وضعت حرب غزة أوزارها، وخمدت أصوات المدافع، لكن آثارها لا تزال ماثلة تشوه جنبات غرفة نوم الطفلة شروق المصري ابنة التاسعة وشقيقتها رزان؛ 4 سنوات.
يغطي غبار المباني التي دمرت ألعاب الفتاتين، أما سقف الغرفة فمقوس وملتوٍ، والشقوق في الجدران تتقاطع مع الرسوم الكرتونية التي تزينها.
نجت الفتاتان في الصباح الباكر من الغارة الجوية التي دمّرت مبنى مجاوراً في 19 مايو/ أيار، قبل يومين من وقف إطلاق النار الذي أنهى الحرب. لكن أهوال هذه الحرب وما صاحبها من دمار ستظل تقض مضاجع هاتين الفتاتين ردحاً من الزمن، حالهما حال العديد من الأطفال في غزة.
الحرب التي استمرت 11 يوماً هي الرابعة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحماس. وشهدت موجات من الغارات الجوية الإسرائيلية قبل الفجر وإطلاق رشقات صاروخية من القطاع. وأدت الحرب إلى سقوط أكثر من 250 قتيلاً، معظمهم من الفلسطينيين.
كانت تكلفة الحرب فادحة على أطفال غزة. فقد قُتل ما لا يقل عن 66 طفلاً فلسطينياً، ولم يداعب النوم جفون أعداد لا تحصى من أبناء القطاع في الليل بسبب الانفجارات.
في مخيم المغازي للاجئين جنوب قطاع غزة، مزقت غارة جوية سقف غرفة النوم التي كان يتقاسمها الطفل أنس الحاج أحمد البالغ من العمر 4 سنوات مع أخته، لتتناثر قطع الزجاج في الأرضية.
كانت هذه هي الحرب الأولى في حياته القصيرة، لكن معظم سكان غزة يتذكرون بوضوح الحروب الأخرى - بما في ذلك الحرب الأكثر تدميراً، في عام 2014، والتي استمرت عدة أسابيع. حتى المراهقون يمكنهم الإشارة إلى المنازل التي دمرت في جولات القتال السابقة.
كان محمود المصري، 14 عامًا، يتشارك غرفته مع أشقائه الستة. وفي الساعة 3 صباحًا، خرجت عائلته من المبنى بعد أن حذرها جيش الاحتلال بضرورة الإخلاء. لم يعتقد أنه سيفعل ذلك. في صباح اليوم التالي، كان مترددًا في العودة.
ويقول لـ"أسوشيتد برس": "كنت أخشى أن نُقتل بطائرة مسيرة في هجوم آخر بعد عودتنا".
يواجه الناجون المزيد من المصاعب في محاولة إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، حيث تفرض إسرائيل ومصر حصاراً خانقاً على غزة منذ استيلاء حماس على السلطة عام 2007. وتصل نسبة البطالة فيها إلى حوالي 50%.
تزعم إسرائيل بأن الإغلاق ضرورة لمنع حماس من إعادة التسلح، بينما يرى الفلسطينيون والجماعات الحقوقية أنه شكل من أشكال العقاب الجماعي.
في كلتا الحالتين، سيمر وقت طويل قبل أن يعود الأطفال الذين تحطمت غرف نومهم إلى مكان يبدو وكأنه منزل.