مأساة السوريين القادمين من تركيا تتعمق لعدم وجود معبر في "شرق الفرات"

17 فبراير 2023
كثيرون اختاروا العودة إلى سورية ضمن الإجازة التي منحتها تركيا (كريس ماكغراث/Getty)
+ الخط -

تقطّعت السبل بعدد كبير من السوريين الذين دخلوا إلى بلادهم من معبر "تل أبيض" الحدودي مستفيدين من الإجازة التي منحتها الحكومة التركية لحاملي بطاقة الحماية المؤقتة (كيملك)، والحاصلين على الجنسية التركية، بعد وقوع الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي فجر السادس من الشهر الجاري.

وقال أحمد الإبراهيم، الذي دخل مع عائلته من مدينة أورفة التركية إلى بلدة تل أبيض قبل يومين، إنّ "السبل تقطّعت بنا بسبب عدم وجود معبر نظامي بين مناطق سيطرة الجيش الوطني (المعارض) وقوات سورية الديمقراطية (قسد)".

وأضاف الإبراهيم، في حديث مع "العربي الجديد": "هناك طرق للتهريب بين المنطقتين ولكنها باهظة التكاليف، المهربون يطلبون منا 150 دولاراً أميركياً مقابل كل عائلة تريد الذهاب من تل أبيض إلى محافظة الرقة، أو إلى محافظة الحسكة، وهذا مبلغ كبير لا تستطيع أغلب العائلات دفعه". 

ودخل آلاف السوريين الحاملين لبطاقة "الحماية المؤقتة" عبر معبر تل أبيض الحدودي، منذ أن أقرت الحكومة التركية منح السوريين إجازات طويلة للدخول إلى بلادهم، بعد أيام من الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي فجر السادس من فبراير/ شباط الجاري، وأدى إلى مقتل عشرات الآلاف من السوريين والأتراك.

وقال فايز القاطع، مدير معبر تل أبيض، لـ"العربي الجديد": "دخل إلى سورية منذ إقرار الإجازة من قبل الجانب التركي وحتى يوم الخميس 1060 ممن يحملون الجنسية التركية و5070 من الحاملين لهوية الحماية المؤقتة".

وأشار القاطع إلى أن القادمين من الأراضي التركية إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني في منطقة شرقي نهر الفرات "يعانون من عدم وجود معابر مع مناطق سيطرة قوات "قسد"". وأوضح أن إدارة معبر تل أبيض أقامت مراكز إقامة مؤقتة داخل حرم المعبر لاستقبال أي عائلة أو شخص لا يملك مكاناً للإقامة في المنطقة، فيما قوات "قسد" حتى اللحظة ترفض فتح الطرق أمام الراغبين بالذهاب إلى مناطق سيطرتها.

مواطن: هناك طرق للتهريب بين المنطقتين ولكنها باهظة التكاليف، المهربون يطلبون منا 150 دولاراً أميركياً مقابل كل عائلة تريد الذهاب من تل أبيض إلى محافظة الرقة، أو إلى محافظة الحسكة

وفي السياق، ذكرت مصادر محلية لـ "العربي الجديد"، أن هناك محاولات "من قبل وجهاء لفتح معبر نظامي بين منطقتي الجيش الوطني و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، للسماح للقادمين من تركيا بالوصول إلى قراهم وبلداتهم".

ويقطن في الجنوب التركي، وخاصة في مدينة أورفة، عدد كبير من اللاجئين السوريين القادمين من محافظات الرقة ودير الزور والحسكة.

ويسيطر الجيش الوطني المعارض على منطقتي تل أبيض في ريف الرقة الشمالي ورأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي في الشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يُعرف بـ "شرقي الفرات"، منذ أواخر عام 2019، بينما تسيطر قوات "قسد" على جلّ الحسكة ومناطق واسعة من الرقة ودير الزور.

ولم يفتح الجانبان أي معبر نظامي بين المنطقتين، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام عمليات تهريب البشر مقابل مبالغ كبيرة.  

ويقول يقول المواطن سعدون. ع: "كنت أستعد للدخول إلى سورية بعد أن صدر القرار بمنح السوريين إجازة طويلة، ولكن عدم وجود معبر نظامي منعني عن ذلك"، مضيفاً، في حديث مع "العربي الجديد": "أعيش في أورفة منذ نحو 8 سنوات وأريد الوصول إلى أهلي في مدينة الرقة، الزلزال أوقف عملي، وأعيش الآن ظروفاً صعبة، والدخول إلى سورية حيث أهلي يخفف المعاناة التي أعيشها مع عائلتي".

وأشار إلى أن عدداً كبيراً من السوريين الذين ذهبوا إلى سورية "ربما لن يعودوا"، مضيفاً: "أوضاع السوريين تدهورت في الآونة الأخيرة، وجاء الزلزال فزاد من معاناتنا".

وعاد سعدون إلى بيته الكائن في منطقة شعبية على أطراف أورفة، لكنه لا يستطيع أن يخفي خوفه، فـ"ما زلت خائفاً، عشنا تجربة مريرة، كان الأطفال أكبر المتضررين نفسيا منها".

وبيّن المتحدث ذاته أن هناك جمعيات تركية وسورية تقدم مساعدات للسوريين المتضررين في أورفة، إلا أن عددا من العائلات التي تضررت بيوتها أو خائفة من الزلزال مازالت تقيم في الخيام المنتشرة في الأماكن العامة داخل المدينة.

من جانبه، يبدي المواطن أبو فواز أسفه لأن السوري "بات غريبا في بلاده"، مضيفا: "أنا ابن ريف الرقة الغربي ولا يمكنني الذهاب إلى قريتي التي لا تبعد سوى نصف ساعة بالسيارة عن تل أبيض. هذا واقع مؤسف".  

المساهمون