النظام السوري يمدد السماح بإدخال المساعدات عبر معبرين

08 اغسطس 2023
تجمع احتجاجي سابق في إدلب للاحتجاج على منع المساعدات الإنسانية (عز الدين قاسم/ الأناضول)
+ الخط -

قالت الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، إن النظام السوري أبلغها بموافقته على تمديد إذن تقديم المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلامة والراعي الحدوديين مع تركيا، شمال محافظة حلب، شمال سورية، حتى تاريخ 13 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري 2023، فيما لا يزال معبر "باب الهوى" مغلقاً منذ يوليو/ تموز الماضي.

وأكد نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، لـ"العربي الجديد" في نيويورك، أنّ النظام السوري جدّد اتفاقه مع الأمم المتحدة لإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلام والراعي لثلاثة أشهر إضافية، أي حتى الـ 13 من نوفمبر/ تشرين الثاني، والتي كان من المفترض أن تنتهي مدته في الـ 13 من الشهر الحالي. وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

وشرح حق رداً على استفسارات إضافية لـ "العربي الجديد" حول ما إذا كان تقديم المساعدات العابرة للحدود لشمال سورية عبر باب السلام والراعي ما زال غير مشروط بما يتماشى مع المعايير الدولية للعمل الإنساني التي تتبعها الأمم المتحدة قائلاً: "نعم التجديد يأتي تحت الظروف السابقة".

وبحسب تلك المعايير، فإن الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة تقدم المساعدات الإنسانية للمدنيين وبحسب الاحتياجات ودون شروط، ويشمل هذا التعامل مع الجهات الفاعلة على الأرض في تلك المناطق لتسهيل وصولها، حتى لو كانت تلك الجهات منظمات معارضة أو غير معترف بها دولياً.

من جهتها، أكدت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إيري كانيكو، أنّ "سورية مدّدت السماح بتسليم مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية عبر معبرين حدوديين تركيين حتى 13 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وفق وكالة "رويترز".

وعبّرت كانيكو عن ترحيبها قائلة: "نرحب ترحيباً حاراً بتمديد الحكومة السورية السماح باستخدام معبري باب السلام والراعي حتى 13 نوفمبر/ تشرين الثاني".

ولا يزال معبر "باب الهوى" الحدودي مع تركيا، شمال محافظة إدلب، مغلقاً تماماً أمام مساعدات الأمم المتحدة، وذلك منذ العاشر من يوليو/ تموز الماضي، بعد انتهاء التفويض الأممي الصادر عن مجلس الأمن الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية وفق القرار 2672 /2023.

وكان النظام السوري قد أعلن بعد الزلزال الذي ضرب شمال سورية، في فبراير/ شباط الماضي، عن سماحه بدخول المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، بما فيها إلى مناطق خارجة عن سيطرته، عبر معبري باب السلام والراعي لثلاثة أشهر قابلة للتمديد. وجاء ذلك بالإضافة إلى تقديم مساعدات عابرة للحدود عبر معبر باب الهوى، الذي كانت الأمم المتحدة تقدم المساعدات من خلاله بموجب قرار لمجلس الأمن انتهت فترة العمل به في الحادي عشر من الشهر الماضي.

ولم يتمكن مجلس الأمن من التجديد لتقديم المساعدات عبر باب الهوى، بسبب استخدام روسيا الفيتو ضد مشروع القرار. وكانت الأمم المتحدة قد أكدت في أكثر من مناسبة أن تقديم المساعدات عبر معبري الراعي والسلام لا يمكن أن يعوض عن تقديمها عبر باب الهوى لأسباب كثيرة من بينها لوجستية.

وفي العادة تحتاج الأمم المتحدة لإدخال مساعدات عابرة للحدود (لأي مكان) لموافقة السلطات الرسمية لذلك البلد، حتى إن لم تكن جميع المناطق تحت سيطرتها. وفي حال لم توافق تلك السلطات، وهو ما حدث في الحالة السورية منذ عام 2013، فتحتاج الأمم المتحدة لتفويض من مجلس الأمن.

وقدمت الأمم المتحدة المساعدات العابرة للحدود منذ عام 2013 بموجب تفويض من مجلس الأمن، كان يتم التجديد له كل سنة أو ستة أشهر، لأن النظام لم يوافق آنذاك على دخول المساعدات العابرة للحدود لشمال سورية.

وبعد فشل المجلس بالتجديد لتقديم المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى في يوليو/ تموز الماضي، أعلن النظام السوري عن موافقته بأن تقدم الأمم المتحدة المساعدات العابرة للحدود كذلك عبر باب الهوى. إلا أن النظام اشترط في إعلانه ألا تتعامل الأمم المتحدة مع أطراف المعارضة التي تسيطر على مناطق مختلفة من سورية، كما اشترط أن تشرف منظمات تابعة له على تقديمها.

واعترضت الأمم المتحدة على ذلك الإعلان المشروط لتقديم المساعدات العابرة للحدود عبر باب الهوى والذي لا يتماشى مع المبادئ التي تعمل بموجبها. وتجرى مفاوضات بينها وبين النظام منذ ذلك الحين لرفع تلك الشروط. وفي هذا السياق أكد حق على تحقيق تقدم من أجل تقديم المساعدات العابرة للحدود عبر باب الهوى، مشدداً في الوقت ذاته على استمرار وجود عقبات إضافية يجب تذليلها أولاً قبل أن تتمكن الأمم المتحدة من استئناف عملياتها هناك.

وقال فرحان حق: "لقد ردت الحكومة السورية على رسالة منسق الشؤون الإنسانية مارتن غريفيث حول تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر باب الهوى ونحن على أهبة الاستعداد للعودة وتقديمها، بالإضافة إلى الاستمرار في تقديمها عبر الراعي والسلام كما ذكرت". وأضاف: "في الوقت الحالي لا يمكننا التأكيد على مقدرتنا استخدام باب الهوى، ولكن تلقينا رداً على رسالتنا السابقة حول الموضوع، وما زالت هناك بعض الأمور العالقة ونأمل بتخطيها والعودة لتقديم المساعدات...".

غير أن فرحان حق رفض التعليق على حيثيات تلك الرسالة، معتبراً أنه تم إحراز تقدم في المحادثات دون أن يشير إلى تفاصيله.

وحول ما إذا قامت أي منظمات دولية غير مرتبطة بالأمم المتحدة، بتقديم المساعدات عبر باب الهوى، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: "لا يمكنني الحديث باسم منظمات غير أممية أو تلك التي لا تعمل تحت مظلتنا، ولكن عموماً تلك المنظمات حرة في التحرك خارج المعايير التي تعمل تحتها الأمم المتحدة وأنا فقط أتحدث عما يتم تقديمه من مساعدات تحت مظلة الأمم المتحدة".

وبحسب فريق "منسقو استجابة سورية"، فإن عدد الشاحنات الإغاثية الواردة عبر خطوط التماس منذ بداية القرار هو 10 شاحنات ضمن دفعة واحدة خلال مدة القرار بالكامل، مؤكدةً أن عدد الشاحنات الإغاثية الواردة عبر الحدود بلغت منذ بداية القرار 4,342 شاحنة منها 602 شاحنة من معبري باب السلامة والراعي وفق الاستثناء المعمول به، مُشيراً إلى أن نسبة المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس تشكل 0.23% من إجمالي المساعدات في حين تبلغ نسبتها عبر الحدود 99.76%، بحسب المعطيات الحالية بعد انتهاء القرار ودخول آخر قافلة مساعدات والتي تألفت من 79 شاحنة من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في العاشر من يوليو/ تموز الماضي.

ولفت محمد حلاج، مسؤول الفريق، إلى أنّ 34 شاحنة مساعدات تابعة لمنظمة الأمم المتحدة دخلت اليوم الثلاثاء، من معبر "باب السلامة" بريف حلب الشمالي، شمال سورية، بعد انقطاع دام 4 أيام، وأن عدد الشاحنات الأُممية التي دخلت من معبري الراعي وباب السلامة منذ انتهاء التفويض بلغ 118 شاحنة، 3 منها فقط من معبر الراعي.

من جانبها، أكدت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن الدولي، ليندا توماس غرينفيلد، اليوم الثلاثاء، خلال جلسة لمجلس الأمن، أن "العالم شهد كيف مات مئات الأشخاص معظمهم من الأطفال بجرائم النظام الكيميائية في الغوطة الشرقية" موضحةً أن "النظام لم يخطط قط للامتثال لاتفاقات حظر الأسلحة الكيميائية"، مُشيرةً إلى أن "النظام عطل وأعاق كثيراً من أعمال منظمة حظر الأسلحة الكيميائية"، لافتةً إلى أنه "سنواصل الضغط حتى تتمكن منظمة حظر الأسلحة من القيام بالمطلوب منها"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن لمجلس الأمن أن يسمح للنظام وحلفائه أن يفروا من هذه الجرائم بحق السوريين".

بدورها، أفادت المندوبة الفرنسية ناتالي برود هيرست بأن "استخدام النظام للأسلحة الكيميائية بحق السوريين يعد جريمة حرب لا يجب السكوت عنها"، مشددةً على أن "النظام لم يحترم القانون الدولي ويواصل سياسة الكذب والتضليل".

وكانت منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) قد أكدت في بيانٍ لها الثلاثاء الماضي أن توقف إدخال المساعدات الإنسانية من معبر "باب الهوى" الحدودي مع تركيا، شمال محافظة إدلب، شمال غرب سورية، يشكل تهديداً كبيراً وفقداناً للكثير من المقومات الداعمة لصمود المجتمعات الهشة والضعيفة بعد 12 عاماً من الحرب، فضلاً عن كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سورية في السادس من فبراير/ شباط العام الجاري.

ولفتت حينها إلى أن أي رضوخ أممي لشروط النظام والسماح له بالتحكم بالمساعدات، وهو الذي لديه تاريخ حافل باستغلال المساعدات وتسييس توزيعها والتلاعب بها ستكون آثاره كارثية، وتشكل انعطافاً خطيراً بمسار العمل الإنساني، مُشيرةً، إلى أن ذلك يجعل المساعدات الإنسانية رهينة الابتزاز السياسي.

المساهمون