العودة إلى "دورنا الطبيعي"?

28 نوفمبر 2014
من التظاهرات المطالبة بحقوق المرأة في لبنان (فرانس برس)
+ الخط -

حسمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. قال خلال مشاركته في قمة المرأة والعدالة الدولية في إسطنبول إن "الأمومة هي الدور الطبيعي للنساء، ويستحيل مساواة النساء بالرجال". هكذا، وببساطة، اختصر نظرة المجتمع "التسطيحية" للنساء. لم يتوقف عند هذا الحد. أشار إلى أن "المناديات بحقوق النساء لن يفهمن ذلك لأنهن يرفضن الأمومة، فما تحتاجه المرأة هو الاحترام الكامل أسوةً بالرجل وليس المساواة".

حضرة الرئيس،
أود أن ألفت انتباهك إلى بعض الحقائق كوني امرأة ونسوية وأما. لعل إدراكك للمساواة مختلف بعض الشيء. فألف باء المساواة يعني التساوي بالحقوق والفرص والمكانة بين النساء والرجال. لا تعني المساواة أن يصبح الرجل امرأة بالمعنى الحرفي للكلمة. يستوقفنا ما أشرت إليه عن حاجة النساء للاحترام. لكن ربما النساء هن الأقدر على التعبير عن احتياجاتهن، وعما لا يردنه؟ وإذا سلمنا جدلاً بأن الاحترام هو فعلاً حاجة النساء، فهل يمكن فرضه بالقانون؟ وما هي مؤشرات قياسه؟ وما هو عقاب عدم الاحترام؟

حضرة الرئيس،
النسوية ليست وسماً بل ممارسة يومية، أو عدسة ننظر من خلالها إلى العالم ونقيّم من خلالها تفاعلات المجتمع. الحركة النسوية ترصد اختيار النساء لأدوارهن وتبحث عن جذور وتقاطعات أشكال التمييز ضدهن وإقصائهن. وهذه مناسبة للتأكيد على أن النسوية كهوية لا تتعارض مع الأمومة كهوية. والدليل أن اتفاقية السيداو ــ عرّابة الحركة النسوية وشرعة حقوق النساء ــ هي الوحيدة التي كرست حقوق النساء بازدواجية أدوارهن المركبة، من خلال الاعتراف بمكانة النساء الأمهات وحقوقهن. والمفارقة أن تركيا التي وقعت على الاتفاقية منذ 29 عاماً، التزمت بما جاء فيها، علماً أنها تتصدى للقوانين والممارسات التمييزية التي تنظر إلى مساهمة النساء الأمهات في المجتمع والاقتصاد على أنها أقل شأناً.

حضرة الرئيس،
المجتمع الذي عبرت عنه لا يكل من تذكيرنا بأننا مقصّرات في "دورنا الطبيعي". له مدافعوه وأدواته. يفرزهم على شكل أطباء صحة أو أطباء نفسيين، وعلى شكل دراسات وأبحاث، أو مدارس واتجاهات تربوية. يجمع هؤلاء على أننا كنساء، يجب أن نعود إلى "مكاننا الطبيعي" كماكينات إنجاب، بحجة أن ذلك أفضل لصحتنا وصحة أطفالنا.
تبقى الأمومة شعورا لا يمكن سوى لمن اختبره أن يعبّر عنه. أستغرب كيف لك أن تعرفه؟ كذلك، تبقى ممارسته خيارا شخصيا شرط أن تنزعوا عنه صفة القدسية.
(ناشطة نسوية)
المساهمون