"المنظمة السورية للطوارئ" تشرح كيفية كسر حصار مخيّم الركبان لـ"العربي الجديد"

25 يونيو 2023
"المنظمة السورية للطوارئ" نجحت في البدء بإمداد مخيّم الركبان بالمساعدات (العربي الجديد)
+ الخط -

نجحت عملية "الواحة السورية" التي نفّذتها "المنظمة السورية للطوارئ" بالتعاون مع الجيش الأميركي ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في كسر الحصار عن مخيّم الركبان وإدخال المساعدات إليه، في وقت يعاني فيه سكان المخيّم من نقص في المؤن وندرة في الاستجابة لاحتياجاتهم، وذلك في منطقة صحراوية قاحلة تقع ضمن ما يُعرف بمنطقة "55 كم" بريف حمص الشرقي، عند المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسورية. وتضمّ المنطقة قاعدة التنف العسكرية التي يشغلها جنود من الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى من ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش".

وشملت المساعدات مواد لوجستية، من قبيل معدّات للريّ وأخرى مثل البذور الزراعية، الأمر الذي يعني أنّ المنظمة التي خطّطت للعملية ونفّذتها تسعى لإمداد المخيّم لوجستياً، في محاولة لدفعه إلى تأمين اكتفاء ذاتي. كذلك شملت المساعدات مستلزمات للتعليم.

وحول تفاصيل هذه العملية ومستقبل إمداد المخيّم بالمساعدات والطريقة التي تمكّنت من خلالها المنظمة من إيصال المساعدات بعد أن عجزت منظمات عدّة عن ذلك، وكذلك الأمم المتحدة، يتحدّث المدير التنفيذي لـ"المنظمة السورية للطوارئ" معاذ مصطفى لـ"العربي الجديد"، ويقول إنّه "منذ عام 2014، لم نوفّر جهداً لمحاولة توفير الإمدادات للمخيّم، بالتواصل مع الجهات الدولية والأميركية هنا في واشنطن، من وزارة الخارجية والكونغرس وأيّ جهة قادرة على المساعدة، إنّما من دون جدوى. لكنّ تواصلاً تمّ أخيراً مع وزارة الدفاع الأميركية، بما أنّ المخيّم يقع بالقرب من قاعدة للجيش الأميركي". ويشرح أنّه بالتالي "تواصلنا مع القاعدة العسكرية وحصلنا على بعض النصائح، وكذلك برنامج دينتون للمساعدات الإنسانية في وزارة الدفاع الأميركية. وكان تنسيق لمدّة عامَين مع القاعدة العسكرية من أجل التهيئة لاستخدام الطائرات والآليات لنقل الإمدادات إلى المخيّم، وهذا الأمر يحصل للمرّة الأولى في سورية".

الصورة
المنظمة السورية للطوارئ وكسر حصار مخيم الركبان 2 (العربي الجديد)
تسعى "المنظمة السورية للطوارئ" إلى دفع مخيّم الركبان إلى تأمين اكتفاء ذاتي (العربي الجديد)

ويلفت مصطفى إلى أنّ خيار "سورية" في الموقع الخاص بتقديم الطلبات في إطار برنامج دينتون لم يكن متاحاً، وقد اضطروا إلى التواصل مع مصمّم الموقع لإضافة خانة "سورية" في هذا السياق. يضيف أنّهم في المنظمة، "بصفتها منظمة أميركية بطبيعة الحال، بات لديهم الحقّ في استخدام الطائرات وآليات النقل العسكرية المتاحة لتوصيل المساعدات إلى مخيّم الركبان. وهكذا، على دفعتَين، تمّ إيصال المساعدات من حبوب القمح وغيره مع تجهيزات زراعية خاصة بالريّ، إلى جانب سبّورات لتجهيز مدرسة للأطفال".

يبيّن مصطفى أنّ "لدينا خطة لإمداد المخيّم بالمواد الغذائية والصحية وحليب الأطفال بالإضافة إلى متابعة المشاريع الزراعية، بالتنسيق مع الجهات المدنية فيه وفريق نتعامل معه على الأرض"، شارحاً أنّ "العمل سيستمرّ من دون سقف زمني، ما لم تطرأ أيّ ظروف معرقلة. ونحن سنشتري المواد من أموال المتبرّعين وندخلها إلى المخيّم بالتنسيق مع الجيش الأميركي، من دون أن يتحمّل الأخير أيّ تكاليف".

وقد وصلت المساعدات التي قدّمتها "المنظمة السورية للطوارئ" من أموال المتبرّعين الأميركيين وغيرهم إلى قاعدة "عين الأسد" الجوية في العراق، قبل أن تُنقَل إلى قاعدة "التنف" في طائرات تتوجّه بصورة اعتيادية إلى هناك، من ضمن ما تستطيع حمله، قبل أنّ يسلّمها الجيش الأميركي للمخيّم. كذلك نسّقت المنظمة مع "جيش سوريا الحرة"، فهذا الفصيل السوري المعارض المكلّف الحماية الميدانية في محيط قاعدة التنف العسكرية أفادها بأبرز احتياجات المخيّم، بحسب ما يؤكد مصطفى.

ولا يخفي مصطفى أنّه وسط إغلاق الحدود من قبل العراق والأردن، وكذلك حصار المخيّم من قبل النظام السوري وروسيا، حاولت المنظمة شراء بعض المستلزمات الطبية من دمشق وإرسالها إلى المخيم من طريق التهريب. ويشير في هذا الإطار إلى أنّ القسم الطبي في قاعدة "التنف" كان يقدّم مساعدة للحالات الطبية، ولا سيّما الولادات، من منطلق إنساني، لكنّ أيّ آلية واضحة وصريحة لإدخال مساعدات لم تكن متوافرة قبل أن تعمل المنظمة على ذلك.

يُذكر أنّ الأمم المتحدة كانت تلاقي صعوبة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المخيّم، وذلك بعد موافقة النظام السوري وروسيا وبمراقبتهما ومتابعتهما، الأمر الذي جعل الوضع في المخيّم كارثياً، ولا سيّما مع انتشار الأمراض ونقص الغذاء والدواء في منطقة صحراوية قاحلة صيفها وشتاؤها في غاية الصعوبة على السكان.

ويؤكد مصطفى أنّ مخيّم الركبان باتت له نافذة خاصة للتبرّع، وستذهب كلّ التبرّعات إلى سكانه بطريقة مباشرة وكاملة، لكنّ الواقع الصحي يبقى سيئاً فيه لجهة رفده بالخدمات الصحية والكوادر الطبية. ويكمل: "لدينا الآن خطة لإدخال كادر متخصّص من أطباء وممرّضين، ونحن نعمل على ذلك بكلّ طاقتنا. كذلك نعمل على إدخال كوادر تعليمية إليه إلى جانب تأهيل نظام تعليمي خاص بالمخيّم".

الصورة
المنظمة السورية للطوارئ وكسر حصار مخيم الركبان 3 (العربي الجديد)
استُخدمت الطائرات في نقل الإمدادات إلى مخيّم الركبان المحاصر (العربي الجديد)

تجدر الإشارة إلى أن لا بيانات دقيقة حول تعداد سكان المخيّم، لكنّ أرقاماً غير مؤكدة تشير إلى أنّ عدد هؤلاء يراوح ما بين ثلاثة آلاف وثمانية آلاف شخص فرّوا بمعظمهم من معارك مختلفة وهجمات على مدنهم وقراهم في تدمر وبلدة القريتَين القريبة، بالإضافة إلى بعض من أهل حمص ومحيطها.

وتُعَدّ "المنظمة السورية للطوارئ" منظمة أميركية غير ربحية مقرّها واشنطن، تنشط في المجال السياسي، وقد عُرفت بأنّها من بين أبرز جماعات الضغط السورية في الولايات المتحدة الأميركية. وهي ساهمت في إصدار قانون "قيصر" للعقوبات على النظام السوري، وفي استقدام شهود على جرائم النظام السوري إلى الكونغرس. وهي تقوم بدورها من ضمن تحالف كبير من المنظمات هو "التحالف الأميركي لأجل سوريا".

المساهمون