سوريون عالقون في مطار قرب الخرطوم منذ أيام يناشدون إجلاءهم

30 ابريل 2023
سوريون يفترشون الأرض في القاعدة العسكرية الجوية في وادي سيدنا (العربي الجديد)
+ الخط -

لا يزال عدد من السوريين عالقين في السودان الذي يشهد اشتباكات دائرة ومستمرة بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع"، في ظل أوضاع إنسانية صعبة، وفيما لا حلول جاهزة حتى الساعة لإجلائهم لا سيما من العاصمة الخرطوم، ومطار الصافات العسكري بمنطقة وادي سيدنا، تبقى الوعود المتواترة القشة التي يتمسّكون بها للخلاص.

وتلقى "العربي الجديد" مناشدة من عدد من السوريين الذين وصلوا إلى القاعدة العسكرية الجوية في وادي سيدنا (تبعد حوالي 22 كيلومتراً عن الخرطوم)، ولم يتم إجلاؤهم تحت ذرائع عدة.

عالقون في المطار 

وقال إياد القدور، وهو لاجئ سوري من محافظة حماة، يعيش في الخرطوم منذ ستة أعوام، إنهم لم يجدوا حلاً سوى التوجه إلى المطار على أمل إجلائهم كبقية رعايا الدول.

وعن سبب اختياره المطار، أوضح أنّ الطريق إلى الحدود المصرية يحتاج قطع أكثر من 1200 كيلومتر، فيما يبلغ الطريق إلى ميناء بورتسودان حوالى 820 كيلومتر براً، وهذا بحسب القدور "شاق ومتعب علاوة عن التكلفة المالية الباهظة في ظل الاستغلال". 

وأضاف القدور، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ تكلفة الطريق إلى الحدود المصرية أو ميناء بورتسودان باتت تصل إلى حوالي 500 دولار على الشخص الواحد، "فيما لم يعد لدينا سيولة في ظل الأزمة وتعاظم النفقات، ولا سبيل إلى المصارف بسبب إغلاقها". 

ويسرد القدور رحلته إلى المطار في محاولة لإجلائه هو وعائلته، قائلاً: "انطلقنا إلى المطار كأقرب نقطة ممكن أن تؤمن الإجلاء، ووصلنا وكنا حوالى 32 سورياً بالإضافة إلى عائلة فلسطينية، منذ الإثنين الماضي".

وأضاف: "لم يمانع المسؤولون عن المطار في إدخالنا واستقبلونا بحفاوة، لكن عمليات إجلائنا من هنا لا تزال تعترضها الكثير من العوائق". 

يعلل القدور ذلك بالقول إنه في اليوم الأول لوصولهم لم تكن هناك عمليات إجلاء، لكن اليوم الثاني شهد إجلاء حوالي 900 مواطن مصري من قبل سلطات بلادهم، ثم توالت عمليات الإجلاء للمصريين على مدار ثلاثة أيام بمعدل 6 طائرات في اليوم.

وأردف: "في اليوم الثالث للإجلاء وبعد وعود من القنصل المصري في السودان الذي تواصلنا معه عند التوجه إلى المطار للمساعدة في إجلائنا، تم إرجاعنا من باب الطائرة من قبل قائدها لكوننا لا نتمتع بالجنسية المصرية".

وأضاف: "قائد الطائرة نقل لنا أنّ التعليمات لديهم بأنهم مكلفون بإجلاء المصريين فقط، المصري المتزوج من أجنبية، أو العكس". 

ولم تتوقف محاولات السوريين عند الجانب المصري، إذ يؤكد القدور: "توجهنا إلى الطيران الذي يعود لدول من الاتحاد الأوروبي وكندا، إذ وصلت إلى المطار طائرات إجلاء تتبع لتلك الدول، إلا أنهم اشترطوا امتلاك تأشيرة دخول لأي دولة أوروبية، أو أن يكون الشخص الطالب للإجلاء لديه جنسية أوروبية". 

كذلك تم إبلاغ السوريين، بحسب القدور، بأنّ الطيران الخليجي (من دول مجلس التعاون الخليجي) بالإضافة إلى الطيران الأردني لديهم صلاحيات بإجلاء السوريين من السودان، لكن لم يصل إلى المطار أي طيران خليجي ولا أردني طيلة فترة تواجدهم هناك، وهم بانتظار أي طائرة تتبع لتلك الدول لإجلائهم، كون عددهم ليس بالكثير في المطار. 

أوضاع مأساوية

وعن أوضاعهم الحالية ضمن المطار والقاعدة الجوية العسكرية، يصف القدورالوضع بـ"المأساوي"، في ظل وجود الكثير من النساء والأطفال.

وأوضح بالقول: "والدي ووالدتي كانا عندي في زيارة، وهما متقدمان في السن بالإضافة إلى زوجتي وطفلتي، ومنذ ستة أيام نفترش الأرض بين الأشجار هرباً من حرارة الطقس التي تصل إلى حوالي 45 درجة مئوية". 

وأضاف: "وزاد الوضع سوءاً عندما علمنا أنّ الاشتباكات تقترب من المطار، لذلك لم يعد بإمكاننا التراجع والعودة إلى حيث جئنا بسبب صعوبة الأمر وعدم اليقين بأنّ الطرق آمنة".

وبحسب القدور فقد ناشدوا الأمم المتحدة والخارجية المصرية وبعض الدول إلا أنهم لم يتلقوا أي استجابة.

ولفت بحسرة إلى "أن الطيران الأوروبي عندما يجلي مواطنيه تخرج الطائرة حاملة 20 إلى 30 شخصاً فيما هناك الكثير من المقاعد فارغة، لكن يرفضون إجلاءنا عندما يعرفون أننا سوريون".

أوضاع "صعبة جداً" في الخرطوم

مأساة القدوة تتشابه مع مأساة أبو موسى، وهو لاجئ سوري مقيم في الخرطوم، وهو عالق مع أكثر من 700 سوري في العاصمة ومحيطها، ولا تمكنهم ظروفهم والوضع الأمني الصعب من الإجلاء.

وأكد كذلك أبو موسى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ تكلفة العبور إلى الحدود المصرية أو ميناء بورتسودان باهظة، إذ تبلغ قرابة 600 دولار للشخص.

وأوضح: "أنا معي 10 أشخاص، وزوجتي حامل وعلى وشك الولادة، وبحسبة بسيطة أحتاج 6 آلاف دولار لبلوغ الحدود أو الميناء فقط، دون التأكد من إمكانية العبور إلى مصر، أو ركوب البواخر في الميناء إلى السعودية". 

ويتحدث أبو موسى عن أوضاع السوريين العالقين في السودان، واصفاً إياها بأنها "صعبة جداً"، في ظل انقطاع الأعمال مع الاشتباكات وعدم توفر المال، بالإضافة إلى نقص في المؤن والمواد الغذائية وحليب الأطفال.

وساعدت المملكة العربية السعودية والجزائر والأردن، على إجلاء عدد من السوريين من السودان، فيما لا يزال الكثير منهم عالقين.

وقضى حوالي 15 سورياً حتى الآن منذ اندلاع الاشتباكات في منتصف إبريل/ نيسان في السودان.

المساهمون