"أسطورة" خطف العرائس في القوقاز

25 ديسمبر 2017
زواج من دون خطف (بريندان هوفمان/ فرانس برس)
+ الخط -
تسعى جمهوريات شمال القوقاز الروسي إلى وضع حد لظاهرة خطف العرائس التي ما زالت تثير جدالاً واسعاً بين من يعتبرها تقليداً جميلاً أو عادة همجيّة. ولمّا كانت سلطات جمهورية الشيشان قد أعلنت أخيراً عن إلغاء هذا التقليد بشكل شبه كامل، تنتشر أخبار عن تكرار الأمر في مختلف جمهوريات شمال القوقاز. 

ورغم أنّ خبراء في شؤون القوقاز يؤكدون خطف عرائس بين الحين والآخر في الجمهوريات ذات الغالبية المسلمة، مثل الشيشان وداغستان وإنغوشيا، إلا أنهم يقرون في الوقت نفسه بتراجع نسبتها خلال السنوات الماضية. ويشير الباحث في ثقافة القوقاز، علي أسكيروف، إلى تراجع انتشار ظاهرة خطف العرائس، في ظل توجه جمهوريات شمال القوقاز نحو الإسلام، وتعزيز مكانة الإسلام الذي يحظر الزواج القسري.

ويقول أسكيروف لـ"العربي الجديد": "الأسطورة الرئيسية حول خطف العرائس هي أنها تقليد له أصول إسلامية، ولكن كلمة الخطف لم ترد في القرآن أو في السنة النبوية، بل يتعارض الأمر مع الشريعة الإسلامية التي تحظر الزواج بالإكراه". يضيف: "لنسمي الأمور بمسمياتها، وبعيداً عن الرومانسية، فإن خطف العرائس هو الزواج القسري".

وحول دوافع الشبان لخطف العرائس رغم تعارض ذلك مع تعاليم دينهم، يقول أسكيروف: "في بعض الأحيان، يريد الشاب الزواج من الفتاة، لكن عائلتها ترفض. وفي أحيان أخرى، هي التي ترفض. وما زال في استطاعة الوالدين في القوقاز التأثير على خيار الشاب حتى الآن. وهذا يجرح كبرياء الشاب، فيصبح خطفها مسألة شرف. وفي أحيان كثيرة، يساعده أصدقاؤه في ذلك".



وإلى التداعيات المترتبة على الخطف بحسب التقاليد القوقازية، يقول: "بعد خطف الفتاة، يأتي بها الشاب إلى منزله وينتظر الليل. بحسب التقاليد، يمكن للفتاة الزواج من خاطفها في حال قضت ليلة في منزله، حتى لو لم يقيما علاقة جنسية. وفي حال لم تتزوج منه، على الأرجح لن يقبل رجل آخر بالزواج منها". وحول التأثير السلبي للخطف على نفسية الفتاة ومجتمع القوقاز، يقول إنه "غالباً ما تستخدم القوة البدنية أثناء الخطف، ما يدفع الفتاة إلى الرفض. كما أنها قد تعيش توتراً نفسياً يجعلها تعاني من خوف كبير، وقد لا تغفر لخاطفها أبداً رغم وجود بعض الاستثناءات. وفي أحيان كثيرة، قد يخلق الخطف فتنة بين العائلات ويؤدي إلى إراقة الدماء، في ظل انتشار الأسلحة النارية في القوقاز".

مع ذلك، يشير الباحث في قضايا القوقاز إلى أن هناك ثلاث حالات قد يكون فيها خطف العروس مبرراً، منها وجود علاقة حب بين الشاب والفتاة واعتراض عائلتيهما، والخطف "التقني" الذي يعفي الشاب من دفع المهر في حال لم تكن الظروف المادية لعائلته تسمح بذلك. أما الثالث، فهو "اضطراري". وبحسب تقاليد القوقاز، لا يجوز أن تتزوج الابنة الأصغر إلا بعد زواج شقيقتها الكبرى. وفي هذه الحالة، يقدم الشاب على خطف الفتاة الصغرى حتى لا يطول انتظارهما. وبعد الخطف "الاضطراري"، يأتي العروسان إلى والد العروس طلباً للمغفرة، لكنّه يلعنهما ويطردهما. ويأتيان إليه مجدداً بعد إنجاب المولود الأول، فيغفر لهما.

وفي أحيان كثيرة، يتجاوز تقليد خطف العرائس حدود القوقاز، ويمتد الأمر إلى روسيا. من بين القصص المماثلة خطف شاب من أصول شيشانية حبيبته في مدينة سانت بطرسبورغ، العاصمة الشمالية الروسية، واعتدائه عليها بالضرب.

خلال الحقبة السوفييتيّة، كان القانون الجنائي يضم فصلاً خاصاً بـ"الجرائم الناجمة عن العادات المحلية القديمة"، ونصت مادته الـ233 على معاقبة خاطف العروس بالسجن لمدة تصل إلى عامين. وفي روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي، يندرج خطف العرائس ضمن المادة 126 من القانون الجنائي أي "خطف شخص"، ولكن المادة تعفي الخاطف من المساءلة الجنائية في حال أفرج عن أسيرته طوعاً ولم يرتكب أي جريمة أخرى بحقها.