8 آلاف سوري في مخيم الركبان... نازحون منسيون وسط الصحراء

19 مايو 2024
8 آلاف نازح سورى حصيلة ما تبقى في مخيم الركبان (أرشيف/العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مخيم الركبان عند حدود سوريا، العراق، والأردن، أصبح مأوى للنازحين السوريين منذ 2014، بعدد تقلص من أكثر من 100 ألف إلى حوالي 8 آلاف نازح بسبب إغلاق الحدود.
- الحياة داخل المخيم صعبة، تعتمد على المساعدات والعمل مع القوات الأمريكية، وسط ظروف معيشية متدهورة وخوف من الاعتقال أو الخدمة العسكرية.
- بعض السكان يجدون طرقاً للهروب بحثاً عن حياة أفضل رغم المخاطر، مع شح الخدمات الطبية وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية.

في منطقة معزولة عند مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن، يكمن مخيم الركبان للنازحين والذي تم إنشاؤه في العام 2014، ملاذاً آمناً للسوريين الفارين من ويلات الحرب، غير أنّ المخيم الذي ضمّت جنباته أكثر من 100 ألف نازح خلال فترات ذروته، لم يتبق فيه سوى قرابة 8 آلاف نازح، حيث غادر عشرات الآلاف على مر السنوات، خاصة بعدما أغلق الأردن حدوده في العام 2016، وكذلك العراق، ليصبح المخيم سجناً على من فيه وسط الصحراء القاحلة.

8 سنوات قضاها خالد (50 عاماً) عالقاً في المخيم منسياً كغيره من النازحين، متذكراً فراره من المعارك وسط سورية والتي ظن أنه سيعود إلى بيته خلال بضعة أسابيع. يضيف عبر الهاتف متحفظاً عن ذكر شهرته لأسباب أمنية، "نحن محبوسون بين ثلاث دول: الأردن والعراق وسورية"، شارحاً "الأردن والعراق لن يسمحوا بدخولنا وفي سورية نحن مطلوبون"، مشيراً إلى تدهور الأوضاع المعيشية في المخيم  "تأكل بناتي الخبز المغمّس بالشاي. ينفد الأكل من المخيم".

إجلاء العائلات من مخيم الركبان.. سبيل للنجاة

أغلب العائلات تعيش على المساعدات المالية التي تصل إليهم عن طريق التهريب أو من رواتب نحو 500 رجل يعملون مع الأميركيين في قاعدة التنف مقابل نحو 400 دولار شهرياً، وفقاً لمحمّد درباس الخالدي الذي يترأس المجلس المحلي في المخيم، مضيفاً وهو أب لـ14 طفلاً، "لولا خوفي على نفسي وعلى أولادي، ما كنت لأبقى هنا في الصحراء"، موضحاً أنه مطلوب من الحكومة لانخراطه في تهريب عسكريين منشقين عن الجيش عند اندلاع الحرب في سورية عام 2011.

ويقول الخالدي إن السبيل الوحيد "لإنقاذ من تبقى منهم من الموت"، هو إجلاؤهم إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة في شمال غرب وشمال شرق سورية، مشيراً إلى أن العديد ممّن ذهبوا إلى مناطق تحت سيطرة النظام، انتهى بهم المطاف في السجون، لذا يخشى كثير من سكان المخيم تعرضهم في حال مغادرتهم للملاحقة من السلطات أو إرغامهم على الخدمة العسكرية.

من المخيم إلى لبنان

خرج محمّد (22 عاماً) بعدما تمكّن من جمع تبرعات، من المخيم  إلى مدينة حمص حيث خضع لعملية جراحية قبل عامين. وهرباً من الخدمة العسكرية، لجأ إلى لبنان حيث يعيش رغم الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه البلاد منذ خريف 2019 وتصاعد الخطاب المعادي للاجئين بين الحين والآخر. ويقول بحزم "أي مكان على وجه الأرض أفضل لي من العيش في الركبان"، حيث لا تزال والدته وشقيقاه، وهم غير قادرين على تحمّل كلفة مغادرة المخيم بمعية مهربين، ويخشون في الوقت ذاته من التوجه إلى مناطق سيطرة الحكومة. يضيف الشاب "يدرك أهلي أنهم لن يخرجوا، وأن مصيرهم على غرار مصير من بقي في الركبان. هم حتى لا يفكرون في الخروج"، متابعاً "المخيم أشبه بسجن، لا يمكن الخروج منه".

تضاؤل الخدمات الطبية

ويخاطر عدد من سكان المخيم بحياتهم من أجل تلقي العلاج خارجه، مع تضاؤل خدمات الرعاية الطبية فيه. ويقول بعضهم إن كلفة الوصول الى مستشفى عبر طرق التهريب تلامس 1600 دولار، بدون احتساب تكاليف العلاج.

ومع تشديد الإجراءات عند الحواجز الحكومية على الطرق المؤدية إلى مخيم الركبان تراجعت وتيرة التهريب، حيث لا يفد إلى المخيم إلا عشرات السوريين الذين يرحّلهم الأردن سنوياً بعد الإفراج عنهم، بحسب المجلس المحلي في الركبان والمرصد السوري لحقوق الإنسان. ووفق المجلس المحلي، وفد من الأردن نحو 24 سورياً منذ مطلع هذا العام، معظمهم لاجئون حوكموا بجرائم مختلفة بينها تهريب المخدرات أو تعاطيها.

ونفى مسؤول حكومي أردني أن تكون بلاده ترغم اللاجئين السوريين على العودة، قائلاً مفضلاً عدم الكشف عن هويته: "الأردن لم ولن يجبر أي لاجئ سوري على العودة إلى سورية"، مضيفاً "مسألة قاطني مخيم الركبان القريب من الحدود السورية الأردنية هي مسألة دولية وسورية، فهم سوريون والمخيم موجود على أرض سورية ومن ثم الأوجب هو مساعدتهم على العودة إلى مناطقهم في سورية".

ماذا تعرف عن مخيم الركبان؟

يقع مخيم الركبان عند مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن، ضمن منطقة أمنية بقطر 55 كيلومتراً أقامها التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة واشنطن، وأنشأ فيها قاعدة التنف حيث تنتشر قوات أميركية. ويؤوي المخيم حالياً نحو ثمانية آلاف شخص، وهو معزول تماماً عن المناطق المجاورة التي تسيطر عليها القوات الحكومية السورية. ونادراً ما تسمح دمشق بدخول المساعدات إليه، فيما أغلقت الدولتان المجاورتان، العراق والأردن، حدودهما المحاذية له.

أنشئ المخيم عام 2014 في خضم الحرب في سورية، وسهّلت الأمم المتحدة منذ العام 2019 عودة المئات إلى مناطقهم، بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري. وفي تقرير نشرته عقب إرسال آخر قافلة مساعدات إلى المخيم عام 2019، وصفت المنظمة الدولية الأوضاع فيه بـ"المزرية"، مع موقعه "في أرض محايدة وافتقاره إلى الخدمات". ومذ ذاك، لم تُرسل أي قافلة مساعدات الى الركبان.

ويعيش قاطنو المخيم حالياً في غرف طينية داخل المخيم. ويعتمدون في معيشتهم بالدرجة الأولى على مواد غذائية وحاجيات تهرّب بأسعار مرتفعة، كما يقول عدد منهم.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون