تنطلق فعاليات "مؤتمر التغيّر المناخي وحقوق الإنسان" التي تنظّمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، يوم الثلاثاء المقبل في 21 فبراير/ شباط الجاري، بالتعاون والتنسيق مع عدد من الشركاء الاستراتيجيين، أبرزهم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجامعة الدول العربية والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
ويشارك في المؤتمر الذي يستمرّ لمدّة يومَين نحو 600 خبير وأكاديمي وصانع قرار وقانوني وممثل لوزراء البيئة إلى جانب منظمات دولية ومراكز للبحوث والدراسات.
وقال نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان محمد سيف الكواري في مؤتمر صحافي عقده للإعلان عن المؤتمر وبرنامجه، اليوم الإثنين، إنّ من أهدافه التأكيد على أهمية العمل المناخي القائم على حقوق الإنسان، وتسليط الضوء على الممارسات الجديدة في مجال الحفاظ على البيئة والتصدّي للتغيّر المناخي، ووضع توصيات لتعزيز التعاون في مجال الحفاظ على البيئة، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأوضح الكواري أنّ التغيّر المناخي الذي يشهده كوكب الأرض يعود إلى النشاط البشري الذي يدفع في اتّجاه ارتفاع نسبة غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، لافتاً إلى أنّ التغيّر المناخي تسبّب في كوارث بيئية عديدة من قبيل الفيضانات والأعاصير والرياح الشديدة والتصحّر والجفاف، فضلاً عن ذوبان الجليد الذي قد تؤدّي مخاطره إلى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى 40 - 60 سنتيمتراً في المتوسّط في عام 2050، وهو أمر سوف يؤدّي إلى غرق بعض الجزر خصوصاً في المحيط الهادئ.
وأضاف الكواري أنّ الحاجة صارت ماسّة في مواجهة هذه الكوارث، للمطالبة بالحقوق الأساسية للإنسان، ومن أهمّها الحقّ في الحياة والحقّ في الغذاء والحقّ في السكن والحقّ في العمل والحقّ في الصحة والحقّ في التعليم وغيرها. ودعا المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان بالعالم إلى المطالبة بحقوق هذا الإنسان الذي تأثّر بالتغيّر المناخي وصار من دون مأوى أو غذاء أو سكن أو تعليم أو غيرها، إمّا بسبب الفيضانات أو الأعاصير أو التسونامي من جهة، وإمّا بسبب الجفاف والتصحّر من جهة أخرى.
ولفت الكواري إلى جهود دول تصدّت للتغيّر المناخي، من بينها قطر، التي صنّفت ذلك أولية قصوى لها. وقد أطلقت استراتيجية للبيئة والتغيّر المناخي في شهر أكتوبر/ تشرين الأوّل من عام 2021 بمحاور خمسة هي: تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 25 في المائة في مقابل الوضع الاعتيادي بحلول عام 2030، وتعزيز معايير جودة الهواء المحيط، وتحديث الحدّ الأقصى (من الانبعاثات) بحلول عام 2030، وتعزيز الجهود للحفاظ على التنوّع البيولوجي، والمراقبة الدورية والفعّالة لكلّ مصادر المياه، وتعزيز البنية التحتية للإدارة المستدامة للنفايات، وتشجيع زيادة الاستخدام الدائري للمواد في دولة قطر، وتعزيز إمكانيات الأراضي في دولة قطر على المدى الطويل.
كذلك تحدّث الكواري عن إطلاق قطر للطاقة استراتيجيّتها المحدّثة للاستدامة، وذلك لتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتطبيق تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، بهدف التقاط أكثر من 11 مليون طنّ سنوياً من ثاني أكسيد الكربون في دولة قطر بحلول عام 2035.
وأكّد الكواري أنّ هذه المبادرات سوف تساهم في تخفيض مزيد من كميات الكربون في منشآت الغاز الطبيعي المسال في قطر بنسبة 35 في المائة، وفي منشآت التنقيب والإنتاج بنسبة 25 في المائة على أقلّ تقدير (مقارنة بالأهداف السابقة المحدّدة بنسبتَي 25 في المائة و15في المائة على التوالي)، وهو ما يعزّز التزام قطر بتزويد غاز طبيعي أنظف بمسؤولية وعلى نطاق واسع لتسهيل الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون. كذلك سوف تواصل قطر للطاقة متابعة جهودها لتحقيق أهداف توليد أكثر من خمسة غيغاواط من الطاقة الشمسية، ووقف الحرق الروتيني للغاز، والحدّ من انبعاثات غاز الميثان المتسرّبة على طول سلسلة صناعة الغاز.
ومن بين جهود قطر للتصدّي إلى التغيّر المناخي زرع مليون شجرة في عام 2022، مع التخطيط لزرع 10 ملايين شجرة بحلول عام 2030، وإنشاء محطة الخرسعة للطاقة الشمسية التي سوف تساهم في تحقيق عملية تخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بما يقدّر بنحو مليون طنّ سنوياً. ومن المتوقّع أن تولّد المحطة نحو مليونَي ميغاواط من الطاقة في الساعة في خلال السنة الأولى، على أن ينتج هذا المشروع نسبة كهرباء تصل إلى 10 في المائة من ذروة الطلب على الكهرباء في البلاد.
وفي ردّه على أسئلة الصحافيين، شدّد الكواري على حرص اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر على ممارسة دورها في رصد ومراقبة تطبيق الاستراتيجية الخاصة بالبيئة والتغيّر المناخي التي أطلقتها الدولة، واستراتيجية "قطر للطاقة" المحدّثة للاستدامة، في إطار تأكيد جهود قطر في التصدّي للتغيّر المناخي وتقديم التوصيات والمقترحات التي تساهم في تعزيز حقوق الإنسان فيها.
وكان تقرير أصدرته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر قد رأى أنّ تغيّر المناخ ما زال يُعَدّ أحد أبرز المخاطر التي يواجهها سكان الأرض، إذ إنّه يأتي من ضمن أوّل خمسة مخاطر من بين العشرة الكبرى التي تواجه العالم في الفترة المقبلة. وشدّد التقرير نفسه على أنّ ثمّة حاجة إلى عمل جماعي منسّق قبل أن تصل المخاطر إلى نقطة اللاعودة. وفي حال لم يبدأ العالم في التعاون بشكل أكثر فعالية بشأن التخفيف من حدّة تغيّر المناخ والتكيّف معه، فسوف يؤدّي ذلك إلى استمرار الاحتباس الحراري والانهيار البيئي على مدى السنوات العشر المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أنّ العواصف وحرائق الغابات والأعاصير وموجات الجفاف الشديدة تسبّبت في خسائر تجاوزت 165 مليار دولار أميركي إلى جانب وفاة ما لا يقلّ عن 474 شخصاً في الولايات المتحدة الأميركية في عام 2022 الماضي. كذلك صُنّف صيف 2022 الأعلى حرارة على الإطلاق في أوروبا، مع درجات قياسية وموجات حرّ تسبّبت في جفاف وحرائق هائلة. وقد سجّلت الأنهر الجليدية في جبال الألب خسارة قياسية في كتلها الجليدية، في حين تخطّت الحرارة في بريطانيا 40 درجة مئوية للمرّة الأولى. وفي الإطار نفسه، اشتعلت الحرائق في القارة كلّها، من البرتغال وإسبانيا وفرنسا غرباً مروراً بإيطاليا واليونان وقبرص شرقاً وصولاً إلى سيبيريا. وقد أفادت منظمة الصحة العالمية بأنّ ما لا يقلّ عن 15 ألف وفاة في عام 2022 أتت مرتبطة مباشرة بموجات الحرّ في أوروبا.