احتفالات نهاية العام الدراسي في الحسكة السورية: فرحة تقاوم مصاعب الحياة

10 يونيو 2023
تكريم الأطفال الموهوبين ومنحهم مساحة من الفرح في الحسكة (العربي الجديد)
+ الخط -

شارك أطفال سوريون مع عائلاتهم في احتفالية فنية ترفيهية بمناسبة انتهاء العام الدراسي، أمس الجمعة، بمدينة الحسكة شمال شرقي سورية، تضمنت مسابقات فنية في فنون الرسم والغناء والعزف والرقص وإلقاء الشعر، والعديد من المسابقات والأنشطة الأخرى، جرى خلالها تكريم الأطفال الموهوبين، ومنحهم مساحة من الفرح والجوائز، بهدف تشجيعهم ودعمهم نفسياً.

تقول سلمى أم ميار (45 سنة) التي حضرت مع زوجها وأطفالها، لـ"العربي الجديد": "لدي ثلاثة أطفال أتينا اليوم لنشارك في الاحتفالية التي أجدها مبادرة قيّمة تعزز المثل الإيجابية لدى الأطفال، وتخلق في ذاكرتهم محطة وبصمة جميلة، من خلال المشاركة في المسابقات العديدة من الغناء والرسم والرقص وغيرها والتي تساعد وتشكّل حافزاً إضافياً لتنمية مواهبهم".

وتضيف أم ميار "لدي طفل سوف يشارك في مسابقة الغناء، وابنتي سوف تشارك في مسابقة الرسم، وهذا يشكل دعماً نفسياً ويخلق لديهم ولدينا مساحة من الفرح ويترك أثراً طيباً في الذاكرة، فمنذ عشر سنوات وأطفالنا لم يشعروا بهذه السعادة والرغبة بالمشاركة، نتيجة الحرب والتوترات الأمنية والظروف المعيشية والحياتية اليومية الصعبة، من عدم توفر الكهرباء أو الخدمات الأساسية عموماً في المنطقة".

وأشادت بتشجيع كل مكونات المنطقة من أكراد وعرب وسريان على المشاركة، قائلة: "لا شك أنّ هذه المبادرة تشكّل دافعاً لأطفالنا ولدعم مواهبهم، نطالب المنظمات الدولية والمحلية المعنية بشؤون الأطفال وجمعيات حقوق الطفل التي تنشط في المنطقة بدعم مواهب أطفالنا وتشجيعهم، خاصة في محافظة الحسكة، نظراً لسوء الأوضاع المعيشية، وكذلك أن يقدموا الدعم للجهات الأهلية التي تقوم بهذه المبادرات".

عماد سليمان الأحمد، أحد المنظمين للاحتفالية، قال لـ"العربي الجديد": "قبل فترة قصيرة، قرابة الأسبوع، بدأنا التفكير بفعالية ما من أجل الأطفال الذين سوف ينهون عامهم الدراسي، ونعلم أن بلدنا يمر بظروف صعبة جداً من الناحية الاقتصادية والعلمية، وخاصة انعكاسات ذلك على حالة الأطفال في هذه الظروف، وتشكلت لدي ولدى بقية المنظمين، وهم أصدقاء، رغبة في أن ننفذ المبادرة لاستقبال مواهب أطفال الحسكة وتنميتها".

وأضاف الأحمد "الفكرة لاقت صدى جيداً رغم أنّ فترة الإعلان عن المبادرة كانت قصيرة"، مشيراً إلى أنّ المبادرة "سمحت لنا أن نلتقي بأشخاص متعطشين للفرح وإظهار مواهب أطفالهم". وأوضح أنّ المبادرة "أهلية وبتكاليف شخصية مدتها يومان، اليوم الأول كان لاختبار مستوى الطفل بحضور لجان مختصة في هذا المجال، واليوم الثاني لتوزيع الجوائز وتكريم الأطفال".

ووفقاً للأحمد "شارك في المبادرة 17 طفلاً في مجال الغناء والرقص والتلاوة القرآنية وفي مجال الشعر والقصيدة، وجميع الأطفال فازوا بالنهاية لأننا لم نرغب أن نستثني أي طفل، رغم أننا تحملنا تكلفة إضافية، من حجز الصالة وتكاليف اللجنة والتصوير والجوائز".

تابع "نطالب بتنمية المواهب، وتقديم كل الدعم للأطفال أبناء الحسكة/ريف الحسكة الجنوبي والمحافظة كاملة، وأن تمتد أيضاً هذه المبادرة إلى محافظات أخرى كالرقة ودير الزور. الطفل هو الأكثر ضرراً في هذه الظروف وهو الأساس لبناء مجتمع سوي. الفكرة كانت بإجراء التغيير، وأن نبقى بجانب أطفالنا حرصاً منا عليهم وتنمية لمواهبهم". 

وبيّن الأحمد أنّ "انتشار المخدرات والحشيش بين الأطفال أصبح أمراً مخيفاً، إضافة إلى بعض السلوكيات المنحرفة، وهذه الفكرة أتت ردّ على هذه الظروف، ومحاولة لزرع ابتسامة على وجه أطفالنا، أو تقديم شهادة قد تزرع الثقة بنفس الطفل، ليبتعد عن هذه الأفكار القاتلة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

أما التربوي عبد الله الحسن فقال لـ"العربي الجديد": "عندما يحقق الطفل أي نجاح علمي أو يتعلق بالموهبة فهو بحاجة إلى التشجيع والتحفيز. وإهداء الطفل شهادات التقدير أو مكافآت مادية أو تكريم... تشعره بقيمة نجاحه وتميزه، وتصبح هذه الشهادات أو هذا الدعم المقدم له دافعاً للأيام المقبلة، ويخلق روح التنافس بينه وبين رفاقه، ومن جهة أخرى فالطفل بهذه الطريقة يتعلم أسلوب الثواب والعقاب مقابل أي عمل يقوم به، كما تكون هذه الشهادات أو الهدايا عبارة عن نقل مشاعر الحب والفخر للطفل من قبل المحيطين به، وتبقى هذه الشهادات ذكرى جيدة له ونموذجاً لنجاحه في الطفولة". 

وختم الحسن "من الضروري أن تقوم المؤسسات أو الأفراد أو العائلة مجتمعة أو الأب أو الأم والإخوة الكبار، بالاهتمام بالأطفال الموهوبين والمتميزين وتحفيزهم على الاستمرار، من خلال تقديم شهادات الشكر والتقدير، فهي أحد الأمور التحفيزية المعنوية لدى الطفل، وتعزز ثقته بنفسه، وتكون بمثابة دافع لبذل مزيد من الجهد لمتابعة النجاح والتفوق". 

المساهمون