ويظهر هؤلاء قدراً كبيراً من الالتزام والديمقراطية بالمقارنة مع الفئات الأخرى، خصوصاً الشباب، متمسكين بممارسة واجبهم الدستوري وحقهم في تقرير مصيرهم.
ويتجمع كثيرون خارج مكاتب الاقتراع قبل ساعة أو أكثر من موعد فتح المكاتب، ويقفون في الصف في انتظار إشارة رئيس المكتب لفتح أبواب مراكز الاقتراع في المدارس الابتدائية في مختلف محافظات البلاد.
وسرعان ما يتحول طابور الانتظار إلى سيل بشري من العجائز الذين يتدافعون في مشهد جميل، بهدف الادلاء بأصواتهم. ولا يتراجع شغف كبار السن في تونس بالمشاركة في هذه المحطات التي يعتبرونها واجباً وطنياً مقدساً، حتى وإن تكرر الأمر في ثلاث مناسبات (الجولة الرئاسية الأولى التي جرت في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، وفي 6 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، واليوم).
وتداول تونسيّون صوراً ومقاطع فيديو لكبار السن في عدد من مكاتب الاقتراع لتختلف التعليقات. بدا بعضها طريفاً في وقت أعرب آخرون عن إعجابهم بهؤلاء، على أن يستفيد الشباب من هذا الوعي والحرص.
في المقابل، هذه الصور دفعت البعض إلى التنديد بعزوف الشباب عن المشاركة في التصويت، مشددين على أنه من الأولى أن يعمد الشبان إلى تقرير مصيرهم وتحديد مستقبلهم وعدم التنصل من المسؤولية وإلقائها على عاتق آبائهم وأجدادهم. ويقول المحلل السياسي عبد المنعم المؤدب لـ"العربي الجديد": "إقبال هذه الفئة العمرية على الانتخاب يرتبط بأسباب سياسية واجتماعية. كبار السن يتوقون إلى الممارسة الديمقراطية واختيار ممثليهم ورئيسهم بعد عقود من الاستبداد والحرمان من جراء تزوير الانتخابات من قبل النظام السابق، إذ كانت العملية الانتخابية صورية ونتائجها معلومة سلفاً.
هذه الفئة التي عانت ويلات الاستبداد تشعر أن الانتخابات فرصتها، ربما الأخيرة، لاختيار من تراه مناسباً للعمل العام، على عكس الشباب الذي يرى أن الوقت ما زال طويلاً أمامه، وستكون هناك فرص أخرى، إضافة إلى غياب الوعي الكافي خلال فترة حكم زين العابدين بن علي. يضيف أن إقبال كبار السن على الانتخاب يرتبط بنضج هذه الفئة واستقرارها، لافتاً إلى أنها لا تتأثر بالإشاعات ودعوات المقاطعة والانسحاب.
من جهة أخرى، نقل مدونون مقاطع فيديو عكست احتفال التونسيين بالانتخابات التي يعتبرونها عرساً ديمقراطياً، وذلك في مركز الانتخابات في محافظة القيروان. وأظهرت بعض النساء وهن يطلقن الزغاريد والدعوات من أجل تونس، متمنيات دوام الديمقراطية والعافية والسلامة للجيش والأمن، وذلك بعد مغادرتهن مراكز الاقتراع.