تفشي إيبولا يربك أفريقيا

11 اغسطس 2014
تشديد الإجراءات الصحية لمنع تفشي الإيبولا (GETTY)
+ الخط -

قال وزير الصحة النيجيري أونيبوشي شوكو، اليوم الإثنين إنه تأكد إصابة عشرة أشخاص بفيروس الإيبولا في مدينة لاجوس، مما يعد ارتفاعا من سبعة في تقديرات سابقة، وأضاف أن شخصين توفيا إلى الآن بينهما مواطن من ليبيريا نقل الفيروس معه إلى البلاد.

وذكر شوكو في مؤتمر صحافي أن جميع المصابين كانوا على اتصال مع باتريك سواير الذي سقط بعد وصوله إلى ميناء لاجوس يوم 25 يوليو/تموز وتوفي في وقت لاحق.

وأعلنت كوت ديفوار اليوم الإثنين تعليق كل رحلات شركتها الجوية من وإلى الدول التي يتفشى فيها وباء إيبولا، ومنع كل الشركات من نقل ركاب من هذه البلدان إلى أبيدجان.

وقالت الحكومة في بيان إنها قررت تعليق رحلات شركة طيران كوت ديفوار من وإلى الدول التي يتفشى فيها المرض. كما قررت منع شركات الطيران الأخرى من نقل ركاب قادمين من الدول التي سجلت فيها إصابات بالحمى النزفية الناتجة عن إيبولا إلى البلاد.

وكثفت دول غرب أفريقيا في نهاية الأسبوع جهودها لاحتواء وباء إيبولا الذي تسبب في نحو ألف حالة وفاة خلال ثمانية أشهر، مع الأمل في إمكانية استخدام مضاد حيوي قيد الاختبار أو لقاح في طور الإعداد.

ومنذ تفشي فيروس إيبولا وإغلاق العديد من المرافق الطبية الرئيسية، أصبح العديد من الليبيريين أطباء أنفسهم، فقد أقبلوا على شراء الأدوية لأنفسهم ولأسرهم في المنزل دون استشارة الأطباء.

وفي حديث من داخل صيدلية بوسط مونروفيا، قالت سو دويه، وهي أم لستة أطفال "جئت لشراء أموكسيسيلين، (مضاد حيوي من فصيلة البنسلين لمعالجة العدوى البكتيرية) وأملاح معالجة الجفاف عن طريق الفم، لعائلتي".

وأوضحت "نحن جميعا ندرك أن المستشفيات مغلقة، لذلك علينا أن نأخذ الاحتياطات بأنفسنا".

وكان العديد من المستشفيات الكبرى قد أغلقت أبوابها أمام الجمهور، وكرست جل انتباهها إلى الحالات المتعلقة بفيروس إيبولا، وليس من الواضح متى ستستأنف المستشفيات الكبرى في البلاد نشاطها بشكل كامل.

ولكن حتى المراكز الصحية الصغيرة التي ظلت أبوابها مفتوحة للجمهور إلى حد كبير، قد أصبحت مهجورة من قبل الناس الذين يخشون أن يتم احتجازهم في الحجر الصحي كحالات يشتبه في إصابتها بفيروس إيبولا، إذا ما ظهرت عليهم أعراض بسيطة مثل الإسهال، والنزيف، والملاريا، والهزال.

وكانت ليبيريا أعلنت 294 حالة يشتبه في إصابتها بفيروس إيبولا، وأكدت وقوع وفيات حتى 8 أغسطس/آب الحالي، فيما يجري الإبلاغ عن العديد من الحالات المشتبه فيها بشكل يومي.

وعلى الرغم من إدراكها المخاطر المتعلقة بشراء الأدوية دون استشارة الأطباء، لا تزال "دويه" تعتقد أن هذا هو أفضل سبل النجاة في الوقت الراهن، وحثت بني وطنها على فعل الشيء نفسه.

وفي الوقت الراهن، تزايد الطلب على ثلاثة عقاقير رئيسية في الصيدليات المحلية بشكل يومي، وهي "أملاح معالجة الجفاف عن طريق الفم"، و"فلاجيل"، الذي يعالج الالتهابات البكتيرية، وأموكسيسيلين.

وفي المقابل، يعرب الأطباء عن خشيتهم من تعرض الكثير من الليبيريين للإصابة بمضاعفات طبية خطيرة إثر تناول الدواء من دون استشارة الأطباء. وقال الطبيب "ويلهيلمينا جالا"، مدير "الأمل من أجل النساء الدولي"، وهو مستشفى كبير يقدم الخدمات للنساء في جميع أنحاء ليبيريا "على الرغم من أن وضع فيروس إيبولا في البلاد يسبب لنا الذعر جميعا، يمثل استهلاك الأدوية دون مشورة الطبيب تهديدا للحياة بصرف النظر عن الفيروس".

من جانبه، نصح وزير الإعلام، لويس براون، المواطنين بألا يتولوا زمام الأمور بأيديهم، ومضى قائلا "في هذا الوقت من العام، عادة ما يكون لدينا نسبة عالية من الحالات المبلغ عنها بأمراض التيفوس والملاريا والإسهال، وكلها تشترك مع أعراض فيروس إيبولا".

وكانت رئيسة ليبيريا، إلين جونسون سيرليف، قد أعلنت الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة تسعين يوما إثر تفشي إيبولا، وأمرت بالإغلاق الفوري لجميع المدارس، من بين عدة تدابير أخرى لاحتواء انتشار المرض.

كما أمرت "سيرليف" أيضا بإعطاء إجازة إجبارية لمدة ثلاثين يوما لجميع الموظفين غير الأساسيين في الوزارات والوكالات الحكومية، ودعت إلى إغلاق جميع الأسواق عبر الحدود مع سيراليون وغينيا حتى إشعار آخر.

ويعد فيروس "إيبولا" من الفيروسات الخطيرة والقاتلة، إذ تصل نسبة الوفيات من بين المصابين به إلى تسعين في المائة، وذلك نتيجة لنزيف الدم المتواصل من جميع فتحات الجسم، خلال الفترة الأولى من العدوى بالفيروس، كما أنه وباء معدٍ ينتقل عبر الاتصال المباشر مع المصابين من البشر، أو الحيوانات عن طريق الدم، أو سوائل الجسم، وإفرازاته، الأمر الذي يتطلب ضرورة عزل المرضى، والكشف عليهم، من خلال أجهزة متخصصة، لرصد أي علامات لهذا الوباء الخطير.

وحتى الآن لا يوجد أي علاج أو لقاح واقٍ ضد فيروس "إيبولا"، هذا بالإضافة إلى أن المرضى المصابين بهذا الفيروس يحتاجون إلى عناية مركزة، ولا يمكن السيطرة على تفشي العدوى إلا من خلال استخدام التدابير الوقائية الموصى بها طبياً.

وفي رواندا تم ليلة الأحد، عزل مريض يحمل أعراض الإصابة بفيروس إيبولا في "مستشفى الملك فيصل" بالعاصمة كيغالي، في انتظار تأكيد إصابته بالمرض من قبل الدوائر المختصة، خلال الساعات المقبلة، وفقا لمصدر طبي رواندي.

واشتبه، أمس الأحد بمدينة أوديني الواقعة على بعد 857 كم من أبيدجان، في إصابة شخص بفيروس إيبولا، حيث بدا أنّ المريض، وهو غيني الجنسية، "حامل لأعراض المرض"، وفقا لمصدر إداري محلي فضل عدم الكشف عن هويته.

السلطات الغينية لم تدرك، من جانبها، خطورة الوضع الصحي الذي يتهدّد سكانها جراء فيروس إيبولا، إلا في أعقاب اجتماع طارئ لبلدان اتحاد نهر "مانو"، والذي انعقد في كوناكري، وإثر القمة الأفرو-أميركية، والمنتظمة في أوائل شهر أغسطس/آب الحالي في واشنطن. صحوة شبه مفاجئة، جعلت الحكومة تتجه نحو عزل المناطق الحدودية بواسطة قوات الأمن، قبل أن تقوم بإرسال مجموعات هامة من معدات الوقاية ومكافحة الفيروسات إلى المناطق الأكثر تضررا في البلاد.

جملة من التدابير الرامية إلى تطويق انتشار الوباء، غير أنها تبقى محتشمة إلى حدّ ما، كما أنها لم تفلح في منع بعض البلدان من وضع غينيا على لائحة "الحجر الصحي"، على غرار المملكة العربية السعودية، والتي حجرت الحج هذه السنة على المواطنين الغينيين، خشية انتشار فيروس إيبولا.

وخلال القمة الأفرو-أميركية، المنعقدة في الخامس والسادس من أغسطس/آب الحالي في واشنطن، دعا الرئيس السنغالي "ماكي سال" إلى تعبئة المجتمع العالمي للتغلب على الحمى النزفية. ووفقا لـ "سال"، فإنّ إيبولا ليست "مرضا أفريقيا"، وإنما هو فيروس مدمّر يهدّد البشرية جمعاء.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد أودى فيروس الإيبولا بحياة 932 شخصا منذ بداية العام، من أصل أكثر من ألف و700 حالة مشتبه في إصابتها. وتعتبر كلّ من سيراليون وليبيريا وغينيا البلدان الأكثر تضرّرا من هذا الوباء.

المساهمون