروجهم خارج المدينة، وقد نجحت العديد من المناطق المحاصرة بافتتاح مدارس ومراكز افتراضية ومعاهد متوسطة تابعة للحكومة المؤقتة وبعيدة عن سيطرة النظام، ونأمل أن يحدث ذلك في مضايا قريباً".

شهادات تابعة للائتلاف

نجحت بعض المناطق المحاصرة في التخلص من سيطرة النظام وتأثيره على نظامها التعليمي وعلى مصير الطلاب فيها، وذلك من خلال إنشاء مدارس ومراكز تعليمية تتبع للحكومة السورية المؤقتة، يتم فيها تغطية كافة مستلزمات الطلاب وتدريسهم وفق أحدث المناهج وبإشراف نخبة من الأساتذة المختصين. وكانت هذه المدارس بمثابة حل جذري للكثير من الطلاب المنقطعين عن الدراسة نتيجة لظروف الحصار وخوفاً من سيطرة النظام.

هاني الشيخ مدير المعاهد المتوسطة التابعة للحكومة المؤقتة في حي الوعر الحمصي، يقول لـ "العربي الجديد": إن المشاكل التي أدت لانهيار المنظومة التعليمية في الحي سابقاً، والمشاكل التي عانى منها الطلاب المحاصرون في المدارس التابعة للنظام، دفعت بنا للتفكير بحلول جذرية تساعد الطلاب على تغيير واقعهم والتخلص من سيطرة النظام. وتم وفقاً لخطة مدروسة افتتاح مدارس تابعة للحكومة المؤقتة في الحي، تدرس كافة المواد وتغطي كافة المراحل العمرية وتتميز بكادر تدريسي متخصص".

ويضيف المصدر السابق: "بذلنا الكثير من الجهد وكانت النتيجة جيدة جداً، فالعملية التعليمية تسير اليوم في الطريق الصحيح. استطاعت مدارسنا تغطية كامل أبناء الحي، وبدأنا في العام الماضي بإجراء امتحانات لطلاب الشهادتين في مراكز امتحانيه تابعة لنا، مكنتهم من الحصول على الشهادة العامة والثانوية التابعة للحكومة المؤقتة دون الاضطرار للخروج خارج الحي والحصول على شهادة النظام، وتؤهلهم كذلك، للالتحاق بالمعاهد المتوسطة التي أنشئت في الحي منتصف العام الماضي، أو الالتحاق بجامعة رشد الافتراضية التي تؤمن لهم تدريساً جامعياً عن طريق الإنترنت، دون الاضطرار للمخاطرة بحياتهم يومياً والخروج إلى مناطق النظام".

المعاهد المتوسطة

ويؤكد الشيخ أن المعاهد المتوسطة المتواجدة في حي الوعر، تم إنشاؤها وفقاً لاحتياجات ومتطلبات أبناء الحي، لتشمل المعهد التقاني الطبي والمعهد التقاني للحاسوب ومعهد إدارة الأعمال إضافة لمعهد إعداد المدرسين بقسميه معلم الصف واللغة العربية.

حيث قامت الجهات المعنية السابقة بإجراء استبيان في حي الوعر قبيل افتتاح المعاهد المتوسطة، وذلك لفئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و22 عاماً والذين وصل عددهم إلى 900 شاب، وقسموا وفقاً لنتائج الاستبيان إلى ثلاث فئات: قسم غير حاصل على الشهادة الثانوية وكانت نسبتهم 41%، وقسم حاصل على الشهادة الثانوية ومنقطع عن الدراسة وصلت نسبتهم إلى 32%، في حين بلغت نسبة الأشخاص الحاصلين على الشهادة الثانوية والذين يدرسون في المعاهد والجامعات التابعة للنظام 27%.

لؤي صالح طالب جامعي درس في كلية الاقتصاد في جامعة البعث سابقاً ومنقطع عن الدراسة منذ ثلاث سنوات، يقول:" ظروف الحرب والحصار دفعتني لترك دراستي الجامعية، واليوم أنا أدرس في المعهد التقني للحاسوب، وعلى الرغم من أنه اختصاص جديد يختلف عن اختصاصي السابق إلا أنني أشعر بأنني محظوظ فقد أتيحت لي الفرصة للعودة إلى مقاعد الدراسة في وقت حرم فيه الكثيرون من إكمال تحصيلهم العلمي ومتابعة دراستهم".

جامعة رشد الافتراضية
ومن جهة أخرى، فإن الجامعات الافتراضية كجامعة رشد وغيرها، اعتبرت خياراً بديلاً مناسباً للطلاب الذين لا يرغبون بالالتحاق بالمعاهد المتوسطة ويريدون الحصول على دراسة أكاديمية بعيدة عن جامعات النظام، وسمحت لهم بإكمال تحصيلهم العلمي من خلال الدراسة عن بعد بواسطة الإنترنت، وعلى الرغم من أن الجامعات الافتراضية لا تغطي جميع الاختصاصات كالفروع الطبية والهندسات وغيرها، ولكنها لاقت استحساناً وقبولاً كبيراً من طلاب الحي الذين سارعوا للتسجيل فيها والبدء بدراستهم الجامعية كل حسب الفرع الذي تم قبوله فيه.



المساهمون