دانت ست منظمات حقوقية مصرية قيام السلطات بشنق تسعة محكومين، في ساعة مبكرة من صباح أمس الأول، الاثنين، بعد محاكمة شابتها مخالفات جسيمة لقواعد المحاكمات العادلة، فضلاً عن تنفيذها في شهر رمضان، ومن دون إخطار أسر المحكومين أو محاميهم، أو السماح لهم بزيارة أخيرة وفق اشتراطات القانون المصري.
وبحسب عدد من وسائل الإعلام المصرية، فقد جرى تنفيذ أحكام الإعدام في سجن وادي النطرون بحق تسعة، من بين 20 متهمًا حكم عليهم بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميا بـ"اقتحام قسم كرداسة"، وهي الأحكام التي صدرت في يوليو/ تموز 2017 عن إحدى دوائر الإرهاب بمحكمة جنايات الجيزة، ثم أيدتها محكمة النقض في سبتمبر/ أيلول 2018.
وطالبت المنظمات الحقوقية، في بيان مشترك، بوقف أحكام الإعدام الجماعية التي تصطبغ بشبهة الانتقام السياسي، وتأجيل تنفيذ أحكام الإعدام في الوقت الحالي، في ضوء الزيادة الكبيرة في معدل إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها بصورة لم تشهد أي تباطؤ منذ الربع الثاني من عام 2017.
وفيما لم يصدر أي بيان رسمي من وزارة الداخلية أو مصلحة السجون التابعة لها أو النيابة العامة بشأن الإعدامات الجماعية المنفذة، أعلنت مصادر قانونية متطابقة أنها تأكدت من هوية ستة من التسعة الذين تم إعدامهم، عبر التواصل مع أقاربهم الذين أفادوا بتلقيهم اتصالاً من مصلحة السجون لإبلاغهم بالحضور لاستلام جثامين ذويهم بعد شنقهم، وهم: عبد الرحيم عبد الحليم عبد الله جبريل (81 سنة)، وعلي السيد علي القناوي، ومصطفى السيد محمد يوسف القرفش، وعصام عبد المعطي أبو عميرة، وبدر عبد النبي محمود جمعة زقزوق، ووليد سعد أبو عميرة أبو غرارة.
وأكدت المنظمات الموقّعة على البيان أنّ انتهاكات عديدة لحقوق المتهمين وقعت أثناء نظر القضية، من ضمنها غياب المحامين أثناء التحقيقات، وعدم تمكينهم من التواصل مع محاميهم أثناء المحاكمة، فضلاَ عما ذكره المتهمون أمام المحكمة من إجبارهم على الإدلاء بأقوال غير حقيقية، واستناد النيابة إلى تحريات مجهولة المصدر في توجيه الاتهامات؛ وجميعها أوجه إخلال جسيم بحق المحاكمة العادلة، وبالأخص في القضايا المصحوبة بالحكم الأقصى في قانون العقوبات المصري، والذي لا يمكن الرجوع فيه أو تصحيحه.
#بيان_مشترك
— AFTE (@afteegypt) April 28, 2021
تدين مؤسسة حرية الفكر والتعبير و 5 منظمات حقوقية أخرى إقدام السلطات على شنق 9 محكومين، صباح الإثنين الموافق 26 إبريل، وتنفيذ الحُكم في نهار شهر #رمضان ودون إخطار أسر المحكومين أو محاميهم أو السماح لهم بزيارة أخيرة وفق اشتراطات القانون المصري.https://t.co/N13n9M0phq
وذكرت المنظمات الموقعة على البيان أنّ "الوتيرة المتزايدة في تنفيذ أحكام الإعدام لم تعد نمطًا مستجدًا في مصر، حيث شهد شهر مارس/آذار الماضي، شنق 17 شخصًا على الأقل، وبدأ التسارع غير المسبوق والمستمر في تنفيذ الإعدامات مع نهاية 2020، عندما شنقت السلطات المصرية 53 شخصًا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول وحده، ثم 37 شخصًا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو عدد يتجاوز الإجمالي السنوي للإعدامات في السنوات الثلاث الماضية".
وقالت المنظمات الحقوقية إنها ترى أن "خطورة استخدام عقوبة الإعدام بهذا الإيقاع المفرط تكمن أولًا في الافتقار لضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين أثناء سير القضايا، وثانيًا في غياب الشفافية في تداول المعلومات، أو الكشف عن بيانات تتعلق بالقضايا المصحوبة بحكم الإعدام، وهو ما يمنع بدوره فرصة إجراء نقاش مجتمعي واسع حول العقوبة".
وأعادت المنظمات مطالبة الحكومة المصرية باتخاذ الإجراءات الفورية لتأجيل تنفيذ أحكام الإعدام بشكل مؤقت لحين إجراء نقاش مجتمعي واسع حول العقوبة، ودراسات منهجية حول قدرتها على الردع، ومنع تكرار الجرائم، والنظر في تقليل عدد الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام، وإعادة النظر في قانون الإجراءات الجنائية، وسد الثغرات الموجودة فيه، والتي تخل بحقوق المتهم وحق الدفاع ليصبح متسقًا مع نصوص الدستور المصري، وتنفيذ الالتزام الدستوري بتعديل تشريعي يسمح باستئناف أحكام الإعدام الصادرة عن دوائر الجنايات.
كما طالبت المنظمات بإعادة إصدار تقارير دار الإفتاء المصرية السنوية بخصوص الآراء التي يبديها مفتي الجمهورية في قضايا الإعدام، والتي توقفت في عام 2012؛ وتتضمن التقارير مراسلاتها مع محاكم الجنايات المختلفة، وأعداد القضايا التي قام مفتي الجمهورية بالتصديق فيها على إعدام المتهمين كخطوة أولية في الشفافية وتداول المعلومات.
والمنظمات الموقّعة على البيان هي: "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمركز الإقليمي للحقوق والحريات، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير".